سحر الجعارة
بعينىّ رأيت «زوجة حاملاً» تُضرَب بكرسى من زوجها ليستولى على مصاغها ثمناً للمخدرات، وبعدما طُلّقت لم يرَ ابنه حتى الآن ولم ينفق عليه مليماً (رغم ثراء عائلته).. تكفلت الأم، «ربة منزل»، بتربيته من ميراثها عن أبويها حتى زوّجته ورُزقت بأحفاد.. وعايشت يوميات «إعلامية شهيرة» ما إن تزوجت بعد طلاقها حتى انتزع طليقها الطفل من حضنها لحضانة والدته، وقبل أن تُطلّق لتسترد الطفل كان قد هرّبه إلى سويسرا مع جدته ولم يظهر إلا بعدما تجاوز مرحلة «حضانة الأم» التى عاشت «وحيدة» تبكيه وتنتظره.. كانت تضع مساحيق التجميل لتطل على الشاشة، ثم تغرق فى دموعها ونحن نواسيها.. إن شاءت وقتها أن تسترد طفلها كان لا بد أن تتحرك وزارة العدل «المحكمة» ووزارة الداخلية «موانئ السفر» ووزارة الخارجية «لتنفيذ حكم الحضانة».. وأن تتفرغ حكومة مصر لتبحث عن «عيل تايه» اختطفه أب لم يربِه وعاش يتزوج ويطلق مراراً وتكراراً وأنجب وتمتع بأطفال غيره.. لم يشفع للأم إلا بلوغ الولد «سن الرشد» لتضمه رجلاً!!.
يسألونك كيف تكون الحضانة للأم ووالدتها ثم جدته لأبيه.. حتى تصل إلى الأب، وأنا أسأل ببساطة: ألم يكن الرجل ترتيبه الـ16 فى الحضانة وارتفع إلى المركز الرابع.. أسأل كيف يربى الأب «بنتاً على وشك البلوغ»، هل يعلمها كيف تستقبل مرحلة الطمث وتتعامل معها؟ هل يعلمها فنون الطهى وأدب الأنوثة؟ هل يجلس الأب «المشتغل بالطبع» ليراقب الصبى الذى يترك مذاكرته ويتفرغ لمشاهدة أفلام البورنو على الإنترنت، أم أنه يفتش عن إرضاء نزواته بزوجة أو عشيقة كل يوم؟! لم يضع قانون الأحوال الشخصية، الذى يناقشه مجلس النواب حالياً، طفل الطلاق فى المرتبة الأولى، بل تحول الطفل إلى «ورقة مساومة» يسترد بها الرجل «شقة الحضانة» ليتزوج بأخرى.. لم يضع القانون «ضوابط استضافة الأب» إذا كان فى حضانة الأم، أهمها عدم تغيير اسم الطفل إلا بموافقة الطرفين وكذلك عدم مغادرة البلاد دون موافقة الطرفين.. بينما ينص القانون على عدم جواز سفر الأم الحاضنة بأطفالها دون موافقة كتابية من الطرف غير الحاضن، وهو الأب.. وكذلك عدم قدرتها على استخراج أى أوراق رسمية للأطفال أو اتخاذ قرارات الولاية التعليمية دون إذن كتابى منه، لكننا نتحدث عن قانون «نزع أهلية المرأة».
فى القانون الحالى الذى صاغه الأزهر الشريف، كتبت آنذاك هنا فى «الوطن»، مارس 2019: «المرجعية الدينية تمارس دور ولاية الفقيه».. بعدما أعلن الأزهر عن إعداد قانون جديد «للأحوال الشخصية وأحكام الأسرة» والانتهاء من صياغة 40 مادة من مواده.. وظهر شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» على الشاشة ليقول: «حين يتصدى الأزهر لمشروع قانون الأحوال الشخصية فهو يزاول عمله وواجبه الأول بحكم الدستور وبحكم القانون وحتى بحكم العامة هنا».. والحقيقة أنه ليس دوره ولا واجبه، لأن الأزهر بذلك يفتئت على السلطات القضائية والتشريعية المستقلة.
وقتها شنّ النائب «محمد فؤاد» هجوماً حاداً قائلاً: «إنه لا يليق بمؤسسة الأزهر أن تحتكر القوانين التى تقدَّم إليها، وتشرّع قانوناً من تلقاء نفسها».. وأضاف النائب: «هناك خيط رفيع جداً بين المرجعية الدينية وبين ولاية الفقيه، والأزهر هنا دوره إبداء الرأى الشرعى فقط»!
فى قانون «ملالى السنة» النساء بالطبع «ناقصات عقل ودين»، (لاحظ أنه قانون دينى رغم أنه يطبق على المسيحيين فى حالة اختلاف الملة)، وبالتالى فالجارية المملوكة للرجل بعقد شرعى ليس من حقها حتى أن تختار شريك حياتها ولو كانت وزيرة أو تجاوزت الستين عاماً، لأن أى «ذكر» فى العائلة من الأقارب له أن يرفع دعوى تطالب بفسخ عقد الزواج خلال عام من عقده إذا رأى عدم وجود تكافؤ فى الزواج، أو عدم حصولها على مهر مناسب، وهو ما اعتبره البعض انتقاصاً من أهلية المرأة كشريك فى الزواج.. وهذا يعتبر «سوق نخاسة» جديدة تعطى لرجال القبيلة، (التى تحكم الدولة من الباطن)، الحق فى تحديد «سعر المرأة» فما الذى تبقّى لتفعله بنا «داعش»!
هذا البند يعصف بدستور البلاد فى المادة 11 التى تنص على أنه: (تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور.. وبعد عدة نقاط: تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً)، طبعاً لا يتحدث «الملالى» عن الدستور لأنهم يحكموننا تحت غطاء دستورى.. لكن نسأل الدكتور «مصطفى مدبولى»، رئيس الحكومة، كيف وافقت على إحالة هذا القانون لمجلس النواب قبل مراجعته فى وزارة العدل على الأقل؟ نسأل سيادة رئيس الجمهورية «عبدالفتاح السيسى»: ماذا سنفعل فى نائبات مجلس الشعب والوزيرات وهن تحت «ولاية» أصغر «غلام» فى الأسرة؟ وهل يجوز للمرأة أن تصبح قاضية ووزيرة، وهى لا تملك قرار تزويج نفسها؟
ملحوظة: الشرع يشترط حضور وكيل الزوجة إن كانت بكراً، أما «الثيب»، أى المطلقة أو الأرملة، فتزوّج نفسها.
أنا أعلم من مصادر مؤكدة أن «المجلس الأعلى للمرأة» سجل تحفظاته على عدة مواد، وأنه خاطب كل الجهات.. وأثق بالمجلس الذى يتبنى 67 ألف قضية لمطلقات لا يجدن أتعاب المحاماة، وطُردن من مسكن الزوجية.. والهجوم على الدكتورة «مايا مرسى»، رئيسة المجلس مغرض تحرضه كتائب ذكورية. سيادة السيد الرئيس «السيسى»: نساء مصر يلذن بكم، ونحن نثق فى وعدكم لنا: لن أوقع على قانون لا ينصف المرأة.. وهذا حقها. هذا عهدنا بكم -سيادة الرئيس- مصر لن تعود للخلف وعظيمات مصر لسن جوارى!
نقلا عن الوطن