سحر الجعارة
يمكن أن تضع على هذا المقال علامة «+18» حتى لا يغضب أحد، أو يتهمنى بالكفر والزندقة، وحتى لا أجر أمام المحاكم مرة أخرى، وللأسباب نفسها!ما أعرفه أن أى قانون فى العالم هو أن تكون مواده واضحة ومحدّدة «وجامعة مانعة»، تحدّد الفئات التى تنطبق عليها مواد القانون وتستبعد الفئات الأخرى.فى قانون الأزهر للأحوال الشخصية حالات تمنع صحة الزواج: منها الزواج بمَن لا تدين بدين سماوى، وزواج المسلمة بغير المسلم، ولعل السبب الثانى هو رد على قرارات تونس بتعديل قانون الأحوال الشخصية، الذى تضمّن زواج المسلمة من كتابى، وهو ما تم تنفيذه بالفعل.وقتها كتبت عدة مقالات هنا فى جريدة «الوطن»، منها: هل كفر الرئيس «السبسى»؟ والأزهر يساند حزب «النهضة» الإخوانى، وهل أهل الكتاب كفار؟ وذكرت فى المقال الأخير أن الدكتور «محمد الباز»، وقد تعرّض لحملة تكفير، لأنه ذكر فى مقاله أن النصّ القرآنى يحرّم زواج المسلمين من المشركين، ويفتح الباب أمام الزواج من أهل الكتاب، وعليه إذن -حتى يتم تفعيل النص القرآنى- أن تتم مساواة الرجل المسيحى بالمرأة المسيحية، وكما من حقها أن تتزوج من مسلم، فمن حقه أيضاً أن يتزوج من مسلمة، وإلا يخرج علينا الفقهاء ليقولوا بشكل واضح وصريح إن المسيحيين مشركون ولا يجوز الزواج منهم ويحرّمون بالتبعية زواج المسلم من مسيحية.لم يجد الأزهر وسيلة لإخراسى بعدما أحرجت ممثله «د. عبدالمنعم فؤاد» المشرف العام على «الرواق الأزهرى» على الهواء فى برنامج «كلام ثانى» على قناة «دريم»، إلا جرجرتى إلى ساحة القضاء التى كافأتنى بالبراءة من أول جلسة «لرفضى تكفير الأقباط من عالم أزهرى»!.
من الإنصاف هنا أن أعرض وجهة نظر الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر فى القضية، مقر البرلمان الألمانى، مارس 2016.. الإمام «الطيب» قال نصاً: الزواج فى الإسلام ليس عقداً مدنياً كما هو الحال عندكم، بل هو رباط دينى يقوم على المودة بين طرفيه، والمسلم يتزوج من غير المسلمة كالمسيحية مثلاً؛ لأنه يؤمن بعيسى عليه السلام، فهو شرط لاكتمال إيمانه، كما أن ديننا يأمر المسلم بتمكين زوجته غير المسلمة من أداء شعائر دينها، وليس له منعها من الذهاب إلى كنيستها للعبادة، ويمنع الزوج من إهانة مقدساتها؛ لأنه يؤمن بها؛
ولذا فإن المودة غير مفقودة فى زواج المسلم من غير المسلمة، بخلاف زواج المسلمة من غير المسلم، فهو لا يؤمن برسولنا محمد، ودينه لا يأمره بتمكين زوجته المسلمة -إن تزوجها- من أداء شعائر الإسلام أو احترام مقدساتها!!.إن رأيت فى كلام فضيلة الإمام «تكفيراً ضمنياً» للأقباط فهو مسئول عنه، لكن ما يهمنى هنا كيفية تطبيق قانون الأحوال الشخصية «العنصرى» الذى وضعه الأزهر؟لنكشف الأوراق: الأزهر يكفّر «الشيعة» ويخرجهم من الملة، (بالقطع المدون فى الرقم القومى «مسلم»)، والقضاء حكم بتكفير «الطائفة البهائية»، والإمام الأكبر اعتبر المسيحية «كتابية» والمسيحى «مشركاً».. لن أذكر أرقاماً لهذا التنوع الدينى، سواء مذاهب إسلامية أو ديانات غير سماوية، فقط أود الإشارة إلى أن البعض يقدّر أعداد الملحدين فى مصر فى أدناها بـ300 ألف، وأقصاها أربعة ملايين!ما أفهمه عن القانون أنه ينظم «العلاقة المدنية» بين طرفين، وليس ممارسة دور محاكم التفتيش وشق الصدور، لكن كل هم «وكلاء الله» على الأرض نشر فتاوى تكفير باقى الأديان والمذاهب والملل، وتعليق المشانق لنا ورفع دعاوى الحسبة واغتيالنا معنوياً.. بزعم «حماية الدين».. ما الذى تنتظره من الأزهر الذى يكفّر الأقباط والشيعة ويبارك «داعش» ويرفض إخراجهم من الملة؟!المؤسسة الدينية ستطبّق «قانون ساكسونيا»، الذى وضعته ولاية ساكسونيا فى القرن 15، وكان يُفرّق بين الناس فى العقوبة وفق طبقتهم الاجتماعية، فيتم تنفيذ عقوبة الإعدام للقاتل إذا كان من عامة الشعب الفقراء، بأن تُقطع رأسه بحيث تفصل عن جسده.. أما إذا ارتكب أحد النُبلاء جريمة قتل، يؤتى به ليقف فى الشمس وتُقطع رقبة «ظله»!.هذا ليس قانوناً للأحوال الشخصية، هذا قانون لتكريس «التمييز الدينى والعنصرية» ونشر الفتنة!
نقلا عن الوطن