أحمد الاسقر
منذ حوالي ١٥ عاماً جلست في فندق الموفينبيك في الاردن علي البحر الميت '> شاطيء البحر الميت مع زميلي نتحاور ونتناقش عن هذا البحر الذي سمي البحر الميت، قديماً كان اسمه بحر الاسفلت، ويشغل مساحة تقدر ب ٩٠٠كم٢. وهو يقع في منطقة مهبط الاديان السماوية الثلاثة ومنبع الحضارات الانسانية المعروفة وعن مشاكل المياه المنتظرة في المستقبل بسبب نقص المياه في هذا الجزء من العالم. هناك العديد من الاساطير حول هذا البحر منذ الاف السنين قبل الميلاد وبعده. الحروب والمعارك التي شهدها هذا البحر تمتد من الاف السنين حتي اليوم. وتكوين هذا البحر الفريد في العالم يرجع الي مئات الالوف من السنين (بعد انفصال شبه الجزيرة العربية عن افريقيا نشاء شق عميق في هذه المنطقة ومع انتهاء العصر الجليدي امتلاء الشق بالمياه وتكونت بحرية طبرية في الشمال ومنها نهر الاردن الي البحر الميت ولكن لارتفاع درجة الحرارة في المنطقة فهو يجف سنوياً كما تجف بحيرة طبرية كل عام بمعدل كبير ومعها تنقص مياه الشرب للبلدان الثلاثة) والحقيقة انه سمي كذلك لدرجة ملوحة المياه العالية التي تبلغ ٣٣٪‏ (في البحر المتوسط درجة ملوحة المياه 3,8٪‏) والتي معها لاتوجد حياة في هذا البحر والذي يعتبر اكثر البحار ملوحة علي الكرة الارضية وحيث لايوجد مصب لمياهه وهو يقع ايضاً مئات الامتار، حوالي ٤٣٠ متراً تحت سطح البحر المتوسط ويتغذي من نهر الاردن ويصب في شق عميق في الاردن وهذا الشق هو جزء من الشق الافريقي الكبير الذي يقع عشرات الكيلومترات تحت سطح الارض ويمتد من جنوب افريقيا حتي سوريا. البحر الميت يجف بصفة مستمرة وينخفض منسوب المياه فيه بمعدل ١ متر سنوياً ولكن احياناً تعوضه الامطار قليلا عن هذا الفاقد. وتجري المحاولات لتوصيل مياه البحر الاحمر للبحر الميت من خلال محطة تحلية عملاقة في الاردن وتشارك فيها الاردن وفلسطين واسرائيل علي ان مخاطر انشاء هذه المحطة عالية وتكاليفها باهظة للغاية ومازالت تحت الدراسة (لاحظ استراتيجية سد اثيوبيا!!) الطريف ان تركيبة الاملاح في هذا البحر تختلف عن التركيبة في البحار الاخري بالاضافة الي ضغط الاوكسجين العالي فيه وهي تصلح لعلاج بعض امراض الجلد (يقال انه في عصر الفراعنة كانوا يحضرون للاستشفاء في البحر الميت!؟)  تماماً مثل منطقة الصحراء في سفاجة والتي اصبحت تستغل سياحياً كمنطقة سياحة علاجية ولنعود لنواصل الرحلة.
 
علي الجانب الاخر فاءن النظر الي السماء في ليالي الصيف، بعيداً عن اضواء المدينة، ومشاهدة درب التبانة باشكالها الجميلة ومتابعة حركة النجوم والكواكب والمجرات المختلفة والفضاء الخارجي من خلال التيلسكوبات المختلفة الاحجام والاشكال، ذلك الكون الذي نحن جزء بسيط جداً منه ونعيش فيه وكيف تتحرك كلها بقوي مختلفة الدرجات والابعاد والانواع في نظام واطار مرسوم بعناية وبقوانين طبيعية منظمة ودقيقة منذ البداية ولاتصطدم ببعضها وان الاكتشافات العلمية والطبيعية ماهي حقيقة الا اكتشافات لما هو موجود في الطبيعة فعلا وليست اختراع شيء جديد ولكن دعونا نبداء من البداية في هذا الشاءن. يقول العلماء والباحثين، وكما ذكر في الكتب السماوية، انه كان هناك انفجار اولي هائل منذ العديد من مليارات السنوات، حوالي ١٥ مليار او اكثر، (ماذا كان قبل ذلك الانفجار؟ وماهو حجم المادة التي حدث الانفجار بها؟، الله اعلم) تكونت بعده مليارات النجوم والكواكب ومنها الشمس والقمر، التي نعرف جزء قليل جداً منها وعنها ومنذ عدة مليارات من السنوات، حوالي ٤-٥ مليار، بداءت الحياة تنشاء علي كوكبنا الجميل بعد ان مر بمراحل متعددة حتي اصبح يصلح للحياة، في صورة بسيطة للغاية ثم بداء ظهور الانواع والمخلوقات المختلفة ومعها الانسان الذي ميزه الله عن سائر المخلوقات الاخري واعطاه القوه والقدرةعلي ان يكون خليفة علي الارض يسير امورها، يزرع ويحصد، يبني ويهدم، يحارب ويجنح للسلم، يحمي ويدمر، يفرح ويحزن، يحب ويكره، يضحك ويبكي…… وجعله مسؤول عنها وعن باقي المخلوقات علي الارض. هذا الانسان الذي يزن عشرات الكيلوجرامات فقط مثلاً قادرعلي السيطرة علي الفيل الذي يزيد وزنه عن عدة اطنان في البر وايضا علي الحيتان في البحر، الحوت الازرق كما ذكرت في الحلقة السابقة، والذي يصل طوله الي ٣٠ مترا وزنه الي مائتي طن (في فمه يمكن لمائة رجل ان يقفوا داخله، وقلبه في حجم سيارة ملاكي، وهو برغم ذلك يتغذي علي اصغر الكائنات في المحيطات، الكريل والبلانكتون).. كم ان هذا الانسان قادر علي التحليق في السماء بدون اجنحة والسفر من بلاد الي بلاد عن طريق الطيران وكذلك السفر ايام واسابيع بل احياناً شهور علي سطح البحر في السفن المختلفة وفي اعماقه في الغواصات الضخمة بدون ان يغرق، ماهو سر هذا المخلوق الذي حباه الله بكل هذه القدرات؟  ولماذا؟ ثم ان فيروس اصغر منه ملايين المرات يمكن ان يقضي عليه في فترة وجيزة.
 
هذا الانسان الذي نشاء من ماء دافق ويتكون جسمه من اكثر من ٩٠٪‏ من الماء، من اين اتت كميات الماء الهائلة الاولي التي تملاء اجساد البشرعلي كوكبنا الجميل وايضاً الماء والذي يغطي حوالي ثلثين من سطح الكرة الارضية؟ وكيف وجدت الحياة اولاً في الماء ( وجعلنا من الماء كل شيء حي)؟
 
ولو نظرنا الي عالم الحيوان سنجد هناك الوف الاسئلة التي تطرح نفسها عندما يلقي الانسان نظرة علي هذا العالم المثير والعجيب. خذ علي سبيل المثال الفيل (وهو من احب الحيوانات الي شخصيا) كما ذكرت من قبل، والذي يصل وزنه الي اكثر من خمسة اطنان ويتميز بخصائص وعواطف وانفعلات تشبه مثيلتها في الانسان تماما وهنا يبرز السؤال منذ متي موجودهذا الحيوان الضخم علي الارض وهل هو بقايا الحيوان العملاق، الماموث، الذي عثرحديثا علي هياكل عديدة وكاملة له في سيبيريا  والاسكا مدفونة تحت الجليد واماكن اخري في العالم؟ وهناك ايضا حيوانات ضخمة مثل فرس النهر ووحيد القرن والزرافة، هذا الحيوانات التي تلتهم جزء كبيراً من النباتات والاعشاب ومثيلتها وغيرها مما نعرفه حالياً ثم ان هناك حيوانات ماقبل التاريخ، مثل التيتانوسورس، واحد من عائلة الديناصورات والذي اكتشف حديثاً في جنوب الارجنتين، الذي يصل وزنه حوالي ٧٠-٨٠ طن (عظمة الفخ العليا له طولها يقترب من ٢٠٠ سم) ويتغذي علي النباتات والحشائش وذلك طبقاً لحجم ونوعية عظامه التي عثر عليها،( هناك نوع من الديناصورات اكتشف في مصر بطول ٢٥ متراً ووزنه يصل الي حوالي ٥٠ طن وكتبت عنه مجلات علمية عديدة) ماهي الظروف التي وجد مثل هذا الحيوان نفسه فيها؟ وكيف كان يعيش ويسير بهذا الوزن الضخم والحجم الذي يصل طوله الي ٣٠ متراً؟ وكيف اختفي فجاءة؟ هناك نظريات مختلفة لتفسير ذلك الاختفاء منها الجفاف او سقوط شهب ونيازك علي الارض ومعها اختفي هذا الحيوان او هناك اسباب اخري لانعلمها، ولكن دعنا ننظر الي عالمنا الحالي وخذ علي سبيل المثال القردة والتي يوجد منها حوالي ٤٠٠ نوع في القارات المختلفة، باشكال والوان واحجام مختلفة وقد شاهدت العديد منها في دول مختلفة، ثم انواع الطيور التي تملاء السماء في كل انحاء الكرة الارضية بالوان واحجام مختلفة ويصل تعداد انواعها الي اكثر من ٤ مليون نوع باشكال والوان وتركيبة وشكل منقار وقدرات مختلفة ولها دورة حياتها التي تمارسها كل عام، الهجرة الي الجنوب في الشتاء والي الشمال في الصيف. دورة لاتتغير علي مر الزمان ومنذ ان وجدت. ومنها من يتغذي علي الاعشاب ومنها من يصطاد الطيور الصغيرة والاسماك ومنها من يتغذي علي النفايا. لماذا هذا العدد الهائل؟ وهذا التنوع في الغذاء وطرق التكاثر؟ وكيف نمي هذا التنوع والتعدد الكبير؟ ثم ان الانسان منا يولد في عائلة سواء كانت كبيرة او صغيرة، فقيرة او غنية، معروفة او مغمورة….. وينمو مع الوقت ويكبر جسمه وعضلاته ومخه وقد ينال قسطاً كبيراً من التعليم او قسطاً صغيراً او بسيطاً ثم يشق طريقه في الحياة وقد يحقق نجاحاً باهراً او متوسطاً او يكتب له الفشل. هناك من يتبؤ مركز عظيم في بلده وهناك من يكدح لتغطية مصاريف وحاجته واسرته… لماذا؟ هل يستوي من يولد وفي فمه معلقة من ذهب مع من يبحث عما يكفيه لتسديد تكاليف الولادة مثلاً. ( ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات). هناك من يولد بصحة جيدة وهناك من يولد ضعيف الصحة او به بعض التشوهات، هناك من يتعلم ان يراعي صحته وبدنه وهناك من يهمل فيهما ويقاسي الكثير من الامراض ثم يتولاهم الله جميعا ويتقبلهم في زمرة عباده المخلصين.
 
ولنعود الي نشاءة الارض وحيث تعتبر منطقة الامارات العربية وخاصة دولة عمان والجزر الواقعة امامها وكذا جزيرة مدغشقرالتي تقع في المحيط الهندي، شرق دولة موزامبيق، اكثر المناطق جاذبية واثارة لعلماء الحفريات وحيث تجري الابحاث هناك علي قدم وساق وقد سرني المسبار العربي الذي اطلقته الامارات منذ مدة ووصل الي كوكب المشتري. علي ان جزيرة مدغشقر التي تصل مساحتها الي ٦٠٠الف كم٢ ويسكنها حوالي ٣٠ مليون نسمة (هناك من يطلق عليها القارة الثامنة) التي انفصلت في وقت ما من القارة الافريقية، منذ حوالي ١٥٠ مليون سنة، تحير العلماء والباحثين لان هناك انواع عديدة من النباتات والحيوانات موجودة فقط علي هذه الجزيرة ولا يوجد مثيل لها في افريقيا الام او في اي مكان اخر في العالم.
 
وللحديث بقية