إعداد/ ماجد كامل
لعل من بين الآباء الكهنة الذين تركوا تأثيرا كبيرا في التعليم والخدمة والرعاية في الكنيسة القبطية خصوصا خلال النصف الثاني من القرن العشرين ؛ يأتي ذكر القمص بيشوي كامل ( 1931 – 1979 ) . أما عن القمص بيشوي كامل نفسه ؛ فأسمه الأصلي في شهادة الميلاد " سامي كامل أسحق أسعد " ولد في مدينة دمنهور في 6 ديسمبر 1931 ؛ ولقد تدرج في مراحل التعليم حتي حصل علي بكالوريوس علوم قسم الجيولوجيا عام 1951 . وعين بعدها مدرسا للعلوم بالمدارس الثانوية . ثم حصل بعدها علي دبلوم تربية وعلم نفس ؛ ثم تحول بعدها لدراسة الآداب ( قسم فلسفة ) حتي حصل علي الليسانس عام 1954 ؛ وفي نفس الوقت درس بالكلية الإكليركية بالإسكندرية وكان الأول علي دفعته . بدأ خدمته الكنسية في كنيسة العذراء بمحرم بك وأختير بعدها أمينا عاما للخدمة عام 1956 ؛ وفي عام 1957 عين معيدا بالمعهد العالي للتربية بالإسكندرية . ثم دعاه الرب للكهنوت فرسم كاهنا علي مذبح كنيسة مارجرجس سبورتنج في 2 ديسمبر 1959 ؛ ومثل الكنيسة القبطية في مؤتمرين في جنيف عامي 1960 ؛ 1965 . وخلال خدمته في كنيسة سبورتنج أهتم بتلمذة ورسامة العديد والعديد من الآباء الكهنة والخدام الذين صاروا منارات كبري بعد ذلك سواء في الإسكندرية أو في خارج الإسكندرية ؛ ولقد ذكرت المؤرخة الكبيرة إيريس حبيب المصري ( 1918- 1994 ) في كتاباها "قصة القمص بيشوي كامل إشعاع مغناطيسي " بعض الأسماء نذكر منهم :-
1-القمص تادرس يعقوب ملطي .
2-القمص لوقا سيداروس .
3-القمص متي باسيلي .
4-القمص ميخائيل عزيز .
5-القمص صليب حكيم .
6-القمص كيرلس مراد .
7- القمص صموئيل ثابت .
8-القمص أنجيلوس ميخائيل .
9-القمص مقار فوزي .
ومن خارج الإسكندرية ذكرت المؤرخة الكبيرة :- القمص بيجول باسيلي (نيح الله نفسه في فردوس النعيم وهو شقيق زوجته السيدة الفاضلة إنجيل باسيلي نيح الله نفسها في فردوس النعيم ) ؛ ونيافة الحبر الجليل الانبا ديمتريوس أسقف ملوي ورئيس قسم اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية ( أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية ؛ وهو الشقيق الأصغر للقمص بيجول باسيلي ) ( المرجع المذكور ؛ صفحة 24 ؛25 ) .
. وخلال خدمته بالإسكندرية لم يكتفي بالخدمة في كنيسة مارجرجس سبورتنج ؛ بل أهتم بتأسيس كنائس في العديد والعديد من المناطق بمدينة الإسكندرية نذكر منها :-
1-كنيسة مارجرجس الحضرة .
2- كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بمصطفي كامل .
3- كنيسة الأنبا تكلا هيمانوت بالإبراهيمية .
4- كنيسة العذراء والقديس كيرلس عامود الدين بكليوباترا .
5- كنيسة الأنبا أنطونيوس والأنبا بيشوي بحي اللبان .
وخلال خدمته في الإسكندرية أيضا ؛ أهتم بتأسيس العديد والعديد من الخدمات الرائدة نذكر منها :-
1-من أوائل من فكروا في إنشاء حضانة لأطفال الأمهات العاملات بكنيسة مارجرجس سبورتنج والتي طبقتها بعدها كنائس الإسكندرية ثم عمت كنائس مصر كلها .
2-من أوائل من أحيوا التقليد الكنسي القديم بالسهر في الكنيسة ليلة عيد النيروز ؛ ورأس السنة الميلادية وسارت علي دربه كنائس مصر كلها فيما بعد .
3- أهتم بتنظيم رحلات لأديرة ومزارات القديسين خلال موسم أعيادهم ؛ وكان يصطحب معه في هذه الرحلات شباب الكنيسة .
وفي يوم 5 نوفمبر 1969 رقاه البطريرك القديس البابا كيرلس السادس إلي رتبة القمصية في 5 نوفمبر 1969 ؛ وبعدها بدأ خدمته في الولايات المتحدة الأمريكية بتكليف من البابا كيرلس السادس ؛ حيث أسس كنيسة مارمرقس بلوس أنجيلوس ؛ وكان ذلك خلال شهر مايو 1970 . كما خدم أيضا في نيوجرسي بتكليف من قداسة البابا المتنيح البابا شنودة الثالث فساهم خلالها في شراء كنيسة مارجرجس والأنبا شنودة رئيس المتوحدين هناك ؛ ولقد أصيب بتجربة قاسية إذ أصيب بمرض السرطان وظل يعاني منه فترات طويلة حتي تنيح بسلام في 21 مارس 1979 عن عمر يناهز 48 عاما تقريبا .
ولقد أشتهر القمص بيشوي كامل بالموهبة الكبيرة في الكتابة والوعظ ؛ فلقد أثري المكتبة القبطية بالعديد والعديد من الكتب القيمة ؛ ذكرها القمص يوحنا نصيف في صفحته الخاصة علي الفيس بوك ؛ نذكر منها ( وأنتهز الفرصة لأقدم الشكر لقدسه لتفضله بالسماح لي بالإستعانة بسلسلة المقالات التي ينشرها عن القمص بيشوي كامل ) :-
1-الطريق إلي الحياة .
2-تأملات تحت أقدام الصليب .
3- ذبيحة إيماننا .
4- إنجيل الميل الثاني .
5-تأملات في القداس الإلهي .
6- رحلة الصوم الكبير مع أشعياء النبي .
7- سفر الخروج أو رحلتنا إلي كنعان .
8- سلسلة نبذات بعنوان " إيمان كنيستنا القبطية " تناولت الموضوعات الآتية ( المعمودية – عقيدة الطبيعة الواحدة – شفاعة القديسين – استحالة تحريف الغنجيل – لماذا تجسدالمسيح ؟ - ملك الالف سنة ) .
9- سلسلة نبذات روحية هادفة ( حوالي 24 نبذة ) .
10- سلسلة سير قديسين تشمل ( مارجرجس – مارمرقس – مارمينا – أبي سيفين – القديسة دميانة – البابا بطرس خاتم الشهداء – البابا كيرلس عامود الدين – الانبا بيشوي ) .
11- سلسلة رحلات مع المسيح من خلال السنة الليتورجية ( الخدمات الطقسية في الكنيسة ) مثل ( رحلة التجسد الإلهي – الرحلة إلي حضن الآب في الصوم الكبير – الرحلة من أورشليم إلي الجلجثة – رحلة العبور بالدم – رحلة الخماسين المقدسة ) .
12- دراسات كتابية مركز في معظم أسفار الكتاب المقدس ختمها بكتاب بعنوان" دانيال النبي صديق الملائكة " أعتقد كرأي شخصي أنه من خير الكتب التي صدرت عن دانيال النبي من حيث البساطة مع العمق معا .
13- في مجال الترجمة أهتم بترجمة العديد من الكتب مثل ( سائح روسي علي دروب الرب – صلاة يسوع – يوم مع الرب يسوع – حوار مع المخلص – أبانا الذي في السموات – بذل الذات – الرعاية تأملات في سفر المزامير للقديس أغسطينوس) .
14- كتب عشرات المقالات في مجلة مرقس تم تجميع العديد منها .
15- كتب العديد من افتتاحيات مجلة " صوت الراعي " التي كانت تصدر عن كنيسة سبورتنج .
16 – أهتم بنشر أول أربعة كتب من موسوعة " قصة الكنيسة القبطية " للمؤرخة الكنسية الكبيرة " إيريس حبيب المصري " .
17 – كل هذا غير العديد والعديد من الشرائط والعظات المسموعة التي لم يتم تفريغها وطبعها في كتب بعد ( راجع القمص يوحنا نصيف علي صفحته الشخصية . وعنوانها Fr Yohanna Nassif ) .
ولقد قامت مطرانية ملوي مشكورة بتجميع العديد من المجلدات من هذه الكنوز تحت عنوان " أثمار الفردوس " ؛ صدر الجزء الأول منها تحت عنوان " أقوال مأثورة " والجزء الثاني تحت عنوان " مذكرات " والجزء الثالث والرابع حوي العديد والعديد من الموضوعات الروحية الجميلة نذكر منها علي سبيل العينة فقط ( الحرية – الصلاة –الصمت –التسبيح –التلمذة- غسل الأرجل –الطبيعة الجديدة - السلوك المسيحي – التواضع - المحبة - العطاء – الخدمة –كيف نحضر الكنيسة –الإنسان ..... الخ ) .
وحول بعض المواقف الإنسانية التي تميز بها القمص بيشوي كامل ؛ تذكر المؤرخة الكبيرة إيريس حبيب المصري في كتابها السابق ذكره ؛ أنها كان عندها محاضرة في تاريخ الكنيسة في كنيسة مارجرجس سبورتنج ؛ فقال لها قبل بداية المحاضرة " أعطي درسك في عشرين دقيقة فقط لأن الشباب يريدون أن يتفرجوا علي ماتش كورة في التلفزيون " فأبتسم الشباب وقالوا له " لا في إمكانها أن تستغرق نصف ساعة " فسألهم " متأكدون " أجابوا جميعا بصوت واحد " نعم " فألتفت إليها وقال " خلاص نصف ساعة فقط " ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 26 ) . وموقف آخر ترويه المؤرخة الكبيرة أنه في صباح أحد الأيام توجهت المؤلفة إلي كنيسة سبورتنج ومعها أبن أخيها ؛ فشاهدوا أتوبيسا للرحلات متوجها إلي دمياط لزيارة القديس سيدهم بشاي ؛ فسأل الطفل أبونا " إلي أين أنتم ذاهبون يا أبانا ؟ " فرد أبونا " إلي دمياط لننال بركة الشهيد " فسأله " وهل أستطيع الذهاب معكم ؟ " رد أبونا "طبعا أقفز إلي الكنيسة فورا " وهنا اعترضت العمة ( إي إيريس نفسها ) وسألت " ولكن هل يوجد له مكان ؟ " فرد أبونا " لو مكانش له مكان سوف يجلس علي حجري " فعادت وسألت " طيب بكام تمن التذكرة ؟ " فأبتسم أبونا وقال لها " ألا تعلمين أنه أبن فهو معفي من الدفع ؟! " وعقب عودة الرحلة في اليوم التالي ؛ قام أبونا بيشوي بنفسه بتوصيل الطفل إلي منزل عمته ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 26 ؛ 27 ) .
وتذكر أيضا الأستاذة إيريس في نفس الكتاب أن أبونا بيشوي كان يمتلك مغناطيسا يجذب به كل من حوله ؛ ومن مظاهر قوة هذا المغناطيس تذكر المؤلف أنها زارته ذات يوم في المستشفي في لندن ؛ فوجدت عنده ثلاثة عراقيين ؛ وبعد نهاية الزيارة فوجئت بأكبرهم يقول له " أنت رجل مبارك يا أبانا " ( صفحة 33 من نفس الكتاب ) . وتذكر أيضا أنه كان يعالج في نفس المستشفي أمير سعودي ؛ وعند عودة الأمير إلي بلاده كتب له خطابا قال له فيه " أبعث إليك بأنبل عربون لمحبتي ؛ لقد كان حنانك غامرا إلي حد جعلنا ننسي ألمنا وقلقنا . ولهذا نضرع إلي الله عز وجل أن يحفظ ويعطيك الصحة والعافية والسعادة التي نطلبها لك من الله ؛ أخيرا أتمني لك حياة سعيدة مليئة بالفرح والسرور أخوك وأبنك حسن مرتضي الهاشمي ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 34 ) .
كما يذكر عنه القمص تادرس يعقوب ملطي في كتاب " العمل الرعوي في حياة القمص بيشوي كامل" أنه عندما تنيح القمص بيشوي كامل التقي أحد أعضاء مجلس الكنيسة برجل غير مسيحي يبكيه بحرقة ؛ فسأله : هل تعرفه ؟ أجاب : لقد قام بالإنفاق علي تجهيز أبنتي ! " ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 28 ) .
ويذكر عنه القمص تادرس يعقوب ملطي أيضا في نفس الكتاب أن أبونا بيشوي كان يحب اللغة القبطية جدا كلغة آبائه وكان كثيرا ما كان يصلي بها . لكنه كان حريصا أشد الحرص أن يصلي القداسات يومي الجمعة والأحد باللغة العربية ؛ لانه كان يود أن يصلي الجميع بروح وفهم ؛ لا ان يسمع وينصت إلي لغة غير مفهومة . حيث كان يؤمن أن يلزم تعليم اللغة القبطية أولا وبعد ذلك يمكن العودة للصلاة بالقبطية متي فهم الشعب وأشترك مع الكاهن والشماس بالروح ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 33 ؛34 ) .
وعندما أظهرت نتيجة التحاليل لأول مرة أنه مصاب بالمرض الخبيث ؛ لمح الدموع في عيون تاسوني إنجيل وكل المحيطين به ؛ فصرخ فيها قائلا " أمال فين إيمانكم ؛ ما نبطل وعظ أحسن !! " وأخذ يردد " أحنا خدامينه ؛ أحنا تحت أمره " . وعندما جاءت لحظة إنطلاق روحه الطاهرة ؛ وعند فجر يوم 21 مارس 1979 ؛ وجدوه فرحا سعيدا وسأل في نشوة " ايه الفتحة اللي فوق دي ؟ " فسأله نجل شقيقه " فين يا أبونا ؟ " أجابه بهمس " إنها السماء " . وهكذا أنطلقت روحه إلي السماء فرحة متهللة مكللة بالأكاليل السماوية .
والجدير بالذكر أن المجمع المقدس قد قرر في جلسته المنعقدة بتاريخ 4 مارس 2021 ؛ دراسة الملف المقدم عن المتنيح القمص بيشوي كامل ( كذلك الراهب يسطس الانطوني ) – وهما من سبيعينات القرن الماضي وذلك تمهيدا للاعتراف بقداستهما .
بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-إيريس حبيب المصري :- قصة القمص بيشوي كامل " إشعاع مغناطيسي " ؛ كنيسة مارجرجس سبورتنج ؛ الطبعة الثالثة 2009 .
2- مينا بديع عبد الملك وآخرون :- قاموس التراجم القبطية ؛ جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية ؛ الطبعة الأولي 1995 ؛ صفحة 53 .
3- القمص بيشوي كامل كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج – الموقع الرسمي لموقع تكلا هيمانوت الحبشي St – Takla .Org
4-القمص تادرس يعقوب ملطي :- العمل الرعوي في حياة القمص بيشوي كامل ؛ كنيسة الشهيد مارجرجس سبورتنج ؛ الطبعة الثانية 2008 .
5- الصفحة الشخصية للقمص يوحنا نصيف علي الفيس بوك وعنوانها Fr Yohanna Nassif .
6- أثمار الفردوس :- المجلد الرابع ؛ مطرانية ملوي ؛ الطبعة الأولي 2004 .