كشف بحث جديد عن دور مفاجئ لما يسمى جينات "القفز" التي تعد مصدرا للطفرات الجينية المسؤولة عن عدد من الأمراض البشرية.

 
وفي الدراسة الجديدة التي أجراها معهد أبحاث المركز الطبي للأطفال في جامعة تكساس ساوث وسترن (UT Southwestern)، توصل العلماء إلى اكتشاف غير متوقع بأن تسلسل الحمض النووي، المعروف أيضا باسم "الينقولات" أو "الجينات القافزة"، يمكن أن يحمي من بعض أنواع سرطان الدم.
 
وقادت هذه النتائج، التي نُشرت في مجلة Nature Genetics، العلماء إلى تحديد علامة بيولوجية جديدة يمكن أن تساعد في التنبؤ بكيفية استجابة المرضى لعلاجات السرطان وإيجاد أهداف علاجية جديدة لسرطان الدم النخاعي الحاد (AML)، وهو النوع الأكثر فتكا من سرطان الدم لدى البالغين والأطفال.
 
والينقولات هي تسلسلات الحمض النووي التي يمكن أن تتحرك أو تقفز من موقع في الجينوم إلى آخر عند تنشيطها. وعلى الرغم من وجود العديد من الفئات المختلفة من الينقولات، إلا أن العلماء في مختبر الدكتور جيان شو ركزوا على نوع يعرف باسم الينقولات الطويلة المتناثرة للعنصر -1 (L1).
 
وتعمل تسلسلات L1 عن طريق نسخ نفسها ثم لصقها في مواقع مختلفة في الجينوم، ما يؤدي غالبا إلى طفرات يمكن أن تسبب أمراضا مثل السرطان. ويحتوي ما يقرب من نصف جميع السرطانات على طفرات ناتجة عن إدخال L1 في جينات أخرى، وخاصة سرطان الرئة والقولون والمستقيم وسرطان الرأس والرقبة.
 
وتعد نسبة حدوث طفرات L1 في سرطانات الدم مثل سرطان الدم النخاعي الحاد (AML) منخفضة للغاية، ولكن الأسباب وراء ذلك غير مفهومة جيدا.
 
وعندما فحص الباحثون خلايا سرطان الدم النخاعي الحاد (AML)البشرية لتحديد الجينات الضرورية لبقاء الخلايا السرطانية، وجدوا أن MPP8، وهو منظم معروف لـ L1، مطلوب بشكل انتقائي بواسطة خلايا سرطان الدم النخاعي الحاد.
 
وبدافع الفضول لفهم الأساس الكامن وراء هذا الارتباط، درس العلماء في مختبر جيان شو كيفية تنظيم تسلسل L1 في خلايا سرطان الدم لدى الإنسان والفأر. وقاموا باكتشافين رئيسيين. الأول هو أن MPP8 منع نسخ تسلسلات L1 في الخلايا التي تبدأ سرطان الدم النخاعي الحاد. والثاني هو أنه عندما يتم تشغيل نشاط L1، يمكن أن يضعف نمو أو بقاء خلايا سرطان الدم النخاعي الحاد.
 
ويقول الدكتور جيان شو، كبير مؤلفي الدراسة: "كانت النتائج الأولية التي توصلنا إليها مفاجأة لأنه كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن الينقولات المنشطة تعزز تطور السرطان عن طريق توليد طفرات جينية. ووجدنا أنه عكس ذلك بالنسبة لسرطانات الدم، وأن انخفاض نشاط L1 ارتبط بنتائج سريرية أسوأ ومقاومة العلاج لدى المرضى".
 
وهكذا قام MPP8 بقمع L1 من أجل حماية جينوم الخلية السرطانية والسماح للخلايا البادئة لسرطان الدم النخاعي الحاد بالبقاء والتكاثر.
 
وتحتاج الخلايا السرطانية، تماما مثل الخلايا السليمة، إلى الحفاظ على جينوم مستقر لتتكاثر. ويمكن للعديد من الطفرات، مثل تلك الناتجة عن نشاط L1، أن تضعف تكاثر الخلايا السرطانية.
 
ووجد الباحثون أن تنشيط L1 أدى إلى عدم استقرار الجينوم، والذي بدوره أدى إلى تنشيط استجابة تلف الحمض النووي التي أدت إلى موت الخلية أو القضاء على قدرة الخلية على تكرار نفسها.
 
ويعتقد الدكتور شو أن هذا الاكتشاف قد يوفر تفسيرا ميكانيكيا للحساسية غير العادية لخلايا سرطان الدم النخاعي للعلاجات المسببة لتلف الحمض النووي والتي تستخدم حاليا لعلاج المرضى.
 
ويقول شو: "اكتشافنا أن تنشيط L1 يمكن أن يثبط بقاء بعض أنواع سرطانات الدم على قيد الحياة يفتح إمكانية استخدامه كمؤشر بيولوجي تنبؤي، وربما الاستفادة من نشاطه لاستهداف الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا الطبيعية".