وسيم السيسي
هذا عتاب رقيق للأب داوود لمعى، وصلنى فيديو من الدكتور منير وليم، جراح التجميل المعروف، عن عظة للأب داوود لمعى يفسر فيها الإصحاح ١٩ من سفر أشعياء فى العهد القديم، وقد حزنت كثيرًا لقوله: كانت مصر وثنية وكانت تعبد الضفادع والحيات.. إلخ.
كيف ننتظر من أبنائنا الولاء والانتماء لمصر؟، والانتماء من الحب، والحب من الإعجاب، والإعجاب من التنوير، والتنوير هو إضاءة المساحات المظلمة فى العقل الجمعى، سواء كانت هذه المساحة تاريخية أو دينية أو علمية أو فى أى فرع من فروع المعرفة، وأرى أنك يا أبانا بدلًا من إضاءة هذه المساحة التاريخية من تاريخ مصر القديمة «الفرعونية خطأ»، نقلتَ إليهم ادعاءات الأعداء «الصهيونية العالمية».. وكما قال سيجموند فرويد: عقدة اليهود الأزلية هى الحضارة المصرية القديمة.
لو كنتُ فى مكانك يا أبانا كنت أقول لهم: هل تعلمون يا أبنائى أن مصر هى أول مَن أجرى عملية المياه البيضاء أو الكاتراكت، كما أجرت عملية التربنة لنزيف المخ، وزراعة الأسنان من التوأم المتوفى لأخيه الذى على قيد الحياة!، كما قامت بعملية التثبيت الداخلى بمسمار لكسر فى عظمة الفخذ، وبلغت فى الرياضيات درجة عالية، عرفت قوانين الدائرة، خاصة النسبة التقريبية، كما غيّرت العالم من التقويم القمرى للتقويم الشمسى سنة ٤٢٤١ ق. م، كما توصلت للمصباح الكهربائى «دندرة»، وعلاج الاكتئاب والصداع النصفى بجلسات الكهرباء «EEL - FISH»، كما توصلت لمعرفة سبب العقم عند العاقر «انسداد أنابيب فالوب»، فهل يُعقل أن مثل هؤلاء العلماء يعبدون ضفدعة أو حية أو أصنامًا؟!.
كان البطالمة والرومان لهم أوثانهم، وهى التى كانت تتساقط عند مرور العائلة المقدسة، كما أن حوار القديس مرقص مع الإسكافى المصرى عُرف منه العذراء إيزيس، وحورس الطفل الإلهى المولود من روح أودوريس، قال: وجدت المسيحية فى مصر!. من هنا شوَّه بعض رجال الدين المسيحى فى القرون الأولى الحضارة المصرية القديمة خوفًا على الدين الجديد، واتهموها بالوثنية، وقتلوا هيباشيا «بيتر القارئ»، وبدلًا من أن يعلموا الشعب الاستشهاد من أجل الوطن، دفعوهم للاستشهاد من أجل ملكوت السماوات، ولا مانع من ذلك على أن يكون الوطن أولًا، فالأوطان قبل الأديان، فالله خلق الأرض أولًا، والإنسان ثانيًا، وللدين رب يحميه، أما الوطن فنحن الذين نحميه.
لو كنت مكانك يا أبانا كنت أقول لهم: مصر عرفت الإله الواحد من قبل الأسرة الأولى.. ها هى متون الأهرام: واحد أحد ليس له ثانٍ.. وها هو دى لا روج: كانت التسابيح تُسمع فى وادى النيل عن الله الواحد خالق البشر والشرائع.. ويقول والاس بادج: آمن المصريون بإله واحد خلق الإنسان ووهبه الروح.. أما ماسبيرو: هام المصريون بحب الله وذكره، وامتلأت كتبهم بمحاسن أفعاله، هو الأصل والفرع لكل شىء.. أما آرثر فى: كان التوحيد فى مصر هو الطلقة الأولى التى تأثر بها كل مَن أتوا بعدهم من عظماء البشرية.. أما هنرى توماس: أخذ العبرانيون التوحيد من مصر القديمة.. أما ويل ديورانت: مصر هى أول مَن دعا إلى التوحيد «قصة الحضارة».. أما دكتور عبدالعزيز صالح: عبدت مصر الإله الواحد الذى لا شريك له.. كذلك د. ثروت عكاشة: عقيدة التوحيد.. مصر مصدرها. أما عباس محمود العقاد: وصل المصريون إلى التوحيد «كتاب الله».
هذا ما يجب أن نُعلّمه لأبنائنا يا أبانا، لقد قالها البابا تواضروس، هذا الرجل المستنير: مصر عرفت الله.
هل تعلم يا أبانا أن تاريخ العراق نهبوه من متاحفها ثانى يوم سقوط بغداد؟. كذلك نهبوا تاريخ سوريا من متاحفها بعد سقوط إدلب!، حتى لا يتحدث أحد بعد ذلك عن حضارة آشورية أو بابلية أو فينيقية.. هزمناهم ليس حين غزوناهم، بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم!.
فبحق الله يا بعض رجال الدين المسيحى والإسلامى لا تشوهوا تاريخنا العظيم هذا، فلم يعد لدينا ما نفخر به سواه.
نقلا عن المصرى اليوم