عندما يبدع عاشق الروح لحبيبة الروح !!
دخل الشاب الوسيم في حضرة عبدالوهاب الموسيقار العظيم والمخرج الكبير محمد كريم وكله أمل ان يبدأ مشواره الفني في التمثيل بدور في فيلم يوم سعيد وبينما هو في الانتظار وجدهما يتناقشان في حاجتهما الشديدة علي وجه السرعة لأغنية تعبر عن شوق العاشق لمحبوبته اثناء سفره اليها فعاد اليهما سريعا بكلمات الاغنية البديعة : اجري اجري ! فإنبهر الإثنان بذلك الشاعر العبقري الشاب حسين السيد والذي اصبح من بعد ذلك التوأم الفني لموسيقار الاجيال علي مر الاجيال !
لقد احب عبدالوهاب والدته حبا عظيما وهذا ليس غريبا عليه فكلما زادت عظمة وموهبة الفنان كلما زادت انسانيته وصفت نفسه وروحه ..احتفظ عبدالوهاب بصورتها في غرفته حتي توفاه الله ..
اما توأمه الفني والروحي حسين السيد فكان مثله تماما في حبه ووفائه لوالدته وقد بلغ من العبقرية الشعرية انه ارتجل ايضا كلمات التحفة الرائعة ست الحبايب ليقدمها الي والدته وهو يصعد السلالم اليها يوم عيد الام ! اي ابداع في زمن لا يصدق مثل اغنيته الاولي اجري اجري ! وقد طلب بعدها من الموسيقار الاعظم تلحينها فلحنها ايضا وغناها علي عوده الذهبي في زمن قصير من اعجابه بعبقرية حسين السيد !!
ولقد غنت هذة الاغنية المطربة العظيمة الراحلة فايزة احمد والمطرب كاظم الساهر مع الفرقة والموسيقار الكبير فريد الاطرش علي العود ولكن مع عبقرية ادائهم فإنهم لايقارنوا بغناء واحساس الموسيقار الاعظم فمن منا عند سماع هذة الرائعة لا يمتلئ قلبه بالخفقات والدعوات وتمتلئ عينه بالدموع والعبرات !؟
تأملوا معي عبقريته في التلحين وخصوصا في كلمة زمان !! ان لحن هذا الكوبليه هو نفس لحن الكوبليه التالي والذي يقول : لو عشت طول عمري اوفي جمايلك الغالية عليا ....ولكن عبدالوهاب العبقري يفاجئ عشاقه بمفاجأة لحنية لاعطاء احساس اقوي فيلحن الكوبليه بنفس اللحن ولكن يتوقف لبضع ثوان بعد كلمة زمان !! ليعطينا معني واحساس الذكريات الطويلة من سهر ورعاية ست الحبايب !!
اما اداء عبدالوهاب فيتضح اعجازه في الطبقات العالية والتي تعرف بالجواب ! انام وتسهري وتباتي تفكري وتصحي من الادان وتيجي تشقري ويستمر التصاعد في اللحن والاحساس في كلمة يارب يخليكي يااامي ثم ينزل فجأة بإعجاز مذهل الي القرار او الطبقة السفلي من صوته في : ياست الحبايب ياحبيبة ليعطينا احساس الحب والرقة والحنان وهذا التحكم المذهل في الطبقات العليا من صوته بعكس فايزة احمد التي يصبح صوتها رفيعا بطريقة زائدة في الطبقات العليا يجعله فعلا اعظم من غناها ولاننس هنا انه المطرب الوحيد الذي منحه الله القدرة علي الغناء مع عوده فقط وكأن معه فرقة موسيقية كاملة !!
وفي النهاية فإن تعاون العبقريان عبدالوهاب وحسين السيد في الاغاني المرتبطة بالام لم يقتصر فقط علي اغنية ست الحبايب كما يظن معظم عشاقهما !! ففي احد الايام وقبل سفر عبد الوهاب في رحلة فنية ذهب لتوديع والدته وكانت هذة من اشق اللحظات علي نفسه الرقيقة وبينما يقبلها في جبهتها وعيونها قالت له : بلاش تبوسني من عينيا يامحمد !..البوسة في العين تفرق !! فجعل منها حسين السيد مطلعا للاغنية الخالدة بلاش تبوسني من عينيا !!! رحمهما الله بقدر ما بكينا واستمتعنا وحلقنا معهما في ابداعهما للحبيبة ست الحبايب !