أحمد الاشقر
منذ ان تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسة كانت اولي دعواته " تجديد الخطاب الديني" كخطوة هامة في مكافحة والقضاء علي الارهاب الذي نشاء من تعاليم وفتاوي الاسلام الراديكالي وافكاره السامة التي لوثت عقول الكثيرين كما طالب ايضاً باعطاء المراءة المصرية حقوقها كاملة وخاصة انها اثبت قدراتها وحكمتها في قيادة الامور وساعدت بدرجة فعالة في نجاح الثورة بالدور العظيم الذي قامت به في مجالات عديدة، وبدء باشراك المراءة في مجالات قيادية هامة وعديدة. وتوالت السنين دون ان يحدث شيء في تجديد الخطاب الديني برغم الدعوات العديدة والتحليلات المتنوعة التي وجهها وقدمها العديد من الصحفيين والصحفيات ورجال العلم والثقافة والادباء والتنوير بضرورة واهمية تجديد الخطاب الديني لرسم مستقبل البلاد في العصر الحديث وحتي لايقع الشباب من جديد في المصيدة الدينية المتطرفة وذلك بعد ان اصبح الشعب المصري ضحية واسيراً للفتاوي التي يصدر منها اكثر من مليون سنوياً، ومنهم من غير المختصين او المؤهلين لهذا العلم، حوالي ٣٥٠٠ يومياً، ويبدو منها ان الناس اصبحوا لايعرفون شيء عن امورهم الحياتية بل ان الصحف افردت باباً خاصاً يومياً للفتاوي ومن يقراء هذه الفتاوي يدرك علي الفور غياب الوعي العام وابسط انواع العلم والمعرفة التي من المفروض ان يعرفها كل انسان. (علي سبيل المثال فتوة لدخول المنزل وفتوة للخروج من المنزل وفتوة لدخول الحمام وفتوة للخروج منه وفتوة لتناول الطعام واخري لتناول الشراب واخري للذهاب الي الفراش، وفتوة في شاءن التطعيم هل هو حرام ام حلال ……… وهكذا حتي تحولت حياة البشر الي عدد هائل من الفتاوي المفيدة وغير المفيدة).
وعلي الجانب الاخر هناك العديد من القوانين التي لاتعطي المراءة المصرية حقوقها بالكفاية ان لم تكن تسلبها اياها وخاصة انها نبغت وتقدمت في العديد من فروع العلم والبحث والمعرفة وتشارك الرجال في المدارس والجامعات ودور البحث العلمي بدرجة كبيرة ولاابالغ ان اقول ان تاءخر العديد من الدول العربية يعود الي عدم اعطاء المراءة حقوقها كاملة مثل الرجل والفرصة للمشاركة ولتؤدي دورها في بناء المجتمع، كنصف المجتمع الهام، كما ان الاستمرار في ممارسات صحراوية قبلية قديمة وكبح امال المراءة وقدراتها لن يقود الي التقدم المنشود. فالمصادر المختلفة للشرع تحتاج الي فحص وتمحيص لنعرف من منها يلائم عصرنا الحديث ومن منها كان ضرورياً في وقت صدوره، فالاجتهاد في فهم النصوص ومقاصدها اصبح طريق لا مفر منه من اجل تجديد الخطاب الديني. التراث الذي ترثه الامم المختلفة له دوره في تكوين شخصية الفرد والمجتمع علي ان هذا التراث قابل لاعادة النظر وتجديده بما يلائم العصر والمكان والمتغيرات الجيوجغرافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ولذا فاءن مااعلنه فضيلة شيخ الازهر، الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب، في حديثه الاخير هو حقيقة بداية طيبة حقيقية لتجديد الخطاب الديني حيث قال: "وان تجديد الخطاب الديني والعودة الي المصادر الاصيلة للتشريع الاسلامي اصبح واجباً هاماً في حياة شعوب الشرق الاوسط وخاصة ان الدين قاعدة اساسية في تكوين الشخصية الاسلامية والعربية وان المراءة كان لها نصيب الاسد في الحديث عن القضايا التي خضعت للتوصيف الشرعي والاجتهاد الفكري ومنها سفر المراءة وتقلد الوظائف العليا والقضاء والافتاء، وفوضي الطلاق التعسفي وان موضوع بيت الطاعة لاوجود له في الشريعة الاسلامية التي كرمت النساء وجعلتهن شقائق الرجال". كما طالب شيخ الازهر الكريم نبذ كل مانبع من اراء اصحاب المذاهب المتشددة والقائم ايضاً علي تجاهل تاريخ كفاحها الوطني الطويل، اي انها دعوة الي تصحيح المفاهم وطرد الافكار الخاطئة التي ترسخت في المجتمع والتفسير الصحيح لاحكام الفقه الاسلامي والشريعة الاسلامية
ولعل ماقاله الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في احدي محاضراته في جامعة محمد بن زايد تحت عنوان "القيم الكبري في القراءن الكريم" قال: "يجب مراعاة الظرف الزماني والمكاني اثناء النظر في تفاسير الكتاب العزيز، وضرورة التوقف عن استدعاء النصوص التفسيرية دون عرض علي الظروف الراهنة، فان من العبث استجلاب هذا التراث بتفاصيله الي زماننا الحاضر ليتحرك في ارض الواقع الحالي ويحكم هذا الحاضر ويضع حلولاً لمشاكله كاءنه الماضي، فينبغي ان ينظر في هذا النتاج العلمي التراثي لا لاستدعاء الجرئيات بل لاستخراج مناهج الاستنباط والتطبيق في ظل المباديء الكبري للشريعة ……..خلاصة الامر يتمثل تجديد الخطاب الديني في ان يهتم بما ينفع الناس ويعينهم علي حركة الحياة" يسير في نفس الاتجاه.
علي ان التجديد في الخطاب الديني في راءينا لن ياتي ثماره الا اذا سار في نفس الوقت مع تنمية شاملة وزيادة كبيرة في الوعي العام في شتي امور الحياة الدنيا وان تحصل البرامج العلمية التنويرية والمعرفة التي تهتم بتمنية الوعي ودور العلم في المجتمعات المختلفة وارشاد الناس الي ماينفعهم في دنياهم، تحصل علي مساحة اكبر بكثير في وسائل الاعلام مما هو متاح حالياً وذلك للوصول الي الحداثة والدولة الديمقراطية العلمانية وسيادة القانون عندما يعرف كل فرد حقوقه وواجباته في المجتمع الذي يوفر له الامن والامان والعدالة مهما اختلف فكره وعقيدته وهذا يعني ثورة فكرية وتغيير عدد كبير من القوانين التي تخص الاسرة والمراءة ومشاركتها في شتي مجالات الحياة.