أحمد علام
فى المناظرة الكاملة فى عام 98 بين نوال السعداوى والشيخ يوسف البدرى قال لها الرجل رجل والمرأة إمرأة فالتفاح ليس مشمش والمشمش ليس تفاح فقالت له هذا صحيح فالحمار ليس أسدا ولا الأسد يكون حمارا
منذ منتصف السبعينات خصص الشيخ كشك خطبا كاملة على المنبر للتخويف من نوال السعداوى وهاجمها المشايخ عبد الحليم محمود وشلتوت مرورا بيوسف البدرى ومحمد حسان ومحمد عمارة الذى واجهته مرات فى مناظرات ووصولا لعبد الله رشدى كما ان معظم صديقات الفيس بوك واللاتى كن منتميات لجماعات سلفية كتبن أن مشايخهن كانو يحذرنهن بضراوة من نوال السعداوى وفكرها وكتبها والحقيقة أن ذلك يدعو لسؤال عن سبب خوف كل الأصوليين من نموذج نوال السعداوى كإمرأة
وقد تجد الجواب فى ماكتبته السعداوى حيث قالت
( قد يصبح الرجل المتمرد أو الثائر بطلا شعبيا يحترمه الناس لكن المرأة الثائرة المتمردة تبدو للناس شاذة غير طبيعية أو ناقصة الأنوثة أو حتى عاهرة وتدفع النسوة من دمهن ثمن العار لأن الرجل و إن اغتصب المرأة لا يصيبه العار فالشرف للرجل وإن خان ودم الرجل إن سال فله ثأر وله فدية لكن دم المرأة لا فدية له ولا ثأر )
فنوال السعداوى تسقط بالمنطق سلاح الترهيب بالقداسة وهو غطاء لكل فكر هش و مرتعش وضعيف يلجأ إليه رجال الدين حين يفشلون فى الإقناع بمنطق إذا لم تقنعه فأرهبه كما تقاوم بالمنطق أيضا أركان دولة الذكورية الدينية وإستغلال المرأة وإستعبادها بأن تضئ لها الطريق فتفتح لها المسكوت عنه فى حقوقها وكرامتها ودورها كما أن نوال بمواجهتها لمحمد عمارة ويوسف البدرى واساطين الأصولية الدينية فى مناظرات علنية قد أسقطت سلاح الترهيب بالقداسة المصطنعه لما ليس مقدسا بل لفتاوى وفقه بشرى يقوم على سجن المرأة داخل إطار ذكورى تفقد داخليه كيانها وذاتها بالتخويف من التمرد
وكمايقول سقراط (أن الخوف يجعل الناس أكثر طاعة وأكثر حذرا وأكثر عبودية) - فحين يفشل رجال الدين فى الإقناع فإنهم يلجأون لإشهار سلاح التخويف المغطى برهبة القداسة فى وجه كل ناقد أو متساءل أو مصلح - وقد نجحوا على مدار نصف قرن من ترسيخ وصم كل من يخرج عن إطارهم بالكفر أو الإنحلال أو إذدراء الدين أمام مجتمع تعرض لجرعات دينية مشوهة مركزة طيلة عقود - مما سبب عدم قدرتنا على معالجة وتحجيم أمراضنا المجتمعية ذات البعد الديني والجرائم المترتبة عليها والمنتشرة بمجتمعنا من تمييز وعنف وذكورية وفساد وتحرش وإنتهاك للخصوصيات وغيرها - ولتغييب المجتمع والمحافظة على عروشهم شوه رجال الدين منهج التفكير وحذروا من البحث وتبادل المعارف والثقافات الإنسانية خارج الإطار الدينى و المذهبي مما سبب جمود للعقل الجمعى فنتج التنافر بين مكونات المجتمع الواحد وعدم تقبلنا للرأي الآخر ورفضه والخوف من التجديد فأصبحنا نقرأ التاريخ بلا نقد ونردد الموروث بلا سؤال فبقيت مملكة رجال الدين معصومة - وقد حان الوقت لنهدم تلك العصمة ونفصل بين الأديان كمعتقدات وبين سلطة الأديان متمثلة فى مؤسساتها الجامدة برجالها وأى تراث يعادى حرياتنا الإنسانية كما فعل الأوربيين بعد مئات السنين من الهيمنة الكهنوتية الدموية والمتسلطة - وعلينا ألا نخضع لسلاح الترهيب والتخويف الذى واجهه طه حسين وكادوا أن يسجنوه وواجهه الشهيد فرج فودة حتى إغتالوه وواجهه نصر حامد حتى نفوه وكذلك القمنى- وواجهته نوال السعداوى فحاولوا إغتيالها معنويا ولكنها بقيت كالصخرة -التى جثمت على جبل بكل ثقله فهزمته
نوال السعداوى التى يشرعن الأزهر الأن فى فتاويه ما طالبت به هى من نصف قرن كمنع الختان وتقنين عقوبات لضرب الزوجات وإعادة تأويل أية وإضربوهن هى تمثل مصر متوجة المرأة كأول إلهة فى الحضارات القديمة وكأول ملكة تحكم - والأن فإن سلطة هؤلاء الأوصياء تتراجع وتخندقوا للدفاع بعد عقود من الهجوم والترهيب - ولا تراجع حتى تحقيق دولة المواطنة الحديثة بدستورها الذى سيرجع الأوصياء لمعابدهم.