تمر اليوم الذكرى الخامسة على إعلان العلماء من مرصد ليغو عن الرصد الأول المباشر لأمواج الجاذبية التي تنبأت بها نظرية النسبية العامة لأينشتاين منذ نحو 100 عام، حيث أعلنوا ذلك في مثل هذا اليوم 11 فبراير عام 2016، وقال العلماء أن الأمواج نتجت عن تصادم لثقبين أسودين.

وفي الفيزياء، الأمواج الثقالية هي تموجات في انحناء الزمكان تنتشر على شكل أمواج، منتشرة من المصدر إلى الخارج، وتنبأت نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين عام 1916 بوجودها، وتنقل الأمواج الثقالية الطاقة على شكل موجة ثقالية، وتكون الأمواج الثقالية أمواجًا عرضية (أي أن التردد هو في طريق انتشار الموجة) ذات طاقة معينة تنتقل عبر الزمكان.
 
وطبقًا لنظرية النسبية، فإن كل جسم ذي كتلة يحدث تغيرًا في شكل الزمكان (تمدد وتقلص)، ويمكن للأجسام على هذا الأساس أن تحدث اهتزازات في الزمكان تسمى أمواج ثقالية، وفي النسبية العامة ما يتم ملاحظته كقوة جاذبية في الميكانيكا الكلاسيكية يفسر على أنه حركة الأجرام بالنسبة لبعضها البعض حسب ما تسببه كل منها من انحناء في الزمن وفي المكان (الزمكان) بسبب كتلتها وهي حركة تتبع خطوطا جيوديسية في فضاء الزمكان.
 
فمثلًا الكواكب تدور في أفلاك دائرية حول الشمس، ولكن من وجهة النظرية النسبية تحدث الشمس في الزمكان تقوّسًا يشبه القمع (مخروط) يجعل الكوكب يدور حول الشمس داخل قمع الجاذبية هذا، ولا يستطيع الكوكب الفرار خارج قمع الجاذبية هذا وبالنسبة للنظرية النسبية تكون حركة الكوكب في خط مستقيم، ولكننا نشاهدها على أنها دوران حول الشمس، ذلك بسبب انحناء الزمن والمكان.
 
وهذه الأمواج، حسب النظرية، أمواج ضعيفة جدًا مما يجعل من الصعوبة قياسها فحركة الأرض حول الشمس مثلًا تنتج أمواجًا ثقالية تعادل في طاقتها 200،000 واط تقريبًا وهي طاقة صغيرة جدًا بالمقارنة بطاقة الأرض، وثمة جهود مستمرة للكشف عن الأمواج الثقالية باستخدام مقاييس التداخل في الأرض والفضاء ومن خلال التوقيت الدقيق للنجوم النابضة.
 
ومن شأن هذه الأرصاد أن تغير فهمنا للفيزياء الفلكية، والكونيات، والفيزياء الأساسية وتوفر الأمواج الثقالية فرصة لاستكشاف فريد لأكثر أنظمة الكون تطرفًا، ابتداءً بنشأة الثقوب السوداء فائقة الكتلة المندمجة، إلى النجوم المزدوجة التي تدور بما يقارب سرعة الضوء، وحتى الانفجار العظيم، إلا أن التحدي في علم الفلك الخاص بالأمواج الثقالية يكمن في رصد الموجات، ومن ثم فك ترميز الإشارات لاستخراج المعلومات التي تحتويها.
 
ولتصور الجاذبية كما اقترحها أينشتاين، يمكن تشبيه الزمكان بصحيفة مطاطية مسطحة، فإذا دحرجنا كرة طاولة فوق صحيفة فهي ستتحرك بمسار مستقيم، كأي شيء يتحرك بخط مستقيم بغياب الجاذبية. أما إذا وضعنا كرة بولينغ في وسط الصحيفة فإن الصحيفة ستتمطط، وهذا هو انحناء الزمكان بسبب الجاذبية.
وإذا دحرجنا كرة الطاولة مرة أخرى عبر الصحيفة فإنها الآن ستتبع المسار المنحني، أي أنها ستنجذب نحو كرة البولينغ بسبب جاذبيتها، وعندما تتحرك الأجسام الثقيلة فيتوجب أن يتغير انحناء الزمكان لمتابعة مواقعها الجديدة، ويحتاج الزمكان وقتًا لذلك، إذ لا يمكن للمعلومات أن تنتقل بأسرع من سرعة الضوء.
 
ولذلك فإن التموجات في الزمكان تشبه التموجات التي تظهر على سطح بركة عند تحريك السطح، وهذه التموجات في الزمكان هي الأمواج الثقالية ويعتبر الإشعاع أو الضوء الكهرمغنطيسي من الأشكال المألوفة أكثر للموجات، وتمثل الأمواج الكهرمغناطيسية ذبذبات في المجالين الكهربائي والمغناطيسي، في حين أن الأمواج الثقالية تنتج عن تذبذبات في الزمكان، وتنشأ الأمواج الكهرطيسية من الشحنات المتسارعة، بينما تنشأ الأمواج الثقالية من الكتل المتسارعة.
وفي الأمواج الثقالية نحتاج كذلك إلى انعدام التناظر في النظام لإنتاج الإشعاع، فمثلًا نحتاج إلى نظام ثنائي وليس فقط لجسم أحادي "عديم الدوران"، ويمكن اعتبار ذلك نتيجة للحفاظ على الزخم.