هاني لبيب
كتاب موسوعى مرجعى تجاوز 2500 صفحة، وهو الأول من نوعه باللغة العربية يقدم تفسيرًا عربيًا شرقيًا لواحد من أهم المرجعيات الدينية. إنه «التفسير العربى المعاصر للكتاب المقدس».
صدر الكتاب عن دار الثقافة ودار لانجهام الدولية المتخصصة فى إصدار تفسيرات الكتاب المقدس على مستوى العالم، والمحرر المسؤول عنه هو الدكتور القس أندريه زكى، وهو عمل موسوعى يمثل أول إنتاج عربى له أبعاد فكرية لاهوتية وثقافية واجتماعية بهذا الحجم، كما أنه جهد جماعى لـ 48 باحثًا وباحثة من المتخصصين وعلماء اللاهوت ورجال الدين المسيحى من الطوائف المسيحية من 6 دول عربية هى: مصر ولبنان والعراق والأردن وفلسطين والكويت، ويتضمن 106 مقالات عامة ومتخصصة.
وما يزيد من أهميته أن الكتب السابقة فى غالبيتها العظمى مترجمة، وكانت محل انتقاد متكرر، لأن سياقها لا علاقة له بسياق الوجود المسيحى فى الدول العربية، فضلًا عن أن الكتب المؤلفة باللغة العربية لا ترتقى للأعمال الموسوعية.
يتميز «التفسير العربى المعاصر للكتاب المقدس» بأنه قدم تفسيرات حديثة تتوافق مع مشكلات العصر، وفى الوقت نفسه قدَّم آراءً واضحة فى القضايا المعاصرة، وعلى سبيل المثال: الأخلاق والبطالة والتجديد الدينى والتعددية والتعصب والتفكير العلمى والعدالة والعمل والفساد والهجرة والهندسة الوراثية والهوية، وهى جميعها قضايا شائكة محل اختلاف والتباس بين المفكرين والمثقفين، مما يضاعف من أهمية هذا العمل الموسوعى الذى يمنح أصحابه الريادة، إذ إنه تفسير عربى هو الأول من نوعه، لكن هذا الجهد يحتاج إلى الاستمرارية والتحديث المستمر.
ما أود التأكيد عليه أن «التفسير العربى المعاصر للكتاب المقدس» هو بداية حقيقية لتجديد الفكر الدينى، لأنه كلما رسخنا لمفهوم إنتاج فكر حقيقى تمكّنّا من إيجاد خطاب دينى معتدل ومتوازن يدعم القيم الإنسانية العامة، وفى مقدمتها منظومة المواطنة بما تحتويه من قيم قبول الاختلاف والتسامح والتعددية والحوار. وهو مطلب دائم ومتكرر.
يمثل هذا التفسير فى تقديرى تجاوزًا حقيقيًا للحساسية الطائفية بين أتباع الكنائس الثلاث (الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية)، لذا فهو يحتاج إلى الترويج الحقيقى بين رجال الدين وعلمائه، ليكون نواة حقيقية لمساحة مشتركة للاتفاق حول القضايا العامة، بغض النظر عن الاختلاف فى بعض الأمور الطائفية، فالكتاب الموسوعى ليس مقصورًا على تفسير الكتاب المقدس، ولكنه يشتبك مع العديد من القضايا المجتمعية التى لاتزال محل جدل والتباس فى الموقف الدينى، مثل: ختان الإناث وزرع الأعضاء ودور المرأة فى الكنيسة، وهى جميعها قضايا لم تُحسم دينيًا بالشكل الكامل، ومازالت الاجتهادات فيها تصل إلى حد التناقض.
نقطة ومن أول السطر..
«التفسير العربى المعاصر للكتاب المقدس» هو محاولة لتقديم تفسير متوازن، وبداية لتقارب حقيقى بين الطوائف المسيحية ووجهات نظرها حول التحديات والمشكلات المشتركة والمواقف المقترحة منها.
نقلا عن المصرى اليوم