سليمان شفيق
وعمدة باريس تريد اغلاق العاصمة للقضاء علي الفيروس
تأثير جائحة فيروس كورونا لم يتوقف على مجالات الصحة والاقتصاد والمجتمع بل تجاوزها إلى مجالات أكثر خصوصية، تتعلق بالحياة الحميمية للأفراد. ففي فرنسا أظهرت عدة دراسات أن حياة الناس تأثرت جليا بهذا الوباء من حيث ارتفاع عدد حالات الطلاق والخلافات العائلية، إضافة إلى زيادة الطلب على المواد والأدوات الجنسية والإقبال بشكل أكبر على مواقع التعارف واللقاءات. دراسات فرنسية ربطت بين هذه الظواهر الجديدة ووقع الحياة اليومية مع ظهور الفيروس في فرنسا، إليكم بعض الشهادات التي حصلنا عليها
نسبة العزوبية في فرنسا مرتفعة
في فرنسا، نشر المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية بحثا بيّن أن نسبة العزوبية بلغت في ديسمبر 2020 21 بالمئة، وهو رقم في تصاعد مستمر منذ عشر سنوات بحسب هذه الدراسة.
خُمس سكان فرنسا إذا يعيشون حياة العزوبية. ومنذ بداية الأزمة الصحية العالمية ومع فرض الحجر الصحي الأول في مارس الماضي إلى حدود مايو 2020، اختبر الكثير من الفرنسيين لأول مرة التعايش الدائم مع الأزواج أو أفراد عائلاتهم الآخرين. وهذا الاختلاط والاحتكاك الجديد وغير المتوقع كان له تأثير على النشاط الجنسي وعلى العلاقات الحميمة بحسب عدة شهادات تداولتها بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي وأخرى تمكنا من الحصول عليها. فإما أن الحجر الصحي قوّى العلاقات الزوجية أكثر من ذي قبل أو على العكس من ذلك، دمّرها وقوّضها من أساسها.
إيفوب، المؤسسة الفرنسية لاستطلاعات الرأي العام نشرت في 4 مايو 2020، دراسة اعتمدت على شهادات 3045 شخصا تبلغ أعمارهم 18 عاما وأكثر، بينت أن الحياة الجنسية شهدت انخفاضا ملحوظا خلال الحجر الصحي الأول في فرنسا بين 15 مارس و11 مايو 2020. حيث أن نسبة الفرنسيين الذين لم يمارسوا الجنس في شهر أبريل الماضي ناهزت (44٪) وهي تقريبا ضعف النسبة المعتادة (26٪).
هذا الانخفاض في النشاط الجنسي أثر خلال الحجر الصحي الأول على الأشخاص غير المرتبطين وأيضا على الأشخاص الذين يعيشون تحت سقف واحد حيث تراجعت النسبة بحوالى 11 بالمئة.
بروز ظواهر جديدة خلال الأزمة الصحية:
من بين النتائج الطبيعية لهذا الوضع الصحي الجديد وغير المعتاد برزت عدة ظواهر جديدة، بينها الإقبال أكثر على المواد الإباحية والبورنوغرافية على الإنترنت وأيضا اقتناء الألعاب الجنسية من المتاجر الإلكترونية خصوصا، وكذلك اللجوء إلى مواقع التعارف التي شهدت إقبالا منقطع النظير خلال هذه الأزمة الصحية. إقبال تجسد على سبيل المثال في اشتراكات وحسابات جديدة وتسجيل أوقات محادثات أطول، بحسب ليلي جيلاني ليراد المتحدثة باسم تيندر عملاق تطبيقات التعارف والمواعدة.
تطبيقات التعارف سجلت أرقاما قياسية:
تطبيق ميتيك مثلا سجل ارتفاعا من حيث عدد الرسائل المتبادلة خلال صيف 2020 مقارنة بعام 2019 بأكثر من 26 بالمئة. وكذلك الأمر بالنسبة لتطبيق تيندر الذي سجل في التاسع والعشرين من مارس 2020 رقما قياسيا من حيث استخدام التطبيق حيث بلغ ثلاثة مليارات في جميع أنحاء العالم. وفي فرنسا، زاد عدد المحادثات اليومية على هذا التطبيق بنسبة 23 بالمئة منذ بدء الحجر الصحي الأول، حسب مقال نشر على موقع "ليز إيكو".
وفي حال انتهاء هذه الأزمة الصحية، يبدو أن آثار كوفيد-19 على حياة الأشخاص العاطفية والجنسية ستتواصل وتتغير، خصوصا مع بروز عادات جديدة قد تعزز الشعور بالوحدة لدى البعض
عمدة باريس تريد اغلاق المدينة:
لذلك قال مقربون من "آن هيدالغو" ، عمدة باريس انها تنوي تقديم طلب لدى السلطات لأجل فرض حجر صحي بالعاصمة الفرنسية لثلاثة أسابيع بهدف وقف تفشي السلالات المتحورة من وباء كوفيد-19. فقد أشار إيمانويل غريغوار، وهو نائب هيدالغو الأول، خلال مؤتمر صحفي أن حظر التجوال الذي فرضته حكومة جان كاستكس غير كاف لوقف ارتفاع حالات الإصابة. لكن المعارضة بالمجلس البلدي في باريس انتقدت هذا المقترح وقالت "هناك إجراءات صحية بديلة يمكن اتخاذها قبل الوصول إلى الحجر الصحي"
هذا ما اكدة النائب الأول لعمدة باريس آن هيدالغو ، أن الأخيرة تريد فرض حجر صحي صارم مدته ثلاثة أسابيع في العاصمة الفرنسية بهدف الحد من انتشار وباء كوفيد-19
وقال إيمانويل غريغوار إن "حظر التجوال الذي فرضته السلطات الصحية [من السادسة مساء للسادسة صباحا] لم يعد كافيا لوقف انتشار الوباء، والدليل على ذلك ارتفاع نسبة المصابين بالوباء في باريس خلال الأسبوع الماضي إذ تجاوز 300 إصابة من أصل 100.000 شخص بينما لم يتجاوز المعدل على مستوى فرنسا 207 إصابات".
وتأتي هذه التصريحات فيما تسجل عدة مناطق فرنسية ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات بكوفيد-19 لا سيما على مستوى بعض المناطق الفرنسية مثل منطقة "الألب البحرية" (جنوب شرق) ودنكيرك (شمال)، ما جعل وزير الصحة أوليفييه فيران يفرض حظرا صحيا شاملا خلال يومي نهاية الأسبوع.
منع تناول الكحول في شوارع باريس:
وقد شهدت باريس وضواحيها في الأيام الأخيرة سطوع شمس في سمائها، ما أدى بالسكان إلى التجمع بكثافة في الحدائق العامة وأماكن الترفيه الأمر الذي عزز من مخاوف انتشار العدوى بينهم. من جهتها، وفي خطوة لتقليص انتشار الوباء، منعت محافظة باريس تناول الكحول في شوارع العاصمة للحيلولة دون تجمع الشبان.
وأكدت البلدية أن "كل شيء مطروح على الطاولة". ويتوقع أن ترسل هيدالغو اقتراحاتها لمحافظ باريس الأربعاء المقبل في أقصى حد
لكن اقتراح هيدالغو بفرض حظر صحي تام لم يلق ترحيبا واسعا لدى أحزاب المعارضة، إذ اعتبرت الناطقة باسم حزب "الجمهوريون" نيلي غارنييه "أن نية البلدية غامضة وغير مفهومة."
وقالت غارنييه: "التجربة علمتنا أننا لن نتخلص من الوباء خلال ثلاثة أسابيع. اقتراحات آن هيدالغو لها طابع سياسي فضلا عن أنها ستخلق لدى العائلات نوعا من القلق".
وأضافت: "لا يجب المطالبة بفرض إجراءات صحية إضافية لأن الناس ملوا هذا الوضع"، مشيرة "في حال تم فرض الحجر الصحي في باريس، فهذا يعني أنه سيشمل الضواحي المجاورة لها"، متسائلة: "هل سيتوقف وباء كوفيد-19 على أبواب الطريق السريع الذي يحيط بالعاصمة؟".
لماذا هذا الذعر في بلدية باريس؟
نفس الموقف اتخذه ممثل الحزب الحاكم "الجمهورية إلى الأمام" في بلدية باريس سيلفان مايار، والذي أكد أنه "لم يتفهم حركة الذعر التي أصابت إيمانويل غريغوار". وقال: "يجب أن يبقى الحظر الصحي الخيار الأخير. هناك حلول كثيرة أخرى يمكن اتخاذها قبل ذلك، من بينها تقليص عدد الزبائن في المحلات التجارية أو إجراءات مشابهة مع تلك التي اتخذتها محافظة نيس الأسبوع الماضي".
من جهتها، وصفت رئيسة منطقة "إيل دو فرانس" (المنطقة الباريسية) فاليري بكريس اقتراح آن هيدالغو بأنه "وهم". وقالت في تصريح لصحيفة "لوباريزيان": "كيف سنعمل في منطقة يتنقل فيها يوميا ملايين الناس من أجل العمل ويستخدمون المواصلات العامة، ويسافرون من ضاحية إلى أخرى؟".