بعد صراع مع المرض وبعد حياة حافلة بالمعارك الفكرية رحلت الكاتبة المصرية نوال السعداوي عن عمر يناهز الـ 90 عاما ، تاركة إرثا كبيرا من الأعمال والكتابات والأفكار التي ما زالت محل جدل حتى بعد رحيلها.
وفي سنواتها الأخيرة عانت الكاتبة المصرية المعروفة من متاعب صحية أدت إلى عزلتها وابتعادها عن مجال العمل العام، مكتفية بكتابة بعض المقالات في عدد من الصحف المصرية،. فكيف قضت نوال السعداوي أيامها الأخيرة؟.
الصحفية منة الله الأبيض، التي اقتربت كثيرا من السعداوي فى آخر 5 سنوات وعملت مديرة لأعمالها كشفت كواليس أيامها الأخيرة وكيف كانت تقضي وقتها وآخر مشروعاتها الإبداعية التي حال المرض دون استكمالها؟
وقالت الأبيض لموقع "سكاي نيوز عربية " إن معاناة السعداوي من المرض بدأت قبل 3 أعوام تقريبا، وتحديدا فى العام 2018، أن اكتشفت وجود مياه بيضاء على عينيها ونصحها الأطباء بإجراء جراحة عاجلة خضعت لها داخل إحدى المستشفيات الحكومية الكبرى بالقاهرة.
لكن الجراحة لم يكتب لها النجاح بالشكل المطلوب وهو ما تسبب لها في مضاعفات فى النظر أثرت على رؤيتها.
عزلة اختيارية
وأضافت: "بسبب مشاكل في الرؤية وقعت على الأرض فب إحدى المرات، وأصيبت بكسور فى فخذها الأيسر واضطرت لتركيب مسامير في فخذها ومن هذا الوقت تحديدا بدأت صحتها فى التدهور وفرضت على نفسها عزلة اختيارية داخل منزلها".
واستكملت مديرة أعمال السعداوي سرد كواليس أيامها الأخيرة قائلة:" قضت الدكتورة نوال بعدها شهورا طويلة فى العلاج الطبيعي في المنزل وفي معهد ناصر من أجل استعادة كامل لياقتها، وعندما تفاقمت الأوضاع التحقت بدار المنى فى أكتوبر وهى دار رعاية متخصصة في التأهيل الطبي الطبيعي".
قبل ما يقرب من أسبوع تدهورت الحالة الصحية للكاتبة الراحلة، بسبب التهابات في أنبوبة تم تركيبها في المعدة لمساعدتها على ابتلاع الطعام.
وأوضحت منة الله الأبيض: "دخلت إحدى المستشفيات الخاصة بمنطقة الدقي بسبب وجود التهابات شديدة في معدتها وحاول الأطباء علاجها لكن الأمور ساءت على نحو متسارع حتى لفظت أنفاسها الأخيرة".
وأوضحت مديرة أعمال السعداوي أن الراحلة كانت حريصة طوال الوقت على الانتظام فى كتابة المقالات بصحيفتي "الأهرام" و"المصري اليوم" وكانت تكتب تلك المقالات لأنها كانت حريصة على استمرار مشروعها الفكري وألا يؤثر المرض على رحلتها الإبداعية.
وقالت الأبيض: "كانت تستعين بي وابنتها الدكتورة منى حلمي لكتابة المقالات التي تنشرها كانت تملي علينا ما تريد كتابته وترسله للصحف، وفي بعض الأحيان كانت تكتفي بنشر مقالات من كتبها القديمة خصوصا تلك المرتبطة ببعض المناسبات والأحداث".
مشروع لم يكتمل
وكشفت الأبيض عن مشروع مذكرات شخصية لم يكتمل للكاتبة الراحلة، قائلة:" كانت تجهز لكتابة الجزء الرابع من مذكراتها "أوراق من حياتي"، فقد سبق ونشرت 3 أجزاء والجزء الرابع الذي حال المرض دون إكماله كان عن صراعها مع المرض والحياة والتطورات الأخيرة في حياتها. كتبت بعض أجزائه لكنها توقفت بسبب اشتداد المرض".
وأوضحت أن السعداوي كان لديها عادة تحرص عليها طوال حياتها وهى تخصيص 6 ساعات في اليوم للقراءة والاطلاع، لكن تلك العادة توقفت تماما بعد معاناتها من مشاكل في البصر.
وأشارت إلى أنها أيامها الأخيرة حريصة على متابعة تطورات فيروس كورونا وكانت خائفة من الإصابة به، وخوفها لم يكن من الموت بقدر الخوف من الألم المصاحب للمرض".
وعانت السعداوي قبل موتها بفترة من العزلة ومن جحود الأصدقاء والمعارف، فلم يكن أحدا يسأل عليها أو يزورها.
وتقول مديرة أعمالها: "صحيح أنها فرضت على نفسها عزلة اختيارية ولم تكن تريد أن يراها أحد وهي فى حالة ضعف، لكنها كانت كانت تشتكي من عزوف أصدقائها والمقربين منها فى فترة مرضها، ولم يكن يسأل عليها ويطمئن على صحتها بشكل دائم سوى سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات"