الأب رفيق جريش
لم يكتف الصينيون بتصدير الكورونا للعالم أجمع، لكن أطلقوا صاروخًا تاه فى الفضاء، ولم تعد وكالة الفضاء الصينية قادرة على السيطرة عليه تمامًا كما حصل مع «كوفيد ـ 19» الذى فقدوا السيطرة عليه مدة ثلاث أشهر، ولم يعلنوا للعالم عن ذلك، وأصبح العالم كله يترقب مصير هذا الصاروخ وخاصة فى مصر، إذ تحول الترقب إلى نكات على وسائل التواصل الاجتماعى، وعدد المرات التى مر فيها الصاروخ «فوق دماغنا» مثيرا الجدل حول موقع سقوطه، إلى أن انتهى به الأمر بالتفكك والسقوط فى المحيط الهندى.
الصاروخ انطلق حاملا على متنه مركبة تيانهى غير المأهولة، والتى كانت تحمل ما سيصبح أماكن للمعيشة فى محطة فضائية صينية دائمة، ولكن بعد انفصال الوحدة الفضائية للمحطة، بدأ الصاروخ يدور حول الأرض فى مسار غير منتظم مع انخفاضه تدريجيا، مما جعل من شبه المستحيل توقع نقطة دخوله إلى الغلاف الجوى وبالتالى نقطة سقوطه.
وهو ما أدخل العالم فى دوامة من التكهنات حول موقع سقوطه مع احتمال سقوط أجزاء من الصاروخ على الأرض، وربما فى منطقة سكنية مثلما حدث فى مايو 2020 عندما سقطت أجزاء من الصاروخ الصينى أيضًا (لونج مارش 5 بى) الأول على ساحل العاج، مما ألحق أضرارا ببعض المبانى فقط، وبدأ ارتفاع جسم الصاروخ فى الانخفاض إلا أنه كان من الصعب التنبؤ بسرعة الانخفاض، بسبب متغيرات فى الغلاف الجوى، وبدأت الأقمار الاصطناعية فى رصد موقع الصاروخ التائه على مدى الساعة، مع تصاعد المخاوف حول الأضرار التى قد يسببها.
المعهد المصرى للبحوث الفلكية سجل مرورا للصاروخ فوق الأجواء المصرية، فى حين ذكر مركز الفلك الدولى، أن هناك ست دول عربية أصبحت فى مأمن من سقوط الحطام فوقها، وهى الإمارات وقطر والبحرين والكويت ولبنان واليمن، ولكن ابتعاده عن منطقة البحر المتوسط جعل الدول العربية فى مأمن، خاصة أن مؤسسة «أيروسبيس كوربوريشن» الفضائية الأمريكية توقعت أن يسقط حطام الصاروخ بالسودان.. وانتهى الأمر بالصاروخ بالسقوط فى المحيط الهندى فى الساعات الأولى من صباح 9 مايو. ومع التزايد والازدحام الفضائى، أصبحت النفايات الفضائية مقلقة، فوفقا للخبراء تشكل جزيئات وشظايا الأقمار الصناعية القديمة والصواريخ المحطمة 9 آلاف طن من المواد التى تحلق حول الأرض على ارتفاعات تتراوح بين عدة مئات من الكيلو مترات وأكثر من 35 ألف كيلو متر. وبعض هذه النفايات الفضائية قد يفقد ارتفاعه مع مرور الوقت ويحترق فى الجو. وتعيد النفايات الفضائية دخول الغلاف الجوى بصورة يومية إلا أنه نادرا ما تلاحظ لأنها تحترق قبل اصطدامها بالأرض بوقت طويل.
إعادة الدخول تعتبر أمرا مستحسنا إذ إنها تزيل النفايات الفضائية من المدار، وبالتالى يتم تفادى اصطدامها بالأقمار الصناعية الأخرى التى تعمل بصورة جيدة. مثل هذا الاصطدام من شأنه أن يزيد حجم النفايات الفضائية ويهدد حياة الإنسان. ولكن فى نفس الوقت ما زالت الدراسات حول التأثير البيئى لإعادة الدخول فى الغلاف الجوى العلوى وما ينتج عن الاحتراق من جزيئات الأمونيا غير كافية. وكانت الدراسات قد أشارت إلى أن عوادم الوقود الناجمة عن إطلاق الصواريخ تبقى جزيئات من السخام والأمونيا معلقة فى الطبقة العليا من الغلاف الجوى، مما يساعد على تآكل طبقة الأوزون.
وفى الآونة الأخيرة، تزايدت المطالبات بضرورة البحث عن وسائل مختلفة للتخلص من النفايات فى الفضاء، قبل وقوع كوارث لا يعلم أحد مداها وعواقبها. وكان دونالد كسلر، أحد كبار العلماء فى ناسا قد حذر، فى أواخر السبعينيات من القرن الماضى، مما وصف بالسيناريو الأسوأ. حيث قال إنه كلما تزايدت كثافة نفايات الفضاء سينجم عن ذلك «دورة مستدامة من التصادمات المسببة للحطام»، ستحول المدار إلى منطقة خطيرة لأى نشاط فضائى مستقبلى.
لذا نقترح بشدة أن تُسن قوانين دولية للفضاء الخارجى، أسوة بقوانين الطيران الدولية، والتنسيق بين الوكالات الفضائية المختلفة والمهتمين بشؤون البيئة لدراسة جادة حول النفايات الفضائية، لأن النتائج إلى الآن لا تبشر بالخير فى المستقبل، فقد يصبح الإنسان وقد خرب بيئة الأرض، وهو الآن باسم استكشاف الفضاء والدراسات الفلكية والعلمية والزيارات السياحية للفضاء يقوم بتخريب الفضاء أيضًا.
نقلا عن المصرى اليوم