أكد عدد من الخبراء الاستراتيجيين، وخبراء التنمية العمرانية، أن المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة بمثابة دعم مباشر لأمن واستقرار القطاع المنكوب، المجاور لمصر، بما يدعم الأمن القومي العربي بشكل مباشر، وهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.
وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، "مبادرة مصرية" لإعادة إعمار قطاع غزة بمبلغ 500 مليون دولار، وذلك خلال مباحثاته في باريس بشأن السودان وقضايا إفريقية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وسيتم توجيه أموال "المبادرة المصرية" لصالح إعادة الإعمار نتيجة الاعتداءات الحالية في غزة، وستشارك الشركات المصرية المتخصصة بالبنية التحتية وشركات المقاولات في تنفيذ عمليات إعادة الإعمار بغزة.
وتتزامن المبادرة المصرية مع جهود مكثفة تقودها القاهرة لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وبين إسرائيل، والوصول إلى اتفاق تهدئة في غزة، ووقف الاشتباكات بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية في الضفة الغربية.
إزالة آثار الدمار
ويقول اللواء محمد الشهاوي، الخبير الاستراتيجي عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي لإعادة إعمار غزة من شأنها دعم الجهود السياسية والدبلوماسية التي تقودها مصر على المستوى الدولي ومع طرفي النزاع لإنهاء "حالة الحرب" القائمة في أسرع وقت ممكن.
وأضاف الشهاوي في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن مبادرة "إعادة الإعمار" تهدف بالأساس لتخفيف معاناة الفلسطينيين بعد الدمار الكبير الذي لحق بغزة من جراء الاعتداءات الإسرائيلية، وأن هذا الدور هو دور أصيل لمصر كشقيقة كبرى، وراع تاريخي للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
ويوضح أن المبادرة المصرية تأتي كذلك استمراراً لدور مصر المحوري والكبير في تحقيق الأمن والاستقرار بالدول والعربية ودول المنطقة، خصوصاً دول الجوار، مُذكرا بالجهود المصرية لاستعادة الاستقرار في ليبيا، والمشاركة الحالية بفاعلية في قمة باريس لجدولة ديون السودان، وتخفيف بعضها وإلغاء البعض الأخر.
ويشدد عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، على أن مشاركة الشركات المصرية في إعادة إعمار غزة يصب في تحقيق "الأمن القومي المصري"، وتعد استكمالا للإجراءات المصرية التي تزامنت مع تطور الأزمة، وأبرزها فتح معبر رفح لاستقبال المصابين وعلاجهم في مصر، وإرسال مساعدات إلى الشعب الفلسطيني لدعمه في محنته الحالية.
دعم الأمن القومي
ويقول اللواء مهندس محمد مختار قنديل، خبير التنمية العمرانية رئيس سابق لأجهزة تعمير مصرية بينها "سيناء ومدن القناة" إن عودة الأمن والاستقرار لقطاع غزة هو "دعم للأمن القومي المصري" بامتياز.
وأضاف في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الدولة المصرية لا تتأخر في تحركها الحاسم لتخفيف المعاناة عن شعب فلسطين، وهو ما رصده العالم فور بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، فضلا عن أهمية القطاع أمنيا واستراتيجيا للأمن القومي المصري.
تنمية وسيطرة على الحدود
ويشدد الخبير العمراني على أن قطاع غزة يمتلك موارد طبيعية وإمكانات كبيرة، وأنه في حال وقف القتال وفك الحصار الإسرائيلي عنه؛ يمكن تنفيذ مشروعات تنمية واستخراج بترول وغاز في البحر، شرط توافر حالة الاستقرار وتوحيد الصف الفلسطيني وإبرام اتفاقات تعاون لإنجاز ذلك.
ويؤكد قنديل أن دعم الدولة المصرية للأشقاء الفلسطينيين سينعكس بمزيد من الدعم والتأييد للدولة المصرية من جانبهم، والسعي لإحكام الحدود بشكل أكبر، ومنع التهريب، والتسلل عبر البحر أو الأنفاق أو بشكل بري إلى داخل سيناء.
فرصة للشركات المصرية
ويوضح اللواء محيى نوح، الخبير الاستراتيجي، أن الرئيس السيسي، لا يتخذ قراراً مهماً مثل إطلاق مبادرة إعمار غزة إلا بعد دراسة معمقة ومستفيضة، ومتابعة للوضع على أرض الواقع دون انفعال.
وأوضح الخبير الاستراتيجي في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، أن توقيت إعلان المبادرة المصرية قبل انتهاء القتال الدائر حاليا، من شأنه دفع الأطراف إلى التهدئة، والانتقال خطوة إلى الأمام، كما أن تنسيق المشاركة في إعادة الإعمار سيستغرق فترة إعداد قبل بدء العمل على الأرض، وخلال تلك الفترة سيكون القتال قد توقف.
ويلفت نوح إلى أن الشركات المصرية التي ستشارك في إعادة الإعمار ستنقل للأشقاء الفلسطينيين خبراتها التنموية بكل صدق وستترك بصمات عمرانية مصرية في القطاع يعكس دعم مصر للشعب الفلسطيني، خاصة أن مصر لها تجربة تنموية رائدة أشاد بها زعماء العالم، وآخرهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
مساعدات عاجلة