كتب – سامي سمعان
استقبل البابا فرنسيس، اليوم الأثنين، جماعة المعهد الحبري الفلبيني، بمناسبة المئوية الخامسة لإعلان الإيمان المسيحي في هذا البلد والاحتفال بأول قداس فيه في 31 مارس 1561.
وقال البابا فرنسيس، إن العودة إلى الوراء هي سير عبر الذاكرة على خطى مَن سبقونا، وذلك للعودة إلى أصول إيماننا بمشاعر امتنان ودهشة على ما وُهبنا.
وتابع أن إحياء الذكرى هو عودة إلى ما وصفه بألبوم العائلة، ولتذكر من أين نأتي وأي إيمان معاش وأية شهادات إنجيلية مكنتنا من أن نكون ما نحن عليه اليوم.
وشدد البابا فرنسيس، على أن هذا ينطبق على الشعوب وعلى الأشخاص الأفراد حيث يجب العودة إلى الماضي وتذكر جميع اللحظات، الجميلة والسيئة، حيث سنرى أن العناية الإلهية كانت هناك دائما. ويذَكرنا النظر إلى الماضي بأول مَن جعلنا نحب يسوع، سواء كانوا كهنة راهبات، أجدادنا أو آباءنا، والذين نحن مدينون لهم على العطية الأكبر. أما بالنسبة للكهنة فالذاكرة الأعز هي تلك المتعلقة باكتشاف الدعوة، أي اللحظة التي قالوا فيها أول نعم واثقة لدعوة الله، هذا إلى جانب يوم السيامة.
ودعا البابا فرنسيس الجميع إلى النظر إلى الماضي لدى الشعور بالتعب أو فقدان الثقة أو الإحباط وذلك لا للهروب إلى ماضٍ مثالي، بل للعثور مجددا على دفعة ومشاعر الحب الأول. كما وشدد على فائدة استرجاع مرور الله في حياتنا وكل المرات التي قابلَنا قابلنا فيها على دروبنا ليصحح ويشجع، يُنهض ويحفز مجددا ويغفر، وهكذا ندرك أنه كان دائما بجانبنا حتى في اللحظات التي تبدو أكثر ظلاما وقسوة.
ثم انتقل البابا فرنسيس إلى الحديث عن المستقبل فقال إنه يوسع الآفاق ووصفه بمدرسة رجاء. وتابع أن الحياة المسيحية بطبيعتها تتطلع إلى المستقبل، القريب وأيضا الأبعد أي نهاية الأزمنة حين سنتمكن من لقاء القائم الذي ذهب ليُعد لنا مقاما في بيت الآب.
وشدد البابا فرنسيس في حديثه على ضرورة محاربة الميل نحو التعجل في التفكير في المستقبل حين لا نعيش الحاضر في سلام. ووجه حديثه إلى الإكليريكيين الذين يثقلهم التفكير في حياتهم عقب السيامة الكهنوتية ووصف هذا بأسلوب للهروب من الحاضر، بينما المستقبل هو متجذر في الماضي وفي الحاضر. ودعا قداسته إلى تفادي أن تؤجَّل إلى المستقبل، إلى ظروف مثالية مفترضة، اللحظات المناسبة والحاسمة لعمل شيء جيد وانتظار مرور الحاضر.
وأكد أن المستقبل بالمعنى الإيجابي يعني نظرة نبوية وقدرة التلميذ الأمين للمعلم على الانطلاق من الموجود، ورؤية ما لا يوجد بعد، والعمل على تحقيقه انطلاقا من دعوته كأداة طيعة في يد الله.
وتوقف بابا الفاتيكان، بعد ذلك عند الحاضر الذين نحن مدعوون فيه إلى مسيرة ارتداد وقداسة. وقال إن الحاضر هو اللحظة التي يدعونا فيها الله، لا أمس أو الغد، فنحن مدعوون لعيش اليوم بما يحمل من تناقضات ومعاناة وبؤس، يجب ألا نهرب منها أو نتفاداها بل أن نقبلها ونحبها كفرص يقدمها لنا الله كي نكون معه بشكل أكثر حميمية وذلك على الصليب أيضا.
وأكد البابا فرنسيس أن اليوم هو زمن الأشياء الملموسة، وقال للكهنة الذين يتلقون التنشئة الدائمة في روما إنه لا يُطلب منهم الحنين إلى الرعايا التي أتوا منها ولا أن يتخيلوا المهام الرفيعة التي سيكلفهم بها الأساقفة لدى عودتهم، بل يُطلب منهم أن يحبوا هذا الجماعة وأن يخدموا الأخوة الذين وضعهم الله بالقرب منهم وأن يستفيدوا من فرص التدريب الرعوي الموفَّرة لهم.
وفي ختام كلمته إلى جماعة المعهد الحبري الفلبيني دعا البابا فرنسيس ضيوفه إلى معرفة الماضي والتطلع إلى المستقبل كي يعيشوا بشكل أفضل الحاضر، الذي هو زمن التنشئة والقداسة، مستفيدين من الفرصة التي يقدمها لهم الرب لاِتباعه حتى وإن كانوا بعيدين عن بلدهم.