سمير غانم، هذا الفنان الذي استطاع بموهبته أن يصنع لنفسه مكانة خاصة بين عمالقة الكوميديا في عصور مختلفة، منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا.
حاول سمير غانم خلال مسيرته الفنية أن يبتكر لنفسه أسلوبًا خاصًا في الكوميديا، لا بمجرد نكتة أو «أفيه» يُلقيه على جماهيره ومتابعيه. لكنه اعتمد بشكلٍ كبير على كوميديا الصورة والحركة، من خلال حركات تلقائية تميزه بالأخص.
ولم يكتف بذلك، بل ضم إليها أسلوبًا ربمااأكتسبه من نجوم الكوميديا الأوائل في العالم، أمثال شارلي شابلن ولورين وهاردي، فيما يخص المظهر والملابس واكسسورات الدور، ليضيف لمسته الخاصة التي لم يتمكن أحد حتى الآن من تقليدها. ماركة مسجلة باسم «غانم».
يرتدي ملابس لا تراها ولا تتصور أنها ستليق إلا بـ سمير غانم، حتى نظارته بات يُغيرها كما لو كان يُغير قميصًا كل ليلة، لتكون علامة أخرى مميزة في أدواره وشخصيته، بأشكالها المختلفة وألوانها المتعددة.
يستخدم نظارته في بعض أعماله باعتبارها أحد أدوات الكوميديا على المسرح والشاشة، بألوان وأحجام وإمكانيات غير مألوفة، كأن يخرج منها الماء مثلاً.
كذلك باروكة سمير غانم التي ربما يظن كثيرون من أبناء الأجيال الحديثة أنها ليست مستعارة، لولا أفلام شبابه ومراحله الأولى التي ظهر فيها بالصلعة.
حتى هذه أجاد استخدامها لتكون أحد أدواته الخاصة لإضحاك الجماهير، بتسريحات فريدة، وأشكال مختلفة تناسب الدور وتناسب طموحاته الكوميدية في جذب انتباه المشاهدين.
من هنا، كان علينا التوقف عند هذه التفاصيل الدقيقة في كوميديا سمير غانم، التي لم تكن لفظيّة فقط، بل حركية وتعبيرية أيضًا.
قميص سمير
تطريز من نوعٍ خاص امتازت به قمصان غانم طوال مشواره الفني، أو تحديدًا منذ السبعينيات، بعد تفكك فرقة ثلاثي أضواء المسرح، ليصبح سمير بعدها نجم شباك.
تشبه في شكلها وقصتها العباءة الخليجية، والزي الشعبي لعدد من الدول الإفريقية، بنقوشها الذهبية والفضية، وغيرها من الألوان. بعضها بفتحة صدر كبيرة، وأخرى بأزرار أو «كباسين».
قميص سمير غانم من النادر أن تراه «سادة»، ربما مستحيل. يلزم وجود بعض التطريزات اللامعة على الجيب أو الياقة والأكتاف، حتى الأزرار تراها مختلفة.
هناك نوع آخر من قمصان غانم متعدد الألوان والنقوش، يشبه في بعض الأحيان ملابس المطرب الشعبي الراحل شعبان عبدالرحيم، فضفاضة إلى حد كبير، وتحمل ألوان لا حصر لها.
بدلة سمير
أثناء تواجده ضمن أعضاء فرقة ثلاثي أضواء المسرح كانوا يتعمدون اختيار بزَّات موحدة في الشكل، تبدو وكأنها لفرقة استعراضية من طرازٍ خاص. ظهروا بها في أغلب مونولوجاتهم واسكتشاتهم الغنائية تحديدًا.
لم يتوقف سمير عند حدود الفرقة في اختيار شكل فريد للبدلة، بل استمر على هذا الحال فيما بعد عندما أصبح نجمًا له وهجه الخاص، ومكانته الفنية، ليظهر في أعمال مختلفة ببدل لها طراز خاص، بين ألوان متعددة، وتصميمات مختلفة.
نظارات سمير
ظهر غانم في بداية مشواره الفني بنظارة نظر لا تُفارقه في أي دور من أدواره، حتى صارت علامة أساسية في وجه الشاب عضو فرقة ثلاثي أضواء المسرح.
لكن ومع أضواء النجوميّة في مطلع السبعينيات، استغنى سمير عن نظارته تمامًا، وتغيّرت ملامح الشاب بشكلٍ كبير. شنب عريض في وجهه، وشعر مستعار مصفف على جانب واحد، وسوالف عريضة تليق مع موضة المرحلة.
لم تكن هذه المرحلة هي آخر علاقة سمير بالنظارات، لتبدأ ظهورها مرة أخرى في أعماله لاحقا، ليتعامل معها كـ«نكتة» تُضحك الجماهير، بألوان وأشكال مختلفة، وإمكانيات متعددة.
يخرج منها الماء تارة، وتزينها «مروحة» تتحرك في أثناء العرض تارة أخرى. كل ذلك في سبيل إضحاك المتفرجين.
باروكة سمير
لا أحد يعرف في أي وقت بدأ عهد سمير غانم مع الشعر المستعار، لكن على الأرجح كان ذلك قبل وفاة الضيف أحمد وتفكك الفرقة، ليظهر بها على المسرح في الستينيات، بمسرحية «طبيخ الملائكة» عام 1964.
يقول الفنان خلال لقائه بالاعلامي عمرو الليثي في برنامجه «بوضوح» المذاع على فضائية الحياه، أن «الباروكة ساعدتني في الفوازير جدا، واستطعت التنقل بين الشخصيات بمنتهى الاقناع».
ويشير إلى أن «الشعر يتيح للممثل أن يتلون بالشخصيات ويضعه في أكثر من قالب».
كانت في البداية «باروكة» لتزيين ملامحه، وتحويله من بطل عادي، لآخر من الممكن أن يلعب دور «جان» ونجم شباك. ملتزم في البداية بتسريحة على جانب واحد كما حال موضة السبعينيات.
تدريجيًا، بدأ سمير يتخذ من «الباروكة» أداة أخرى للتخديم على أدواره على اختلافها، كوميدية أو غيرها، فتارة تجده يصففها للوراء، وأخرى بفارق من المنتصف، وثالثة للأمام كالطفل لأداء دور «المختل» في مسرحية «أخويا هايص وأنا لايص».
في السنوات الأخيرة، بدأ سمير في الظهور أمام الجمهور بشعر مستعار باللون الأبيض، حتى ظن البعض أنه فعلها لتناسب المرحلة العمرية، لكن عودته للسوداء يغلق باب التخمين، ويترك باب التنويع لمجرد التنويع مفتوحًا، كهعده دائمًا.