لقاحات فيروس كورونا حول العالم: نصف مليار جرعة تم استخدامها ودعوات للتبرع للدول الفقيرة
سليمان شفيق
زجاجات فارغة للقاحات تم استخدامها كجزء من حملة التطعيم ضد مرض فيروس كورونا في فيلودروم ناشيونال في سان كوينتين إن إيفلين في مونتيني لو بريتون، جنوب غرب باريس، فرنسا، 26 مارس2021
أفادت إحصائيات الجمعة أن حصيلة جرعات اللقاحات ضد فيروس كورونا التي تم استخدامها حول العالم حتى الآن تجاوزت نصف المليار جرعة في 164 بلدا ومنطقة على الأقل. كما أشارت الإحصائيات إلى قائمة الدول التي حققت تقدما كبيرا في حملات التلقيح وعلى رأسها إسرائيل والمملكة المتحدة والإمارات وتشيلي والبحرين والولايات المتحدة وصربيا والمجر والمالديف ومالطا. من جهتها، حثت منظمة الصحة العالمية الجمعة الدول الغنية على التبرع "فورا" بـ10 ملايين جرعة لقاح للدول الفقيرة ضمن آلية كوفاكس التي تستفيد منها الدول ذات الدخل المنخفض بشكل خاص.
وأفاد إحصاء لوكالة الأنباء الفرنسية، نُشر الجمعة، أنه تم استخدام أكثر من 508,3 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في أكثر من 164 بلدا ومنطقة حتى الآن. وتسارعت نسب حملات التطعيم حول العالم، منذ ظهور اللقاح وبدء شرائه، إذ استعملت أول مئة مليون جرعة لقاح خلال شهرين، في حين استعملت المئة مليون الثانية خلال عشرين يوما، والثالثة خلال 15 يوما، والرابعة خلال 11 يوما، والخامسة خلال ثمانية أيام.
آلية كوفاكس:
من جانبها، حثت منظمة الصحة العالمية الجمعة الدول على التبرع "فورا" بـ10 ملايين جرعة لقاح لآلية كوفاكس التي تستفيد منها الدول ذات الدخل المنخفض بشكل خاص. وقال تيدروس أدهانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحافي إنّ التسابق لتأمين اللقاحات حول العالم تسبب بتأخير طلبيات كانت الآلية تعول عليها، داعيا الدول القادرة على المساهمة للتبرع للبرنامج.
إسرائيل في الصدارة:
لا تزال إسرائيل الدولة التي حققت أكبر تقدم في حملة التلقيح، وبفارق كبير. استعمل البلد الذي يعد تسعة ملايين نسمة نحو عشرة ملايين جرعة لقاح. تلقى ستة من بين عشرة إسرائيليين جرعة لقاح واحدة على الأقل، وتطعم أكثر من نصف السكان بالجرعتين. نتيجة ذلك، تراجع معدل الإصابة بكورونا من 650 لكل مئة ألف شخص في إلى 67 فقط حاليا.
قائمة أبرز الدول المتقدمة في حملات التطعيم:
أبرز الدول الأخرى التي حققت تقدما كبيرا في التلقيح هي المملكة المتحدة (تلقى 43 بالمئة من السكان جرعة واحدة على الأقل) والإمارات (بين 39 و78 بالمئة) وتشيلي (32 بالمئة) والبحرين (27 بالمئة) والولايات المتحدة (26 بالمئة) وصربيا (19 بالمئة) والمجر (19 بالمئة) والمالديف (42 بالمئة) ومالطا (26 بالمئة).
أما بالأرقام المطلقة، فالصدارة للولايات المتحدة (133 مليون جرعة، أي 26 بالمئة من إجمالي الجرعات المستعملة في العالم) تليها الصين (91 مليون) ثم الهند (55,5 مليون).
واستعملت دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون 65 مليون جرعة لقاح، شملت 10 بالمئة من السكان. واستأثرت دول التكتل الأعلى سكانا بنحو نصف عدد الجرعات: فرنسا (10,6 بالمئة) وألمانيا (10 بالمئة) وإيطاليا (9,9 بالمئة) وإسبانيا (9,5 بالمئة بتاريخ 24 مارس
الإمارات وتشيلي تنتقلان إلى السرعة القصوى:
وعند استثناء الدول التي تعد أقل من مئة ألف نسمة، يتضح أن الإمارات كانت أسرع الدول في التلقيح خلال الأسبوع المنقضي، إذ طعّمت يوميا 1,08 بالمئة من سكانها.
وتليها تشيلي (0,96 بالمئة) ثم المملكة المتحدة (0,87 بالمئة) فمالطا (0,85 بالمئة) والبحرين (0,79 بالمئة) والولايات المتحدة (0,76 بالمئة).
وتأتي لاحقا فرنسا (0,35 بالمئة) وإيطاليا (0,33 بالمئة) وألمانيا (0,30 بالمئة) وإسبانيا (0,26 بالمئة).
انطلاقة متعثرة في الدول الفقيرة:
استأثرت الدول "عالية الدخل" (بمعايير البنك الدولي) أكثر من نصف الجرعات المستعملة (54 بالمئة) مع أنها تعد 16 بالمئة فقط من سكان العالم.
لكن النسبة في تراجع مع تسارع حملات التلقيح في الدول "متوسطة الدخل".
من ناحية ثانية، بدأت عدة دول "ضعيفة الدخل" حملات تلقيح بفضل "آلية كوفاكس" التي وضعتها منظمة الصحة العالمية والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (غافي) وتحالف الابتكارات في التأهب للأوبئة (سيبي).
لكن انطلاقتها متعثّرة، إذ استعملت تلك الدول 0,1 بالمئة فقط من التطعيمات المتحقّقة على المستوى العالمي
وسجلت إفريقيا حتى الآن استعمال أقل من جرعة (0,7) لكل 100 ساكن، مقابل 37 في الولايات المتحدة وكندا و15 في أوروبا
خريطة اللقاحات
استعمل اللقاح السويدي البريطاني الذي طورته أسترازيكيا وأكسفورد في الدول الغنيّة (المملكة المتحدة، الاتحاد الأوروبي وغيرها) والدول الفقيرة على حد سواء، ويعود ذلك خاصة لآلية كوفاكس التي تمثل المزود الرئيسي به، كما ينتج ويستعمل بكميات كبيرة في الهند
أما لقاح تحالف فايزر-بايونتيك الأمريكي الألماني ولقاح موديرنا الأمريكي، الأعلى كلفة والأصعب حفظا، فيتركز استعمالهما أساسا في الدول الغنيّة
أما لقاح سبوتنيك-في الروسي واللقاحان الصينيان اللذان طورتهما سينوفارم وسينوفاك، فيستعملان أساسا في دول المنشأ وكذلك في الدول الصاعدة والنامية
في ما يخص لقاح جونسون أند جونسون الأميركي، المكوّن من جرعة وحيدة، فينحصر استعماله حاليا في الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، لكنّه رُخص في كندا والاتحاد الأوروبي
اسباب تأخر الدول الفقيرة وصراعات الشركات:
انطلقت الخميس قمة عبر الإنترنت لدول الاتحاد الأوروبي في بروكسل بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن. وتناقش القمة مسألة التزود باللقاحات، والخلافات بين الاتحاد وبريطانيا. وتعتبر بروكسل أن مجموعة أسترازينيكا البريطانية-السويدية مطالبة بتزويدها بكميات اللقاح المقررة بينهما في حين ترى المجموعة أن عقدها مع لندن يفرض عليها منح الأولوية للطلبات البريطانية
ومع انتشار موجة ثالثة من الوباء في كل أنحاء أوروبا، يتوقع أن يعالج الاتحاد الأوروبي خلال قمته الافتراضية التي حضرها الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس مسألة بطء حملات التحصين في القارة ومشاكل تسليم لقاحات أسترازينيكا، وهي مسائل تثير الإحباط داخل التكتل
وقال زعماء الدول الأعضاء الـ27 في مسودة استنتاجات اطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية "الإسراع في إنتاج اللقاحات وتسليمها وتقديمها ما زال ضروريا من أجل التغلب على الأزمة، ويجب تكثيف الجهود في هذا الاتجاه
وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأربعاء "قال الأمريكيون منذ صيف العام 2020 سنسخر كل وسائلنا وننطلق. لذلك لديهم كمية أكبر من اللقاحات. أبدوا طموحا أكبر من طموحنا".
وضع "خطير جدا"
وأكد الاتحاد الأوروبي والسلطات البريطانية الأربعاء العمل على حل يخدم مصلحة الطرفين" لتسوية هذا الخلاف".
وفي مواجهة "وضع وبائي خطير جدا"، شددت المفوضية الأوروبية آلية الاشراف على تصدير اللقاحات التي أقرت في يناير ما أثار انتقادات لندن، الوجهة الرئيسية للجرعات المصدرة من القارة الأوروبية
وصدر الاتحاد الأوروبي نحو 10 ملايين جرعة من كل اللقاحات إلى المملكة المتحدة لكنه لم يتلق في المقابل أي جرعة منتجة لديها، على الرغم من أن العقد الموقع مع ينص على إرسال جرعات من مصنعين في المملكة المتحدة
وأوضحت المجموعة أن عقدها مع لندن يفرض عليها منح الأولوية للطلبات البريطانية
بدورها، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين من أن الاتحاد الأوروبي "يصدر على نطاق واسع" ولكن "يجب السير في الاتجاهين
وسارع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى التنديد بهذه الإجراءات وحذر من عواقب "الحواجز التعسفية" على لقاحات مضادة لفيروس كورونا
ووفقا لشركة التأمين "يولر هيرميز"، فإن تأخر الاتحاد الأوروبي لسبعة أسابيع حتى الآن في الجدول الزمني للتلقيح، قد يكلف اقتصاده 123 مليار يورو في العام 2021
تأخر في لقاحات "كوفاكس"
أعلنت شركة أسترازينيكا البريطانية-السويدية أن لقاحها المضاد لكوفيد-19 فعّال بنسبة 76% في الوقاية من الأعراض المرضية للفيروس، وذلك بناء على بيانات محدثة لنتائج تجربة سريرية جرت في الولايات المتحدة والبيرو وتشيلي.
وبذلك تكون أسترازينيكا قد خفضت نسبة فعالية لقاحها من 79% قبل صدور هذه النتائج إلى 76% اليوم، وذلك بعد أن أعربت الهيئة الأمريكية الناظمة للقاحات عن مخاوف من أن تكون الشركة استخدمت بيانات قديمة لتحديد مدى فعالية اللّقاح
من جانبها، مددت الدانمارك تعليق استخدام لقاح أسترازينيكا لمدة ثلاثة أسابيع على الرغم من أن الهيئة الناظمة الأوروبية ومنظمة الصحة العالمية أعلنتا أنه "آمن وفعال". وتحتاج السلطات الدانماركية إلى "مزيد من الوقت" لاستبعاد وجود صلة بين عدد قليل من حالات جلطات الدم الخطيرة ولقاح أسترازينيكا
وهناك مشكلة أخرى مرتبطة بأسترازينيكا: فالجرعات التي ينتجها معهد "سيروم إنستيتيوت" في الهند و"التي كان من المقرر شحنها في مارس أبريل" عبر آلية كوفاكس لمساعدة البلدان المحرومة، "ستتأخر بسبب عدم تلقيها تراخيص التصدير" من الهند التي تواجه طلبا محليا متزايدا وموجة جديدة من الفيروس وفقا لناطق باسم تحالف اللقاحات غافي).
وتهدف آلية كوفاكس إلى تقديم جرعات لـ20 في المئة من سكان حوالى 200 بلد ومنطقة هذا العام وتتضمن آلية تمويل لمساعدة 92
محرومة وفقيرة.