كتب : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
قالت " أحببت القرأءة جدًا .. وكان لى نشاط مدرسى منذ أن كنت طفلة , فقد كنت جيدة جدا فى كتابة موضوعات الإنشاء لدرجة أننى مازلت محتفظة بكراسة مكتوب عليها ( أكثر من ممتاز) و عن وصف ثمرة برتقال .. كتبت أقول أن فصوص البرتقال شقيقات ومن يأكلهن يفرق بين الأشقاء عن بعضهم .. فاندهشت المُعلمة إذ كيف طرأت هذه الفكرة وذلك المعنى على ذهن طفلة فى الثامنة من عمرها وتصورت المعلمة أن ظروفى العائلية مضطربة وأنا أعبر عنه من خلال حديثى عن البرتقال .. فسألتنى فى ذلك فأكدت لها أنى أعيش مع أسرتى حياة سعيدة .. فتعجبت معلمتي ، وبداية من ذلك الموقف ودلالته كان حبي للكتابة والكتاب والقراءة بشغف وسعادة.. " ..
وصاحبة حكاية " فصوص البرتقالة " ومحررة تلك الصفحة من ذكرياتها هي الكاتبة الكبيرة والسيناريست المبدعة والإعلامية الرائدة " كوثر هيكل" التي رحلت عن دنيانا منذ أيام بعد رحلة عطاء عظيمة امتدت لأكثر من نصف قرن قدمت خلالها للفن السابع ودنيا الدراما التليفزيونية مجموعة متميزة وذات خصوصية إبداعية من الأفلام والسهرات والمسلسلات التي أكدت أنها امتداد طبيعي لحدوتة " فصوص البرتقالة " التي رأت وهي طفلة بمشاعر تفيض رقة وعذوبة أن ترفض فصل فصوص البرتقالة ولا تقبل تفتيت الجسد الواحد ..
إنها كاتبة الحوار الرائع لفيلم " حبيبي دائمًا" .. ومن ينسى بطل الفيلم وهو يقول لمحبوبته "هخليكي أسعد إنسانة، مش هسيبك لحظة واحدة، ما اقدرش استحمل بعدك عني، هتكوني معايا في كل خطوة، يوم بيمر كأنه ساعة ويوم بيمر كانه سنة، وكلها أيام "، لترد محبوبته قائلة "إنت اديتني أجمل أيام العمر، انا عشت معاك دنيتي اللي بتمناها مش عايزه أكتر من كده، فيه ناس كتير عاشوا وماتوا من غير مايعرفوا ايه هو الحب وإيه معنى السعادة وأنا عيشت كل لحظة معاك بحب"، هذه الجمل الحوارية وغيرها تعد من أبدع المشاهد الرومانسية في السينما المصرية ، والذي يراها الكاتب والناقد الجميل " محمود عبد الشكور " أنها تحولت الى أيقونة للرومانسية، وفي ظهور اسم كوثر هيكل على أعمال تليفزيونية جميلة مثل مسلسل "عصفور في القفص"، الذي أبدع في تمثيله زوجها الفنان الراحل الكبير أبوبكر عزت، وعلى أعمال سينمائية كثيرة مميزة مثل "إمبراطورية ميم" و"دمي ودموعي وابتسامتي" و"على ورق سوليفان"…..
ولكن عندما سألوا الراحلة المبدعة " كوثر هيكل "منذ سنوات : كيف ترين الحب فى عصر الكمبيوتر ؟ ، قالت " الحب سوف يظل موجودا .. وإن كانت أساليب التعبير عنه قد اختلفت وكذلك حوار الحب قد اختلف ايضا .. ففى الماضى كانت كلمات الحب الحلوة هى التعبير والجسر الذى تمر عليه القلوب العاشقة وأنا لا أعتقد أنه فى الوقت الحالى هذا يحدث حتى بالنسبة للصغار فالكلمات الجميلة والغزل البديع والتغنى فى العين ورمشها وكل هذه الرقة لم تعد هى وسائل الحب التى تقنع حبيبة أبدا .. أى نعم الكلمة ستظل لها سحرها فى نفوس المحبين ولكن الكلمة طعمها تغير .. فأسلوب التعبير أصبح أكثر صدقًا وإيجازًا وعمقًا وارتباطًا بالواقع.."..
أما أهل الفن والإبداع ، فلم يشارك منهم في مشهد وداع الراحلة العظيمة وفق معظم المتابعات الإعلامية إلا نفر قليل جدًا .. نعم ، غاب عن الجنازة معزوفة " لحن الوفاء " !!