عبد اللطيف المناوي
زيارة البابا فرنسيس الأسبوع الماضى إلى العراق دفعتنى إلى مشاهدة فيلم «الباباوان» the two pops مرة أخرى. وهو جدير بذلك.
البابا فرنسيس بابا الفاتيكان هو البابا رقم 266. بعد انتخابه ألغى الكثير من التقاليد البابوية مثلا: رفض الإقامة فى القصر الرسولى بالفاتيكان، وفضَّل الإقامة فى بيت صغير كان معدا لاستقبال ضيوف الفاتيكان، ليكون بذلك أول بابا منذ مئات السنين لا يتخذ من القصر الرسولى مقرًا دائمًا لسكناه، وهو لا يستخدمه إلا للإطلالة على الحشود، يومى الأحد والأربعاء كما هى العادة. احتفظ بالصليب الحديدى الذى كان يرتديه كرئيس أساقفة ولم يرتد الصليب الذهبى الذى ارتداه سابقوه. اعتبرت الصحافة الإيطالية انتخابه «ثورة فى تاريخ الكنيسة».
رفض البابا فرنسيس الربط بين الإسلام والإرهاب، فى رده على سؤال فى أغسطس 2016 بشأن سبب عدم إشارته للإسلام فى كل مرة يدين فيها هجوما إرهابيا وقال: «لا أعتقد أنه من الصواب الربط بين الإسلام والعنف».
يشبه تنحّى بابا الفاتيكان فى فبراير عام 2013، وانتخاب بديل عنه قبل وفاته حدثًا نادرًا، لا يشهده العالم إلا مرّة كلّ مئات السنين. ولعل أفضل من وثق ذلك، كما ذكرت، هو فيلم «الباباوان» (2019) للمخرج البرازيلى، فرناندو ميريليس.
استقالة بنديكتوس تحت وطأة فضائح فساد مالى وابتزاز طالت مسؤولين رفيعين فى الكنيسة، عرفت بالـ«فاتيكان ليكس». وتزامنت مع شبهات بتستّر روما على جرائم تحرّش كهنة كاثوليك بقاصرين لسنوات، يضاف إلى ذلك، تقدّم البابا فى السنّ، وعجزه عن أداء مهامه كراعٍ لحوالى 1.2 مليار كاثوليكى فى العالم.
ينطلق الفيلم من أحداث حقيقيّة، لكنه يتخيّل لقاء لم يحدث بالفعل، بين بنديكتوس قبل تقاعده الاختيارى، والكاردينال الأرجنتينى المشاكس خورخى بيرجوليو الذى سيصبح البابا فرنسيس الأول.
الفيلم مأخوذ عن مسرحيّة لمكارتن بعنوان «البابا»، استلهمها الكاتب من تجربة البابا فرنسيس وحياته، وصعوده إلى رأس الكنيسة، وآرائه المثيرة للجدل، وشعبيته المتنامية.
يتفادى الفيلم البحث المعمّق فى دهاليز الفساد، واعتمد الفيلم على نقاشٍ حاد وجاد وممتع وإنسانى بين وجه الكنيسة التقليدى المتصلّب متمثلًا بالبابا بنديكتوس (أنطونى هوبكنز)، ووجهها التقدّمى والمرن متمثلًا بالبابا فرنسيس (جوناثان برايس).
اعتمد الكاتب على جمعه لأحاديث وخطابات وكتابات لاهوتيّة للرجلين، تبيّن مواقفهما ورؤيتهما لما يجب أن تكون عليه صورة الكنيسة، وتخيل الحوار.
لا يقدّم الفيلم «لاهوت»، ولا مراجعة تاريخية لأخطاء الفاتيكان، بل يحاول أنسنة الشخصيتين.
فى أحد أكثر المشاهد طرافةً، يتخيّل الفيلم الباباوين وهما يشاهدان نهائى كأس العالم 2014 بين منتخبى ألمانيا والأرجنتين، ويشجع كلّ منهما منتخب بلاده.
فيلم جدير بالمشاهدة أكثر من مرة.
menawy@gmail.com
نقلا عن المصرى اليوم