يبدو أن الوجه المرعب للموجة الثالثة لجائحة كورونا بدأ جليا في عدد كبير من الدول، حيث تتزايد الإصابات بشكل حاد في جميع أنحاء العالم بخاصة أوروبا، ففي إيطاليا تجاوز عدد الوفيات 100 ألف حالة، وفي فرنسا تخطت الوفيات الـ90 ألف وفاة، وبسبب زيادة عدد الإصابات في ألمانيا، طالبت الجمعية الألمانية لأطباء العناية المركزة، الحكومة بالعودة الفورية للتدابير الصارمة لاحتواء الموجة الثالثة من كوفيد-19.

 
وحذر الرئيس عبد الفتاح السيسي، المصريين، خلال احتفالية المرأة المصرية والأم المثالية 2021، من التطور الجديد المرتقب لانتشار فيروس كورونا داخل الدولة المصرية، مطالبا المواطنين بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية، لتفادي هذه الموجة بسلام كما حدث في الموجتين الأولى والثانية.
 
كما حذرت وزارة الصحة من زيادة أعداد الإصابات خلال الأسابيع المقبلة بالتزامن مع قدوم شهر رمضان، وزيادة التجمعات، حيث أكدت الدكتور هالة زايد، أنه من خلال الدروس المستفادة من الموجة الأولى، والتي أظهرت ارتفاع حالات الإصابات في شهر أبريل عام 2020، فإن التوقعات تشير إلى أنه من الممكن أن يشهد شهر أبريل المقبل زيادة كبيرة في عدد الإصابات، حيث إن الذروة تكون في الأسبوع السابع من كل موجة.
 
وعلى الرغم من الارتفاع الكبير والسريع لعدد الإصابات بفيروس كورونا، وظهور سلالات جديدة للفيروس، فإن هناك حالة من التجاهل والاستهتار بالفيروس تسود العالم أجمع وليس مصر فقط، وأصبح التعامل مع الفيروس كأنه انتهى، حيث انخفض معدل الالتزام بالإجراءات الاحترازية من قبل المواطنين، ولم يعد هناك من يلتزم بارتداء الكمامة أو التباعد الاجتماعي إلا قلة قليلة بعكس ما كان الوضع في بداية ظهور الوباء.
 
كما تراخت الدولة في تنفيذ الإجراءات الوقائية في الفترة الأخيرة سواء في المواصلات العامة أو الأماكن العامة، كالمحال التجارية والحدائق، وإقامة الأفراح والعزاء، كما أن انخفاض أعداد الإصابات في الفترة الماضية طمأن المواطنين بأن الفيروس ضعف وهذا غير صحيح، حيث أثبتت الدراسات أن سلالات كورونا الجديدة أخطر وأسرع في الانتشار والتدمير.
 
أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرات شديدة الخطورة من موجات قد يتعرض لها العالم من وباء كورونا، وأكدت أن العالم أمام موجتين، ثالثة ورابعة، في حال عدم إلزام حكومات العالم، الشعوب باتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء كورونا الجديد، مطالبة الحكومات بعدم تخفيف جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد.
 
ومع احتمالية دخول مصر في موجة ثالثة من فيروس كورونا، يتساءل البعض عن مدى خطورة هذه الموجة، وهل هناك أعراض جديدة للفيروس، وهل يتسبب تجاهل المواطنين الإجراءات الاحترازية في موجة ثالثة أشد خطورة..
 
الإجابة عن هذه التساؤلات كلها في ما يلي:
يؤكد الأطباء، أن الفترة المقبلة هي الأخطر في معركة كورونا، والتي تحتاج إلى تحلي المواطن بالمسئولية والوعي الكامل، ما يجعله يدرك أنه لا مجال في الوقت الراهن للعودة إلى حياة ما قبل كورونا، محذرين من استهتار المواطنين بالـ68 يوما القادمة، والتي تبدأ من يومنا هذا حتى شهر مايو، حيث إن عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية في هذه الفترة قد يكلف البلد موجة ثالثة ورابعة أعلى وأشد من قبلها والتي قد تغرق النظام الصحي.
 
إجراءات تحتوي الأزمة
الدكتور أمجد الحداد مدير مركز الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح، يؤكد أننا على أعتاب موجة ثالثة من فيروس كورونا، ولكن يمكن أن نتغلب عليها بإجراءات بسيطة تحتوي الموقف، وهي الالتزام بارتداء الكمامة والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وغسل اليدين، وعدم التواجد في أماكن مزدحمة، والنزول من المنزل للضرورة فقط، كل هذا يقلل حدة الموجة الثالثة تماما.
 
ويوضح "الحداد" لبوابة الأهرام، خطورة حدوث الموجة الثالثة، فيقول إن خطورتها ليست في ظهور أعراض جديدة، ولكن من ناحية ظهورها في توقيت صعب، وهو وقت تغيير الفصول، وبداية المدارس، ورجوع الحياة لطبيعتها بالنسبة لمعظم المواطنين واقتراب شهر رمضان والأعياد، كل هذا يزيد من خطورة فيروس كورونا في الفترة القادمة.

التشديد على تطبيق الإجراءات
كما أن انعدام الإجراءات الاحترازية في كل مكان يسهل عملية نشر الفيروس بين الناس، ورجوع التزاحم في وسائل المواصلات والمحال التجارية وغيرها، كل العوامل المحيطة تؤدي إلى زيادة خطورة الفيروس، ودخولنا على موجة ثالثة أشد خطورة، في الشهر القادم.
 
لذا يطالب استشاري المناعة، بالتشديد على المراكز التجارية ووسائل المواصلات وكل مكان بارتداء الكمامة والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وخفض نسبة الناس  في مكان واحد، وكذلك تطبيق الغرامات على كل من لا يرتدي الكمامة، وعدم إقامة الأفراح أو عمل سرادقات العزاء، كما يفضل ارتداء كمامتين في وسائل المواصلات والمحال التجارية.
 
مخاوف من شهر رمضان
ويرى الدكتور إسلام عنان أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن هناك تخوفا من شهر رمضان الكريم، بخاصة مع عادات الزحام والزيارات التي تهدد بارتفاع الإصابات بالتزامن مع موجة كورونا الثالثة، مثلما حدث العام الماضي وحدثت الموجة الثانية.
 
ويوضح أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن الدولة أصدرت الكثير من التحذيرات لعدم الدخول في الموجة الثانية، إلا أن زحمة رمضان وعدم التزام المواطنين بالتحذيرات أدت إلى تصاعد أعداد الإصابة، لذلك فإن احتواء الموقف هذه الفترة يتطلب وعي المواطن حتى لا يتكرر نفس السيناريو مرة أخرى، ولعدم تكرار ما يحدث في الدول الأوروبية.
 
سيناريوهات الموجة الثالثة في مصر
من جانبه، يرى الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أن هناك سيناريوهات متوقعة للموجة الثالثة في مصر:
 
السيناريو الأول: هو أن يحدث انحسار للموجة الثانية في أبريل المقبل، وهذا يحدث حال استمرار المواطنين في التعاون مع الجهود الحكومية وتنفيذ التدابير الاحترازية والوقائية، وكذلك حصول نسبة على لقاح كورونا.
 
السيناريو الثاني: الدخول في الموجة الثالثة ومن ثم الرابعة، وذلك بسبب المواطن، لعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، والاستهتار بها الفترة الراهنة، والتي تعتمد على وعي المواطن.
 
السيناريو الثالث: وهو انحسار الموجة الثانية، ما يجعل المواطنين يحتفلون بالتزامن مع شهر رمضان والأعياد، ويتم إهمال التدابير الوقائية، ليعود الفيروس في الانتشار في شهر مايو، وتتفشى الموجة الثالثة ويمكن حدوث رابعة أيضا بعدها.
 
نصائح للمرور من الأزمة
لذا ينصح الأطباء، المواطنين بالالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية من كورونا، وعدم خلع الكمامة نهائيا حتى نهاية هذا الوباء الذي من الواضح أنه سيستمر لفترة، كما يجب التعود على التباعد الاجتماعي، وعدم التواجد في أماكن مزدحمة، حتى ينتهي كابوس كورونا ونعيش الحياة بشكلها الطبيعي مرة أخرى.