تمضي الأيام والعمر كثوان معدودات وتبقى في الذاكرة لحظات سعيدة وأيضا مؤلمة لا يمكن محوها مهما مرت تعاقبت السنين، والطبع لن ينسى أهالي منطقة جسر السويس تلك المشاهد المروعة التي خلفها حادث العقار المنهار، جثث متناثرة وصرخات تدوي لعنان السماء، لحظات عصيبها عاشها الضحايا وجيران العقار المنكوب صباح اليوم.     

 
مع دقات الساعة الثلاثة فجرا، وبينما كان الشاب مصطفى بركات جالسا في غرفته الملاصقة لـعقار جسر السويس المنهار، منهمكا في مذاكرته مستغلا الهدوء السائد في المكان، إذ بهزة شديد أشبه بالزلزال، تعصف بالمكان أسقطت جميع أدواته من حوله، فانتفض  من مكانه متوجها نحو مصدر الصوت، إذ بالعقار المجاور له أصبح ترابا، «نزلت أجري مش شايف قدامي عشان أحاول أنقذهم».
 
مشهد مروع.. جثتان لـ أم تحتضن رضيعها 
مشاهد كثيرة مؤلمة مرت على الشاب العشريني، الذي شاهد جيرانه يفارقون الحياة أمام عينيه، يتساقطون تدريجيا واحد تلو الآخر حتى اختفت أجسادهم تحت الركام، ولكنها لن تكون أصعب من ذلك المشهد على قلب وذاكرة «مصطفى»، عندما أبصر لحظة انتشال سيدة تحتضن رضيعها.   
 
الحادث ليس الأول
لم تكن الحادث الأولى الي يشهدها العقار المنهار، هكذا أكد «مصطفى»، متذكرا تلك الواقعة التي حدثت قبل أربعة أشهر، حين نشب حريق هائل في الطوابق الأولى من العقار نتيجة اشتعال في مصنع الملابس الكائن بالمبني، وانتهى الأمر بالسيطرة على الحادثة، رغم استغاثة الأهالي بتأمين المكان حفاظا على أرواحهم.
 
حرائق في مصانع الملابس ومخازن الأقمشة
«الناس حاولوا يطفوها يسيطروا عليها، لأن نتيجة الحوادث المتكررة دي ظهرت شروخ بدأ الناس يشتكوا منها»، يؤكد مصطفى أن العقار شهد حرائق عدة، فضلا عن وقائع مشابهة في العقارات المجاورة: «كان فيه حرائق كتيرة في مصانع ملابس ومخازن أقمشة».