سليمان شفيق
اتابع بقلق وحزن ما يجري بين المواطنين المصريين الاقباط الان ، "اهانات وشتائم " بين اطراف للاسف علمانيين تربوا في الكنيسة ، ويتواكب مع ذلك انقسام حاد مابين انصار راهب سابق تم اعدامة بتهمة القتل لرئيس الدير او انصار الاسقف القتيل ، وهكذا ما بين انصار المشنوق وانصار المقتول ، اصبحت الكنيسة هي الضحية الحقيقة ، وسط صمت الحكماء وانضمام البعض منهم الي حروب السوشيال ميديا .
قضيت عمري حتي 1978 دفاعا عن الطبقة العاملة والكادحين ، وبعد أن سافرت منحة دراسية إلي جامعة موسكو (1978ـ 1987) درست ثقافة الأقليات في المنطقة العربية ، وتجولت مابين الأقليات في 24 دولة تقريبا، الأكراد والشيعة والامازيغ والنوبيين والأرمن والموارنة الخ ، اي الأقليات الاثنية والدينية والثقافية ، وتعرفت علي الام تلك الشعوب عدت الي مصر ، وكنت مع الزميل عبد الرحيم علي في صحيفة الأهالي نجوب مصر شمالا وجنوبا لفضح ممارسات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد ضد المواطنين المصريين الأقباط ، ونجحنا في فتح هذا الملف “المسكوت عنة” ، وفضحنا مذابح عزبة “النصارى” بصنبو ومذبحة دير المحرق ، ومذابح اخري مما لفت نظر الراي العام لأكثر من 320 شهيدا قتلوا علي الهوية ، حدث ذلك حينما لم تكن هناك اي مرجعية حقوقية تتبني ذلك سوي التجمع والاهالي ، وكان ذلك يكلف الصحفي إما حياته أو مضايقات الدولة وأحيانا حريته
في عام 1992 تعرفت علي د سعد الدين ابراهيم وشاركت في تأسيس مركز ابن خلدون ثم شاركنا في صياغة إعلان الأمم المتحدة لحقوق الأقليات ، وكنت اول منسق لوحدة للأقليات في المنطقة العربية ومصر ، وفي عام 1994 قررنا عقد مؤتمر الأقليات في مصر ،وكتابة موسوعة عن الاقليات في المنطقة وافردنا فصل خاص عن الاقباط بشكل خاص ، وشاركنا في ذلك مجموعة محترمة من المفكرين ومنهم د مني مكرم عبيد ود مصطفي الفقي ود سمير مرقص ودعلي الدين هلال ود عبد المنعم سعيد واللواء احمد عبد الحليم والسفير حسين احمد أمين واخرين ، وفجأة كتب هيكل مقالا ضد المؤتمر في الأهرام نفي فيه أن للأقباط مطالب وانهم ليسوا اقلية ، وتلاة رئيس تحرير الشعب الإسلامية عادل حسين ومن بعدة انهالت مقالات اليسارين والقومجية وفوجئنا ببيان موقع من اربعين شخصية ضد المؤتمر ويحرضون الدولة ضد المؤتمر، وما كاد البيان يصدر حتي انسحب جميع الاقباط من المؤتمر وطلبت الدولة نقل المؤتمر للخارج ، وفجأة اصدر قداسة البابا شنودة المتنيح بيانا طالب فية ان من يريد الدفاع عن الاقباط الايصفهم ب”الاقلية” وان يفعل ذلك بمحبة ، علي أثر ذلك قام الاستاذ ماجد عطية ـ اطال الله عمرة ـ بدعوتنا الي لقاء صاحب القداسة وذهبت مع د سعد الدين ابراهيم ليلا الي قداسة البابا واستمر اللقاء اربعة ساعات ونشر في مجلة المجتمع المدني التي تصدر عن المركز في العدد (40) وقدم لنا كل مايمكن من المساعدة وسحبنا وصف الأقباط ب”الأقلية ” ، وعقد المؤتمر في ابريل 1994 بليماسول بقبرص ، ولم يؤيدنا من الاراخنة الأقباط الا سليم نجيب القاضي العظيم ورئيس محكمة مونتريال ونبيل عبد الملك وانطون سيدهم مؤسس وطني وسكرتير عام حزب الوفد المحامي الكبير سعد فخري عبد النور، ومن الكتاب دمحمد سيد سعيد والشاب ابراهيم عيسي.والباحث نبيل عبد الفتاح ، وعدد قليل من الكتاب والصحفيين ، وانتهي المؤتمر ولكنه لعب دورا مؤسسا ومحوريا في وضع الاقباط علي جدول اعمال الحركة الوطنية المصرية ، وتم تأسيس وحدات لدراسة الملف القبطي في منظمات حقوق الانسان ، وتدريب باحثين وصحفيين وفتح ملف الاقباط وطنيا بعد ان كانت اثارة مشاكلة كما قال هيكل :” كمن يلعب الكرة بقنبلة ” الي هذا الحد كان الملف محظور الحديث فية ، لولا شجاعة قداسة البابا شنودة وحنكتة ومؤازرة نيافة الأنبا موسي، وفتح د سعد الدين إبراهيم لمركزة لذلك وتحملة السجن والمرض بعد ذلك من جراء هذا الملف ، ومواقف الدكاترة عبد العزيز حجازي ومصطفي الفقي ومنير فخري عبد النور وسليم نجيب واللواء احمد عبد الحليم ، ومرت السنين ، ولم اتخلي عن هذا الملف وتعاطفت مع المواطنين الأقباط وتفهمت “خذلانهم ” لنا ، لادراكي عدم مقدرتهم علي معارضة الدولة ، وانتقلت الي صحيفة وطني منذ 1995 ، وحتي 2013، أسسنا مركز التكوين الصحفي الذي بدأ في تكوين صحفيين مسلمين ومسيحيين علي ارضية المواطنة ، بمساندة وتضحية م يوسف سيدهم وتم تخريج عشر دفعات ل(60)صحفيا هم من يتولون الان الملف القبطي في اغلب الصحف والمطبوعات ومنظمات حقوق الانسان ووسائل الإعلام المختلفة.
وبعد ثورة 25 يناير ظهر جيل جديد من النشطاء الأقباط ، تحرر بعد مذبحة ماسبيرو ، ودفعوا دماء كثيرة ، وشاركوا بفاعلية في إسقاط حكم الإخوان ، ولكنهم يحتاجون للخبرة التاريخية للاقباط ، وضرورة ان يتعرفون علي كيفية ادراك ان حل مشكلات الأقباط لن تتم إلا من خلال المواطنة وان القضية لا يمكن ان تحل بشكل منفرد ، كما إنها لايجب السماح باستخدامها في المعارضة السياسية ، وليس بالضجيج في وسائل التواصل الاجتماعي يمكن تشكيل جماعات ضغط ، كما ان الكنيسة وحدة واحدة علمانيين واكليروس ووطن ، لان وطنية الكنيسة مجازا تكاد هي “السر الثامن ” ، نعم الاقباط ليسوا اقلية ولكن معظم النشطاء يتصرفون كأقلية ، وإلا كيف اطالب بالافراج عن اي “قبطي” دون اثارة المطالبة بالافراج عن كل قضايا الراي ، وكيف اطالب بتحقيق مطالبنا دون تفاوض واحتجاج سلمي ، ولذلك وعلي مر السنين من 1978 وحتي 2017 ، اربعين عاما رايت تضحيات هائلة للاقباط دون مقابل لان النخب اما “سلطوية” تجلس في الصفوف الاولي بالكاتدرائية بالأعياد حتى يتم شكرهم ليكونوا ممثلين للسلطة في الكنيسة لتحقيق مصالحهم ، او شباب علي عكس هؤلاء ولكنة يعارض بمنطق “اقلياتي ـ طائفي ” ، او معارضة خارجية تفتقد لكل الخبرات التاريخية للراحلين ( نجيب سليم او شوقي كراس ) ومجالس ملية انتهي العمر الافتراضي للفكرة ، ومنذ 1952 لم يوجد رجال دولة من أمثال ويصا واصف وسينوت حنا ، اوفخري عبد النور ، تكنوقراط في خدمة الدولة علي حساب الكنيسة والمواطنة ، والان ومع احترامي للجميع حان الوقت لكي تدرك الكنيسة أهمية الاهتمام بالتعليم والتكوين لاجيال جديدة علي غرار من خرجوا بنارالفرن في عزبة الفرن وكدوان واللوفي والعور ، ومن تعمدوا بالدم في ماسبيرة وشقوا طريقهم دون ضجيج او متاجرة ، نحن بحاجة لتعليم يجمع مابين الزمني والروحي علي ارضية المواطنة وادراك للخبرة التاريخية للاقباط علي غرار ما انتح الشهداء والمعترفين في ايبارشيات اصحاب النيافة الانبا بفنوتيوس والانبا مكاريوس هؤلاء الذين يعرفون المسيح والكنيسة والوطن “بمحبة “كوصية البابا شنودة الثالث ،بعيدا عن “اشوالاعلامي” والفضاء الافتراضي.
ومن لة عينان للبصر فليقرأ