حمدي رزق
ودعت قرية «منية سندوب» التابعة لمركز المنصورة بالدقهلية، نيابة عن مصر من أقصاها إلى أقصاها، الحاجة «زينب مصطفى سعد الملاح»، المتبرعة بقرطها الذهبى لصندوق «تحيا مصر»، شيع جثمان الأم الطيبة فى يوم مبارك، بعد ظهر أمس الجمعة، عن عمر يناهز ٩٧ عاما.. ونعاها الرئيس فى تغريدة مؤثرة ألف رحمة ونور على نور مصر.
وقصتها جديرة بالاعتبار، وحكايتها ترويها الألسنة، سيدة بسيطة وكفيفة من ريف مصر، تنهض متبرعة بـ «حلقها» لصندوق «تحيا مصر»؛ تلبية لنداء الرئيس، تبرعت بتحويشة العمر، كانت شايلة «الحلق» لعوزة، فأكرمها السيسى بحسن استقبالها ووفادتها فى القصر الجمهورى، وقدم لها الشكر على شعورها بالمسؤولية تجاه بلادها، وتمنى عليها أن تحتفظ بحلقها لنفسها، وكفى شعورها الطيب، ولكنها كانت مصرة لتسجل اسمها فى قائِمة الكرماء من أهل مصر، فباعت السيدة الحلق مجددا، وعادت لتتبرع بثمنه للصندوق، فأمر الرئيس السيسى بإعادته إليها مرة ثانية، وتعطف عليها بحجة نالتها وهى راضية وبالدعاء يحفظ الله مصر من كل مكروه. نموذج ومثال، معلوم «متهونش إلا على الفقير»، وإذا نادت مصر يلبى البسطاء النداء، بالفطرة، بالبداهة، دون حسابات ضيقة، وكلام كبير مزوق، وتصريحات وصور فى الجرانين.
تبرعت الحاجة بحلقها دون أن تدرى أنها ستكون حديث مصر، وستنزل ضيفة مكرمة على الرئيس، وستستقل سيارة الرئاسة من منزلها لمقابلة الرئيس بقصر الاتحادية، وامتنانا خف الرئيس إلى مقابلتها، وأصر على النزول من مكتبه واستقبالها من السيارة، مقبلا يدها ورأسها، وكافأته الحاجة بالدعاء «ربنا ينصرك على من يعاديك ويحميك من كل المجرمين.. ربنا معاك ويحفظك من كل شر»، فرد عليها الرئيس «ويحمى مصر وشعبها العظيم يا حاجة زينب».
وسألها الرئيس، هل حجّت؟. ولما أجابت بالنفى وعدها بأنها ستحج على نفقته الخاصة .وقد كان
مثل الحاجة زينب مثل شجرة توت عتيقة، تظلل على شط ترعة تروى العطشى، شجرة طيبة أصلها ثابت فى أرض المحروسة وفرعها فى السماء، نموذج ومثال مصرى صميم، لا يعرف الفضل، فضل مصر، لأهل الفضل ، أهل مصر، إلا ذوو فضل، والحاجة زينب صاحبة فضل، ومهما حاول المنكرون تشويه صورة الحاجة وتبرعها الكريم، وابتداع كلام على لسانها لم تقله، لتشويه صورتها فى برواز العطاء، فشلوا وظلت صورتها وسيرتها نقية بيضاء، حتى لقيت ربها راضية مرضية.
الثابت أن بسطاء مصر الطيبين يسجلون آيات بينات من الوفاء، على بساطتها وعفويتها مستوجبة فى هذه الأيام الصعيبة، المصريون إذا امتحنوا وطنيا عادة ما يبدعون إبداعًا راقيًا، ويرسمون لوحات ملونة بحبر القلب، يضربون أروع الأمثلة فى المحبة، ولا يمررون المناسبات الطيبة دون لمحات طيبة، طوبى للساعين إلى الخير.
نقلا عن المصري اليوم