بقلم: محمود عرفات

 هذا حديث البكاء عن مصر المنحوسة المهروسة التي تنسمت ربيعا فجاءت عاصفة رملية من الجزيرة العربية ، مصر التي خرجت لخلع رجل واحد فيما يبدو دون اتفاق على أدنى شئ يلي هذا الرجل و مع رحيله تحولت البلاد لمسخرة حقيقية تضحك القاصي و الداني و تدفع بالكثيرين الى تمني عودة مبارك.

منذ أيام تابعت غير مصدق سجن أحد المواطنين بالغربية لأنه (سب الصحابة) و مطالب ازهرية بالتصدي للمذهب الشيعي في مواد الدستور -!- و تجريم سب الصحابة -!!- في مشاهد مبهرة حقاً.
 
ما أكتبة أكتبه عالماً أنه ضدي و ربما يقود للحل الامثل و هو اعتباري شيعي..و لا مؤاخذة !!  
*مبدئياً فما هو سب الصحابة؟
لو قلت اصحابة قتلوا بعضهم و شنوا حرب أهلية كبرى و تسببوا في مقتل الآلاف على صراع يخص الحكم فهل هذا سب؟
لو قلت الصحابة اختلفوا فقهيا و تشاجروا عقائديا و بعضهم هاجم عقيدة بعض و بعضهم نفى الاخر من البلاد فهل هذا سب؟
لو قلت الصحابة المكيين منحوا أبا بكر الحكم بشكل لا يعبر عن الكفاءة بقدر القرشية فهل هذا سب؟
 
بإختصار أي شئ يرويه التاريخ و لا يروق للبعض هو سب ، أي حقيقة كهدم الكعبة مرة و حرقها مرة أخرى بالعهد الاموي هو سب ، أي حديث عن مهازل الحرب الاهلية الكبرى التي نسميها الفتنة هو سب ، إن السب الذي نعرفه ان نهين إنسان لا أن ندلي برأينا فيه تحليليا علميا ، حين أقول أن عمرو بن العاص مخادع سياسي و نهم لحكم مصر و مشارك في جريمة الحرب الاهلية فهل هذا سب؟ .. بلادنا لا تعرف معنى السب فلو قلت لك أنك مخادع فهذا ليس سب لكن لو بن العاص مخادع فهذا سب ، لو قلت لك أن شارون قتل الاسرى فهذه حقيقة و ليست سب لكن أن أقول لك خالد بن الوليد اعتاد قتل الأسرى و الجرى فهذا سب حتى لو كان بن الخطاب قد طلب قتله لهذا الامر ، ما معنى سب الصحابة أصلاً إلا أنها حجة لتزييف تاريخ و صنعه ملائكيا و تحويله لنعيم مقيم و هو كارثة دموية حقيقية؟؟
 
 
*من صاحب الحق في الاحتجاج؟
لو افترضنا ان هناك من سب و لعن و قذف صحابي ما فمن له الحق في رفع دعوى؟
لا احفاد للصحابة معروفين و طبعا كل الصحابة ماتوا فمن له الحق قانونا في رفع دعوى اساءة؟
الاجابة لا أحد لأن لا أحد له مصلحة ، كف اذن من حق اي احد أزهر أو مواطن رفع دعوى لا علاقة له بها؟ ما علاقة الدولة بأفراد ماتوا من 1400 سنة؟؟ .. هل المشكلة ان الخط الفاصل بين دين الاغلبة و الدولة انتهى؟
حتى لو افترضنا هذا فما علاقة نقد الصحابة او سبهم حتى بالاسلام ، إن الاسلام لا يشخصن و لو شخصنوه فسيزوروا التاريخ بجدارة ليحولوه لملائكية مزيفة تخدع و تصنع مملكة الهلوسة ، هل لن لدينا كأغلبية مسلمة مشاعر ما تجاه أفراد لا نعرف بالمرة تاريخهم و لدينا تاريخ مزور عنهم هل هذا يجعلنا نضرب بالقانون عرض الحائط و نبتكر قوانين مناقضة تجعل من لا صفة له ذو حق في رفع دعاوى اساءة لأفراد لا علاقة له بهم؟؟
 
 
*التاريخ يشرح و يكشف لنا كيف تقاتل الصحابة في حرب اهلية كبرى ورثها ابناؤهم و احفادهم ، علي و معاوية تقاتلا للحكم وورث اليزيد و الحسين الصراع ليمتد لإبن الزبير بن العواد و عبد الملك بن مروان ثم ينتقل الى اليوم في هيئة صراع سني شيعي ، هل هذا التاريخ يسب الصحابة فنرى لأحدهم حق رفع دعوى بلا صفة ضد التاريخ فنحرق كتبه ليستريح من يصنع تاريخ الكذب؟
التاريخ هو من يدفعنا لنقدهم و صياغة التاريخ واضحة في حرب دموية قتل فيها المبشرون بالجنة بعضهم و ذبح الصحابة بعضهم ووصل الامر لتبادل قتل أبناء الصحابة و لولا حرمة النبي لربما امتد السبي لبيته (عمليا كاد هذا يحدث في عهد اليزيد) ، هل التاريخ الان حرام؟
عبد الحميد كشك السلفي المتشدد كان صادق في رواية التاريخ و قالها بكل صراحة و قص (حتى مع انه قص ما هو مشكوك الى الان فيه) قص الاحداث بأمانة دون أن يعلم انه لو حي اليوم لسجنوه بتهمة اهانة معاوية وولده !!
 
 
*فهل الدستور بقالة تعاونية؟
الدستور تجميع لقواعد عامة تفسرها الدستورية العليا و تخضع لها القوانين العادية و تشرحها القوانين الاساسية المكملة للدستور فما علاقة هذا بالتشيع أو ما يسموه سب الصحابة؟
الدستور ليس بقالة تعاونية بها ما نريد فيبدو أن شيوخ الازهر مازالوا لا يفهمون معنى كلمة دستور و يتصوروه بقالة تضم كل ما يريدون فمن له أمنية فليضعها بالدستور ، الدستور يكفل حرية العقيدة فمن يريد التشيع يا شيوخ الصحراء فليتشيع و من يريد نقد الصحابة فلينقد فهم بشر و يوما ما سنحاسب مثلهم و ليس بالاسلام كهنوت ، الدستور يا شيوخ المتوهبنة كتاب وطني و ليس ديني كتاب جامع و ليس طائفي كتاب عصر و ليس كتاب ماضي ، مشكلة لو أن هؤلاء يفهمون الدستور أنه كتاب يكتبه صاحب الاغلبية الصندوقة الانتخابية و يضع فيه ما يشتهي !!
 
 
*ختاماً..
سب الصحابة حتى لو تم ليس بجريمة لأن القانون لا يحاسب من يسب بل يحاسب بناء على بلاغ و دعوى من صاحب مصلحة لا من صاحب حسبة ، الحسبة تجعل محفوظ و الحكيم و الاسواني و هذا الموقع الالكتروني في المحكمة ، الحسبة لا معنى لها و لا منطق الا في بلاد اللاقانون حين تشرع الخروج على القواعد لنفاق المشاعر العامية ، كتاب الفتنة الكبرى بجزئية لطه حسين كان يكفي لسجنه قرن ! .. كتاب الحقيقة الغائبة تكفل بقتل فرج فودة !
سب الصحابة شئ و نقدهم شئ فلا أحد فوق النقد و التاريخ المزور تكشفه كتب الماضي فكتب اليوم المزيفة بمقارنتها بالاصول نجد المهازل المسكوت عنها و هي تنقض كلية الصورة الملائكية التي نراها اليوم للصحابة ، من يسب فعليه ذنبه الديني سواء صحابي او غير صحابي لكن حبس و محاكمة لسب أو نقد فهنا سنكون كعبدة يغوث و سواع و نصرا !!