«قطع في الحبل الشوكي والذراع الأمين، وجرح بطول الرأس، بالإضافة إلى كدمات متفرقة في مناطق عديدة من الجسد»، هكذا بدت جثة خالد أبو تيتي، 24 سنة، التي رقدت فوق أحد أسرة مستشفى خاص، عقب الاعتداء عليه من قبل جيرانه وأصدقاء طفولته، بسبب خلافات نشبت بين نجل شقيقه، صاحب الـ8 أعوام، وأقرانه الآخرين في مثل عمره بمنطقة كرداسة، ليكون المشهد المعتاد في الخلافات بين الأطفال سببا في وقوع جريمة قتل بشعة؛ إذ لفظ الشاب العشريني أنفاسه الأخيرة متأثرا بإصابته، عقب مرور أيام على الحادث، ومحاولات مضنية لإنقاذه، باءت كلها بالفشل.

مشاجرة أطفال أدت إلى مقتل الكبار
في قرية ناهيا الغرب بكرداسة، مسرح الجريمة، ومحل إقامة أسرتي الضحية والمتهمين، وتحديدا داخل إحدى الشوارع البسيطة، كما هو حال القرية الريفية الصغيرة، جلست الأسرة الأولى داخل منزلهم المكون من 3 طوابق، ويعد محل الواقعة الأولى التي سبقت حادث القتل؛ إذ تعرّض المجني عليه فيها إلى جرح غائر في منتصف رأسه، استلزم تدخل جراحي للسيطرة على النزيف الناتج عن ضربة قوية بأحد الآلات المستخدمة في الحفر.

بملامح يكسوها الحزن وصوت تغالبه الدموع، روت في أسى والدة «خالد» تفاصيل المشاجرة التي أدت في النهاية إلى مقتل نجلها في حادثة بشعة: «حفيدي و عيال صحابه عندهم 8 سنين كانوا بيلعبوا في الشارع، واتخانقوا على حاجة فواحد من العيال ضرب ابن ابني، فأنا تاني يوم أخدت الواد وروحت لجدة اللي ضرب بقولها مينفعش كده العيال الصغيرة يضربوا بعض، وقوليله ميعملش كده تاني»، في محاولة من السيدة الستينية لفض النزاع بين الأطفال.

اعتداء وسب
لم تكد الأخيرة تنتهي من حديثها حتى فوجئت بالسيدة الأخرى تنهال بالضرب على حفيدها في أثناء احتضانها له: «الست الكبيرة نزلت ضرب في الواد وهو في حجري، وقالتلي مش بس الواد الصغير اللي هيضربه ده أنا كمان»، لتعلو أصوات الطرفين في الحديث: «لما زعقتلها لقيت ابنها نزل من البيت بالملابس الداخلية وزقني وقعني على الأرض، وأمه شتمتني و ابني جيه على الصوت، لأن بيوتنا جنب بعض، والصوت مسمع واتخانق معاهم».

استدراج وقتل
عقب ما يقارب الساعة من الشد والجذب تعمّقت الخلافات، وثارت حفيظة المتهمين المتواجدين حينها، وكان عددهم 3 أفراد أشقاء؛ إذ استعان أحدهم بـ«كوريك» وانهال به على رأس المجني عليه، متسببا في خضوعة لعملية جراحية لخياطة الجرح.

يقول شقيق الضحية: «خالد أخويا أخد 20 غرزة في دماغه، لم يكد يمر أسبوعين على واقعة الاعتداء حتى لحقها الحادث الأخير الذي أودى بحياة المجني عليه»، متابعا: «كنا عايزين الصلح عشان نلم الدنيا بس هما كانوا في نيتهم الغدر خصوصا إنهم هددوه بالقتل، وده اللي حصل فعلا لما اتلم عليه أكتر من 7 أفراد وقطعوه بالسكاكين و الشوم».

استدرجه أحد أصدقائه «من أقارب المتهمين» إلى منزلهم بحجة الصلح وفض الخصومة، ليفاجأ الشاب المغدور به بأن رفيقه نصب له كمينا ليتمكن المتهمون من الاعتداء عليه وقتله: «عملوا عليه كماشة وقتلوه في وسط الناس، ومحدش عرف يحوش لأنهم هددوا أي حد هيقرب إنه هيتقتل».

المتهمون هربوا ومطالبات بالإعدام
4 أيام قضاها الشاب داخل إحدى المستشفيات الخاصة، بعد أن نقلته أسرته إليها، وسط بركة من الدماء، ليسلم بعدها روحه نتيجة نزيف حاد تعرّض له جرّاء إصاباته القاتلة.

وعقب انتشار خبر القتل في القرية لاذ المتهمون بالفرار باستثناء شخص واحد تمكنت قوات الأمن من إلقاء القبض عليه: «عايزة يتمسكوا ويتعدموا ويجربوا الوجع والرعب اللي ابني شافه وهو بيموت»، هكذا ختمت والدة الضحية حديثها بعدما هزمتها دموعها.