في «القاموس المحيط»، اسم «ريماس» يعني الدّفن والقبر، اسم كان لطفلتين نصيب مفزع منه، الأولى في مدينة «بني مزار» بالمنيا، شهدت مقتل والدتها وأخيها أمام عينيها في حادثة بشعة بطلها صديق الأب، انتهت حياة أحبائها في غمضة عين، الصغيرة الثانية في مدينة «دكرنس» بالدقهلية، قاومت شابًا حاول اغتصابها حتى الموت، تشابها في الاسم دون القدر، الأولى فقدت أحبائها والثانية فقدها ذويها.
«ريماس» بني مزار
اصطحبت الأم صغيريها لزيارة أحد أقاربها، لم تكن تعلم أن «الخروجة» لن تعود منها للأبد، ففي مدينة «بني مزار» بالمنيا، استعدت الأم «مريم» والتي شارفت على عامها الـ27، ساعدت طفليها في ارتداء ملابسهما، وقفت قليلًا أمام المنزل في انتظار «توك توك» يأخذهما في طريقه، خرج الثلاثة سويًا لكن لم يعد للمنزل إلا الطفلة «ريماس» وحدها، بلا أم وبلا أخ، فقدتهما في جريمة بشعة كان بطلها صديق أبيها.
اختبأت «ريماس» في أحد المنازل، بعدما استنجدت بأحد القاطنين من مكان الواقعة، حيث فتحت لها إحدى شهود العيان باب منزلها محاولة تهدئة الصغيرة التي باتت شاهدة وناجية.
الطفلة الناجية من حادث «بني مزار»، شرحت تفاصيل الجريمة المؤلمة التي أفزعت الطفلة وشاهدت مشاهد قتل مروعة ولادتها وشقيقها الأضغر بالساطور على يد القاتل، الذي نفذ جريمته ظهيرة يوم الثالث من شهر إبريل الجاري ثم فر هاربًا، وبعدها عثرت الشرطة على جثمان المجني عليها وطفلها بشارع سبعة ببندر بني مزار، وأسرعت في نقل الطفل إلى المستشفى إثرَ مُحاولة لإسعافه لكنه مات إثر إصابته، ومات والدته أيضًا بعدما تبين إصابات برأسها وجبهتها.
كاميرات المراقبة
وعثرت «النيابة العامة» على كاميرا مراقبة بعقار مجاورٍ لمسرح الحادث يُطلُّ عليه، فتحفظت على تسجيلاتها لفحصها، وسألت مالكها فشهد بسماعه وقت الحادث استغاثة رأى على إثرها مجهولًا أشهر ساطورًا ضرب به المجني عليهما ثم فرَّ بمركبة «توك توك» من المكان، فراجع تسجيلات آلة المراقبة التي يحوزها، ورأى استقلال المجني عليهما «توك توك» وتوجههما نحو موقع الحادث، وقد تَبِعهم آخرُ قاد مركبة مماثلة منفردًا.
وإثر توصل الشرطة لتحديد هوية المجني عليهما، سألت «النيابة العامة» ابنة المتوفاة فقررت مغادرتها يوم الواقعة مسكنها برفقة والدتها وشقيقها قاصدين زيارة سيدة من ذويهم، فاستقلوا مركبة «توك توك» وفي طريقهم اعترضتهم مركبة مماثلة أوقفهم قائدها، وطلب من والدتها تسليم هاتفها إليه فامتنعت ونشبت لذلك مشادَّة بينهما انتزع خلالها المذكور الهاتف عنوة منها، فَعَلَتْ صرخاتُها، مما دَفعَه إلى استلال ساطورٍ من مركبته ضرب به والدتها وشقيقها إثر محاولته إغاثتها، ثم نزع من ملابس المجني عليها نقودًا وبطاقة تحقيق شخصيتها وحاول التعدي على الطفلة، ولكنها فرَّت منه مختبئةً بمنزل بالجوار، وشهدت صاحبة هذا المنزل بسماعها صراخ المجني عليها واستقبالها الطفلة التي طلبت إيواءها بمسكنها فرارًا خلال الحادث.
فيسبوك
ساهم «فيس بوك» في كشف هوية الجاني بعد أن تمّ العثور على صورته، وبعرضها على زوج المجني عليها وشاهد للواقعة ونجلة المجني عليها فتعرفوا عليه، وتوصلت «النيابة العامة» لصديق للمتهم عثرت في هاتفه على محادثة بينهما أفصح المتهم فيها عن اعتزامه السفر للخارج، فحصلت «النيابة العامة» على بياناته من «مصلحة الأحـوال المدنية» بوزارة الداخلية، ووضعته على قوائم الممنوعين من السفر وأمـرت بإلقاء القبض عليها، وتزامن ذلك مع ورود تحريات الشرطة مؤكدةً ارتكابه الـواقعة.
القبض على القاتل
تمكّنت المباحث من المتهم واستجوابه أقرَّ بقتله المجني عليهما عمدًا مع سبق الإصرار والترصد على إثر خلافاتٍ بينَهُ وبينَ المجني عليها وزوجِها، إذ تتبعها يوم الواقعة وقتلها وطفلَها على إثر المشادَّة التي نشبت بينهما وانتزاعه هاتفها منها ومحاولة الطفل إغاثة والدته، وقد أدى المتهم محاكاة لكيفية ارتكابه الواقعة في مسرح الحادث، وشهدت زوجته وشقيقه باعترافه إليهما بارتكابه الواقعة. وعلى هذا أمرت «النيابة العامة» بحبس المتهم لمدة 4 أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات.
«ريماس» مدينة «دكرنس»
على الجانب الآخر، كانت هناك «ريماس» ثانية، لكنها لم تكن ناجية بل ضحية، «ريماس» صاحبة الـ9 سنوات في مدينة «دكرنس» بالدقهلية، هي من سال دمها على يد شاب حاول الاعتداء الجنسي عليها بالقرب من منزل أسرتها، فرطم رأسها بالأرض حتى فقدت الوعي وسدد لها طعنات في الصدر والظهر حتى تأكّد من قتلها وألقى جثمانها على درجات سلالم منزله وأخفى «الشبشب» الذي كانت ترتديه في قدميها وملابسها في «منوّر» العقار ذاته.
اعترف «عبدالعظيم م.»، 43 سنة، حداد، المتهم بقتل «الطفلة ريماس»، بارتكاب الواقعة، مؤكّدًا أمام النيابة العامة في أثناء التحقيق معه، أمس، أنَّه لجأ لقتل الطفلة بعد فشله في اغتصابها وصراخها عندما علمت بنيته، مبينًا أنَّه عندما شاهد الطفلة تسير في شارع بالقرب من محل سكنه، وكانت الساعة 11 صباحا، نادى عليها وطلب منها اصطحابه لشراء بعض الحلوى، واستدرجها إلى سلم منزله.
فور دخول المتهم المنزل حاول لمس أجزاء حساسة من جسدها، إلا أنها رفضت أن يقترب منها وقاومته، وحاول معها مرة أخرى فرفضت وبدأت في الصراخ، وكان بجواره سكينا، فوجه لها 3 طعنات في أنحاء متفرقة من جسدها، وفكر في إخفاء الجثة أسفل سلم البيت، وفق ما جاء في اعتراف المتهم، الذي أشار إلى أنَّه بمجرد أن عاد إلى داخل الشقة ليتخلص من آثار الدماء سمع تجمهر الأهالي أسفل البيت، وصعدوا إلى البيت وألقوا القبض عليه وسلموه إلى الشرطة.
وقررت النيابة العامة بإشراف المستشار حسام معجوز، المحام العام لنيابة شمال المنصورة الكلية، حبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، وكشف التقرير المبدئي لمعاينة الطب الشرعي لجثة الطفلة عدم وجود ثمة آثار تعد جنسي، مع وجود خدوش بأنحاء متفرقة بالجسم وطعنات مسددة بأنحاء متفرقة.
وصرحت النيابة العامة بدفن جثة الطفلة ريماس، عقب الانتهاء من تشريح الجثة، وشارك المئات من أهالي دكرنس في جنازتها وسط حالة من الحزن الشديد، وكثفت مديرية أمن الدقهلية من تواجدها الأمني في مدينة دكرنس وخاصة في منطقة الحادث، والعقار الذي كان يسكنه المتهم، ودفعت بقوات أمن مركزي لمنع وقوع أي أحداث عنف، خاصة مع حالة الغضب التي تسيطر على أهالي المدينة.
الواقعة الأخرى، للصغيرة «ريماس أكرم» صاحبة الست سنوات، كانت تجلس إلى جوار والدتها وشقيقها الأصغر «كراس» الذي لم يكمل عامه الثالث، فجأة طاردهم سائق «توك توك آخر»، يحاول استيقافهم، وخطف الهاتف المحمول من يد والدتها عنوة، الأم قاومت، لكنه لم يتوقف عن محاولاته، ليشهر في وجهها «ساطور»، لم تتحمل الصغيرة رؤية والدتها وأخيها والدماء تسيل منهما، هربت الطفلة مستغيثة بأهالي المنازل القريبة من مسرح الجريمة، في حين كان سائق الـ«توك توك» واقفًا في خوف من القتل، بعدما هدده المتهم بالموت في حال الاقتراب منه أو مقاومته.