حمدي رزق
أن تأتى متأخرًا عليك ألا تأتى أبدا، لافت دخول «إدارة بايدن» المتأخر على ملف سد النهضة، صمتت الخارجية الأمريكية دهرا ونطقت!.
المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، «صامويل وربيرج» يصرح بعد فشل جولة المفاوضات الثلاثية تحت مظلة الاتحاد الإفريقى فى كينشاسا: «نؤمن بالحل الدبلوماسى لأزمة سد النهضة، وندعو مصر والسودان وإثيوبيا إلى الجلوس على طاولة المفاوضات.. ونرفض الإجراءات أحادية الجانب».
وقدم «وربيرج» باسم إدارة بايدن، عرضًا لتقديم أفكار فنية تساعد فى حل الأزمة (لاحظ أفكار.. وفنية)، وإن واشنطن ستستمر فى دعم الجهود الدبلوماسية، مؤكدا على أهمية (الوساطة الإفريقية) فى حل أزمة سد النهضة!.
عجبا، لم يأت «وربيرج» على ذكر مقترح الرعاية الرباعية من قريب أو بعيد، ربما لم يسمع عنه أو يتجاهله، رغم أن واشنطن مدعوة إليه!.
هكذا، لم يأت «وربيرج» بجديد على الأسماع، خلاصة الموقف الأمريكى تفاوضوا إلى ما لا نهاية تحت مظلة الاتحاد الإفريقى حتى يمتلئ السد ويصبح واقعا، وإياكم من الإجراءات الأحادية، باعتبار أن الملء الأول للسد والشروع فى الملء الثانى، دون رغبة مصر والسودان، ليس إجراء أحاديا بل واعتداء صارخا على القانون الدولى.
عجبا هذا هو الموقف الإثيوبى بعينه، بيان الخارجية الأمريكية لا يخرج عن كونه ترجمة، تبنى لوجهة النظر الإثيوبية كاملة، راجع اتصال وزير خارجية إثيوبيا «دمقى مكونن»، ومستشار الأمن القومى الأمريكى «جاك سوليفان»، وبحسب البيان الإثيوبى «مكونن» يؤكد لسوليفان «أن مفاوضات سد النهضة، برعاية الاتحاد الإفريقى، ضرورية بالنظر إلى كونه مراقبًا محايدًا ومنصفًا».
إدارة بايدن التى ألغت، بمجرد وصولها البيت الأبيض، قرار (إدارة ترامب) بتعليق مساعدات بقيمة (٢٧٢ مليون) دولار كانت مخصصة لإثيوبيا، بسبب التعنّت فى المحادثات التى رعتها واشنطن بشأن سد النهضة، ورفض التوقيع على اتفاق رعته وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولى، بل صرحت (إدارة بايدن) عجبا بأن المساعدات الأمريكية لإثيوبيا لا ترتهن بالسد!!.
هذه الإدارة تتحدث اليوم بلسان إثيوبى، تتبنى الأجندة الإثيوبية التى تقوم على إطالة أمد المفاوضات تحت المظلة الإفريقية حتى يتم الملء الثانى، وتقيد الإجراءات المصرية / السودانية فى مواجهة الإجراءات الأحادية الإثيوبية.
لم يشر المتحدث الأمريكى «وربيرج» إلى ربط الملء الثانى مثلا بإتمام المفاوضات، أو تأجيله حتى ينضج الاتفاق، وتجاهل الرباعية المقترحة من السودان وبموافقة مصر، رغم النص على تمثيل واشنطن فيها كطرف على الطاولة، وتحبيذ وساطة الاتحاد الإفريقى التى تفشلها إثيوبيا تباعًا، وساطة تخلو من أى إجراءات ملزمة للأطراف.
الخارجية المصرية أعلم منا جميعا بالموقف الأمريكى، ومصر لا ترهن مواقفها بمواقف خارجية أو إقليمية، تنطلق من أرضية وطنية فى مواجهة الصلف الإثيوبى، وخطوطها الحمراء واضحة تماما، وإن جنحوا للتفاوض الجاد المثمر فنحن لها تفاوضًا، والخيارات جميعها مفتوحة على قول الرئيس السيسى.
نقلا عن المصرى اليوم