لم يتجاوز الطفل «زياد» العاشرة من عمره، لحظة أن تبدلّت ملامحه الطفولية، وشاب شعره تحت بياضه، وقد بات ينتظره مصيراً مجهولاً بعدما أجبره والده على مشاركته في مجزرة بشعة، قُتل خلالها خالته وشقيقه وأصيبت والدته وجدته وشقيقيه.
طفولة مهدرة
«زياد» التلميذ النابة في الصف الأول الابتدائي، الذي كان المدرسون ينادونه بـ«الدكتور زياد»، متوقعين له أن يُصبح طبيبا عبقريا حينما يكبر، صار في مهده كهلا، عليه أن يواجه متاعب حياة أكثر قسوة من قلب أبيه، الذي بدلاً من أن يعينه على الاستمرار في التفوق، دفعه إلى طريق الإجرام رغماً عنه، بعدما استعان به في ارتكاب جريمة بشعة وُصفت بـ «مجزرة الفيوم».
الجريمة كان ضحيتها أسرة الصغير، خالته وشقيقه الذين لقيا مصرعهما على الفور، فيما تسبب بحر الدماء الذي فتحه في غرق والدته وشقيقيه وجدته، وقد تم نقلهم إلى المستشفى وهم يصارعون الموت.
في الطريق إلى الموت
«زياد» الطفل الهادئ صاحب الشعر الطويل والعيون السوداء اللامعة، أيقظه والده من نومه ثم طلب منه تنفيذ ما يطلبه منه وإلا سيقتله فوافق الطفل، وظل يجلس رفقة والده حتى الحادية عشر ونصف مساءً، عندما اصطحبه إلى الشارع متوجهين إلى منزل أسرة والدته.
وما أن وصلا إلى منزل أسرة والدته، حتى طلب منه والده أن يحمل كيس الطلقات ويناوله الطلقات حين يطلب منه وإلا سيقتله مع والدته وأشقائه، وقف «زياد» إلى جوار والده الذي أطلق النيران على شباك «ألوميتال» حتى تمكن من كسره، ثم طلب من طفله أن يسند له السلم الخشبي ليتمكن من الصعود والدخول إلى المنزل، ثم طلب من طفله صعود السلم والدخول معه ومناولته «الطلقات الآلية» أولاً بأول.
دخل «زياد» رفقة والده إلى منزل جدته، ثم دخلا إلى غرفة النوم فوجدا والدته وأشقائه وخالته وطفلها وجدته يختبئون بغرفة النوم خوفاً من والده وترجوّه كثيراً ألا يقتلهما، وهم يتمهلونه بالوعود «كل شئ سيحل بالتفاهم»، ولكنه كان قد اتخذ قراره مُسبقاً بقتلهم.
فتح والده النيران على ضحاياه دون رحمة أو شفقة وكلما نفذت الرصاصات منه طلب من «زياد» مناولته طلقات أخرى، حتى سقط الجميع غارقون في دمائهم، حيث انفجر رأس شقيقه الصغير «آدم» وأصيب نصف وجه والدته بطلقة أفقدتها عينها، وغرقت خالته في دمائها إثر إصابتها بطلق ناري في البطن، وأصيب شقيقه وشقيقته كل منهما بطلقة في قدمه.
لم يكن ذلك المشهد المؤسف هو الأزمة الوحيدة في حياة «زياد» لكن الموقف الأكثر سوءاً كان تواجده وسط معركة تبادل إطلاق نيران بين والده وبين قوات الشرطة ورؤيته لوالده يموت أمام عينيه.
هروب سفاح الفيوم
أنهى «عمرو الربعاوي» الذي اشتهر بـ «سفاح الفيوم» جريمته واصطحب طفله معه وتوجها إلا الأراضي الزراعية، ثم أخذه معه للاختباء في منزل مهجور ملك جده لوالده، حيث اختبئا في المنزل ليومين قبل أن تأتي قوات الشرطة لتلقي القبض على والده حيث تبادل والده إطلاق النيران مع قوات الشرطة ثم أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع داخل المنزل المختبئين به ليتمكنوا من ضبط والده ما أدى لاستشهاد عميد الشرطة محمد عمار زناتي، مدير قوات الأمن المركزي بالفيوم.
لحظة مقتل المجرم الكبير ورعب القلب الصغير
وبعد استمرار تبادل إطلاق النيران قرابة الساعة لقي والده مصرعه إثر إصابته بطلق ناري في الصدر والقلب، فيما نجحت قوات الشرطة في إخراج «زياد» من تلك المعركة دون إصابته بخدش واحد، حيث احتضنه الرائد محمد عشري رئيس مباحث مركز سنهور، وأحضر له كيساً بلاستيكياً ممتلئاً «عصير وبسكويت وشيبسي» ثم اصطحبه إلى قسم الشرطة حيث بات ليلته في قسم الشرطة قبل أن يتم عرضه على النيابة في اليوم التالي.
وأمرت النيابة العامة بإيداع زياد في إحدى دور الرعاية عقب خضوعه لاختبارات نفسية وخضوعه للتأهيل النفسي اللازم، ثم إيداعه بدار رعاية لعدم تقدم أي شخص من أسرة والده أو والدته لاستلامه لتولي مسؤوليته، لينتهي به المطاف في إحدى دور الأيتام.