د. مينا ملاك عازر
بداية أنا لا أحب أن يعتبرني أحد أقلل من المجهود المحموم الذي يبذله آل الفن في مصر والوطن العربي والذي يعرض على الشاشة الصغيرة إبان شهر رمضان المبارك بقولي في المقال السابق التهافت الرمضاني، فهم حقاً يتهافتون ويتسابقون لكي يحصلون على إرضاء المشاهد، بيد أن أحدهم قال واعجبني ما قاله، أن مئات الملايين التي تصرف على المسلسلات التي تصف وترصد الواقع لو صرفت على الواقع نفسه لغيرته للأفضل، لكن على كل حال هذا ابتذال وعدم معرفة لأهمية الفن، واختزال للأموال المصروفة على بعض المسلسلات السيئة والرديئة والهابطة في وجهة نظري دون النظر بإمعان لتلك التي صُرِفت على المسلسلات القيمة مثل خلي بالك من زيزي.
ذلك المسلسل المبهر الذي قام فيه الممثلون بأدوار مبهرة حتى التي تبدو لك وكأنها ثانوية أو جانبية، لكنها مؤثرة وعبقرية ودقيقة بشكل مبهر لرصد أزمة علاقة الأبناء والأسرة والأسر التي لا تعرف مآسي أبناءها، وأمراضهم النفسية أو ما شابه أو التي تتسبب في حدوثها احياناً، الأستاذة امينة خليل كانت مبهرة وهي تقوم بدورها كعصبية ومتوترة ومعتذرة بتوتر وهادئة ومعلمة ومحتوية لتلميذتها المريضة الصغيرة البطلة العبقرية التي بذلت جهد واضح للقيام بدور طفولي بريء لم نعتده من أطفال الشاشة الصغيرة.
أما مسلسل نجيب زاهي زركش قام ببطولته العبقري يحيى الفخراني برغم أنني أكاد أشعر أنه يمشي على سطر ويترك الآخر، إلا أنه المرة دي قدم عمل بسيط وقوي، كان فيه يحيى الفخراني يقوم بعبقريته الفنية المعتادة صاحب أحلى ضحكة مجلجلة تأخذ القلوب وتخطف العقول، وفكر متقدم باحث عن الحرية حتى ولو كانت من بين كؤوس الشراب وعلى حساب صحته وكبده حتى النهاية.
أما مسلسل لعبة نيوتن فهو واحد من التحف التي قدمتها الأستاذة منى زكي بإنجليزيتها الغير حقيقية إذ قدمت إنجليزية مصرية حقيقية، كانت جميلة مبهرة بترددها، مبهرة بتعبيرها عن الشخصية المقهورة الضعيفة الخائفة المتحولة لعكس هذا، الناجحة بسبب الظروف، وتأكد على أنه في بعض الأحيان من الأفضل أن تلقي الشخص في النار لعلها تنقيه وتثقله، ففعلت مع هناء زيتوني هكذا، فرأينا التحول، أما فراج الذي أدى شخصية المتزمت بل المتسلف بشكل مبهر في سلاسته وبساطته دون تعقيد ولا ضجيج ولا صوت عالي ولا ادعاء حتى أنه كاد يخطفك ويأسرك ويؤثرك لكنك سرعان ما تكشف حقيقته فتصل لمنتهى الحقيقة الكارهة لأمثاله من مدعي التدين، فطول عمري أحترم الناس بتوع ربنا، لكنني أرفض الناس الذين يعتبرون ربنا بتعاهم.
المختصر المفيد الفن مرآة الشعوب، ولكن علينا أن نطور الشعوب لكي تكون المرآة عبقرية ومبهرة دائماً.