خالد منتصر
منذ أيام رحل عنا الشاعر الفلسطينى الكبير مريد البرغوثى، الذى كان يعتبر مصر وطنه الثانى، قصة عشق الوطن فلسطين والزوجة رضوى مثلت معظم قاموس وأبجدية الكتابة لديه، من أهم الكتب التى لا بد أن تكون فى مكتباتكم كتابه العذب من الشعر المنثور وقبسات نور السيرة الذاتية المضنية «رأيت رام الله»، وهذه هى بعض تغريداته واقتباسات من كتاباته الرائعة:
• علّمتنى الحياة أن علينا أن نحب الناس بالطريقة التى يحبون أن نحبهم بها.
• أنا أكبر من إسرائيل بأربع سنوات، والمؤكد أننى سأموت قبل تحرير بلادى من الاحتلال الإسرائيلى. عمرى الذى عشت معظمه فى المنافى تركنى محملاً بغربة لا شفاء منها، وذاكرة لا يمكن أن يوقفها شىء.
• أنتِ جميلة كوطن محرر، وأنا متعب كوطن محتل.
• أنتِ حنونة كالرذاذ.. وأنا أحتاجكِ لأنمو!
• أكثر ما يُفزعنى أن نعتاد الموت، كأنه حصة وحيدة أو نتيجة محتومة علينا توقعها فى كل مواجهة.
• المظلوم يخسر إن لم يكنْ فى جوهره أجمل من الظالم.
• حين ذهبتِ، حقلٌ من عباد الشمس تلفّت نحوكِ وتخلى عن وجه الشمس. يا رضوى إنى والقمر والنجمات نسير إليك الليلة.
• عدو المرأة الحرّة ليس الذكر المتعالى فقط بل عدوتها أيضاً المرأة الراضية بالعبودية.
• لا غائب يعود كاملاً، لا شىء يستعاد كما هو.
• أقول لنفسى بعض الأوطان هكذا:
الدخول إليه صعب،
الخروج منه صعب،
البقاء فيه صعب.. وليس لك وطن سواه..!!
• لماذا هناك دائماً خيطٌ من الخوف فى قماش الطمأنينة؟
• بلادُ الموتِ تفتح لى حُدودا
دون أختامٍ،
وتستعصى على عينى بِلادى
• أنا لا سرير يدوم لى
لا سقف يألفنى طويلا
أما الأحبة لست ألمسهم،
وإن قالوا «الإقامةَ»
قلت بل قصدوا «الرحيلا».
• اخرُج من أقرب بوابة يائسة أيها الحزن، ودعنى أستبدل بك ابتسامتها التى تُذهب حزن الرائى، فابتسامتها رأى، وموضع خطوتها رأى، وعناد قلبها رأى.
• الغريب يفضل العلاقة الهشة، ويضطرب من متانتها. المشرد لا يتشبث. يخاف أن يتشبث، لأنه لا يستطيع. المكسور الإرادة يعيش فى إيقاعه الداخلى الخاص. الأماكن بالنسبة له وسائل انتقال تحمله إلى أماكن أخرى، إلى حالات أخرى، كأنها خمر أو حذاء.
• تحت الاحتلال تهتز مشاعر الإنسان بالسرور الحقيقى لمجرد حصوله على أنبوبة بوتاجاز أو ربطة خبز أو تصريح مرور أو مقعد فى الباص، يفرح لوجود حبة الضغط فى الصيدلية ولوصول سيارة الإسعاف قبل أن يموت مريض يخصه، يسعده وصوله سالماً إلى البيت، تسعده عودة التيار الكهربائى، يطربه تمكنه من المشى على الشاطئ، يرقص لأتفه فوز فى أى مجال حتى فى لعب الورق.
هذه الهشاشة الإنسانية فى أرق صورها تتجلى بأبعاد أسطورية فى صبره الطويل عندما يصبح الصبر وحده مخدّات لينة تحميه من الكابوس.
نقلا عن الوطن