عادل نعمان
أنا لست مؤيدا لما تطالب به النساء على طول الخط، إلا ما لهن الحق فيه بعيدا عن الهوس والرعونة، وما تقبله المرحلة، وأقصى ما يطيقه الرجال ويدفعونه على مضض وإكراه، والحق أنهن قد عانين من صنف الرجال فى تاريخه كله، فلن تنسى النساء أنهن قد بعن فى سوق النخاسة، وضاجعهن الرجال عنوة واغتصابا، وأجبروهن جوارى وإماء للخدمة والرقص والطبل، فإياكم يا معشر الرجال أن تأمنوا لهذا التاريخ المفجع، فهو حى فى ضمائرهن. ولست مع صنف الرجال أيضا فى حجب هذه الحقوق ومنعها، تحت دعاوى تاريخية أو دينية،.. وأحذركم.. تاريخكم غير منصف.. وانتصاراتكم على العزل لم تكن بطولة، وتفسيراتكم للنصوص كانت ذكورية وعلى هوى المشايخ من الرجال، ولو كان للنساء فى هذا شأن لكنا نحن معشر الرجال وقوفا على أبواب المحاكم، نصرخ من قلة النفقة، أو رؤية الأولاد أو إثبات واقعة الطلاق.. أيها الرجال بيدكم لا بيد عمرو.
هيا معا إلى هذا المشروع ما له وما عليه:
أولا: أوافق على عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن سنة ، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، إذا تزوج الرجل ولم يخطر زوجته بهذا الزواج الجديد، حتى المأذون ذاته، وأنا أميل إلى مبدأ (اللى يخاف من العفريت ولا يتحاشاه بالإبلاغ يستاهل كل اللى يجراله)، بل أطالب أيضا بأن يكون الزواج من أخرى بقرار من المحكمة، حتى نضمن حياة كريمة للأسرة القديمة والجديدة على السواء، ويكون الرجل قادرا على نفقات وتعليم وتربية كل هؤلاء وإلا فلا وألف لا، بل واحذر وبشدة من التلاعب فى إخطار الزوجة الذى يتم على الورق دون الحقيقة.
ثانيا: أوافق وأؤيد وأشد على يد المشرع أن تكون عقوبة كل من زوج أو شارك فى زواج طفل لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره «ولدا أو بنتا» وقت الزواج بالحبس لمدة عام، وغرامة خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن مائتى ألف جنيه، وكنت أتمنى أن تزيد عن عام والعقوبتين معا، دون (أو أى العقوبتين)، بل لابد أن ينص صراحة على هؤلاء المشاركين فى الجريمة، وهم (الأب للطرفين، والشهود وعاقد العقد حتى لو لم يذكر اسمه) وحتى يعلم الجميع أن المشاركة فى هذا الفعل جريمة تستوجب العقوبة ولا مهرب منها، واحذر وبشدة من تلاعب البعض.
ثالثا: لا أوافق.. ولا أرى سببا وجيها لإنهاء الحق فى الحضانة عند الخامسة عشرة، وهى سن حرجة عند المحضون وخصوصا من البنات، وهن فى احتياج إلى الأم أكثر من غيرها، وأرى استمرار حضانة الأم للأولاد إذا رغبت «بأجر حاضنة» بل وزيادتها بنسبة محددة، على أن يكون قرار القاضى بعد دراسة ظروف الأب والأم معا، والعبرة بما يتحقق من مصلحة للمحضون، فليس كل الآباء أو الأمهات أو الجدات أو الخالات على قدر واحد.
رابعا: توضيح للنساء.. لا أرى سببا لثورة النساء على حق اصطحاب أولادهن «المحضونين» خارج البلاد إلا بموافقة الأب، فقد نص المشروع أيضا على عدم اصطحاب الأب لهم خارج البلاد إلا بموافقة الأم أيضا «فقد نص على عدم جواز تغيير اسم المحضون أو سفره خارج البلاد بمفرده أو رفقة الحاضن إلا بموافقة موثقة من غير الحاضن من الوالدين، فإذا تعذر رفع الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة» وأنا أراه عدلا، لسوء تعامل أيهما فى كثير من الأحيان، والسفر بهم وحرمان الطرف الآخر من أبنائه، إلا أن السؤال فى هذا الأمر وهو جد خطير، وماذا عن الأولاد فى رفقة الأب أو الأم حال السفر خارج البلاد بصحبتهم دون طلاق، وفى الظروف العادية؟.
خامسا: لا أوافق وأرفض وبشدة.. حرمان الحاضنة من الولاية، فهى الأحق بالرعاية والمسؤولية، وهذا أمر ظاهر للعيان، فهى المسؤولة عن تعليمهم ودروسهم وتدريبهم وتوصيلهم وانتظارهم بالساعات أمام المدارس ولجان الامتحانات، والولاية «وأقصد الولاية الكاملة ومنها التعليمية» هنا ليست منحة أو صدقة، بل حق أصيل للشريك والمساهم الرئيسى سواء «الأم أو الأب» وفلا يعقل أن الحاضنة لا تستطيع نقل المحضونين من أبنائها إلى مدارس أخرى دون موافقة الأب، فقد ترى ما لا يراه الأب من مستوى المدارس تعليميا أو تأديبيا أو نقلهم لمحل عملها الجديد، إلا أن إخطار الأب هنا أمر ضرورى وليس للموافقة أو الرفض، ولذلك أرى أن تكون الولاية كاملة من حق الحاضن حتى موعد انتقالها إلى الحاضن الجديد، هل نأتمن النساء على مصير الدول ثم لا نأتمنهن على مصير أولادهن؟
سادسا: كيف تتجاهل الحكومة إثبات الطلاق وتوثيقه، ولو كانت قد تدارست الأمر من الناحية الشرعية، لوجدت من يؤيد إثبات الطلاق وكذلك إثبات الرجعة، استنادا إلى نص القرآن، وتغافل عنها المفسرون من الرجال، ولو كان القرار فى يدى لكان إثبات الطلاق واجبا أمام القاضى، ولا يقع إلا إذا حسمت قضايا النفقة والحضانة والرؤية. ونعود إلى الآية: «فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف، أو فارقوهن بمعروف، واشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله «والتفسير»: فإذا شارفت المطلقة على نهاية العدة، فإما أن يراجعها زوجها ويمسكها، أو يفارقها بالمعروف، «ويشهد ذوى عدل منكم» ومن الفقهاء من فسر أن الإشهاد فى الرجعة فقط، ومنهم من رأى الإشهاد فى الرجعة وفى الطلاق أيضا، لأن كلمة «فأشهدوا» فى الآية جاءت بعد الرجعة والطلاق. والإمامية الجعفرية ترى «شهادة شاهدى عدل شرط لوقوع الطلاق» وهذا الشيخ السيوطى «النكاح بالشهود والطلاق والرجعة بالشهود» وهذا الشيخ أبوزهرة «لو كان لنا أن نختار لأخذنا برأى يشترط لوقوع الطلاق أو المراجعة شاهدى عدل» وكذلك الشيخ الألبانى «لا يمكن أن نشهد الناس فى الزواج «البناء» ولا نشهد الناس فى الطلاق «الهدم» واحب أن أوضح أن شهادة الشهود هى التوثيق بمعناه العصرى، سواء كان أمام المأذون أو القاضى.
أفيقوا يرحمكم الله، النساء نساؤنا والأولاد أولادنا «الدولة المدنية هى الحل».
نقلا عن المصرى اليوم