في مثل هذا اليوم 25 مايو 1921م..
عدلي يكن باشا (24 يناير 1864 - 22 أكتوبر 1933)، سياسي مصري من أصول تركية ـ ألبانية، تولى رئاسة وزراء مصر ثلاث مرات بين أعوام 1921 و1930 وكان وزير المعارف قبلها كما أسس حزب الأحرار الدستوريين في أكتوبر 1922. ولد بالقاهرة سنة 1864 لأسرة عريقة لها امتداد في كل من تركيا وسوريا ولبنان.

هو نجل خليل بن إبراهيم باشا بن أخت محمد علي باشا رأس العائلة المالكة بمصر، ولذلك أطلق عليه لقب يكن، وهي تركية معناها ابن الأخت، من مواليد 24 يناير عام 1864 بمصر، ولما بلغ الثامنة من عمره سافر مع والده إلى الآستانة، ومكث فيها ثلاث سنوات، وتلقى خلالها مبادئ العلوم، ودرس في فرنسا خلال هذه الفترة أيضا. عقب عودته إلى مصر، تعلم في المدرسة الألمانية والفرير والجزويت ومدرسة مارسيل، فأتقن اللغة الفرنسية.

حياته السياسية:
عين مترجماً في قلم الترجمة بنظارة الداخلية (1880-1883)، ثم كاتباً إفرنجيا بالخارجية (1883-1885)، وانتقل للعمل سكرتيراً لناظر الخارجية (1885-1886)، وتولى منصب سكرتارية مجلس النظار (الوزراء) (1887-1891) في عهد نوبار.

اختير وكيلاً لمديرية المنوفية عام 1891، فالمنيا (1891-1892)، ثم القناة (1892-1894)، وأصبح مديراً للفيوم (1894-1895)، فالمنيا (1895-1897)، والشرقية (1897-1901)، والدقهلية (1901-1902)، والغربية 1902، ثم محافظاً لمصر عام 1903، فمديراً للأوقاف (1906-1909). انتخب عضواً في الجمعية التشريعية عام 1913، ثم أصبح وكيلاً لها.

تقلد منصب وزير الخارجية في وزارة حسين رشدي الأولى (5 إبريل 1914-19 ديسمبر 1914) وهي آخر عهد مصر بالنظارات، إذ نشبت الحرب العالمية الأولى في أغسطس 1914.

تبوأ منصب وزير المعارف العمومية في وزارة حسين رشدي الثانية (19 ديسمبر 1919 - أكتوبر 1917)، والثالثة (10 أكتوبر 1017-9 إبريل 1919)، ووزير للداخلية في وزارة حسين رشدي الرابعة (9-22 إبريل 1919)، وفي عهده اجتمع مجلس مديرية الجيزة، واحتج على الفظائع التي ارتكبها الإنجليز ضد الأهالي.

من أهم أعماله أثناء توليه منصب وزير المعارف
جعل اللغة العربية هي اللغة الأساسية في التعليم الابتدائي والثانوي.
أقدم على اتخاذ الخطوات الأولى لإنشاء جامعة حكومية.
أقام أول مدارس لرياض الأطفال عام 1918، والمدارس الابتدائية الحكومية.
أنشا في عام 1918 مدرسة لتخريج مدرسين للغة الفرنسية والعلوم عرفت باسم "المعلمين التوفيقية".
شكَّل عدلي يكن وزارته الأولى في (16 مارس 1921 - 24 ديسمبر 1921)، وأثناء عمله رئيساً للوزراء عام 1921 شارك في المفاوضات مع اللورد كورزون وزير الخارجية البريطاني لحصول مصر على استقلالها، وفشلت المفاوضات، فقدَّم استقالته من الوزارة.
كان من مؤسسي حزب الأحرار الدستوريين، وتولى رئاسته، فهو أول رئيس له من (29 أكتوبر 1922-17 يناير 1924).

شكل وزارته الثانية في (7 يونيو 1926 - 21 أبريل 1927)، واحتفظ فيها بمنصب وزير الداخلية، وهي الوزارة الائتلافية الأولى التي تكونت من الوفد والأحرار الدستوريين، ولكنه استقال منها لرفض مجلس النواب اقتراحاً بشكر الوزارة على سياستها في تعضيد بنك مصر، واختلافهما في بعض بنود الميزانية.

ترأَّس وزارته الثالثة في (3 أكتوبر 1929 - 1 يناير 1930)، واحتفظ فيها بمنصب وزير الداخلية أيضا.
رئيس مجلس الشيوخ من (3 يناير 1930 - 15 أكتوبر 1930).

رئاسته الوزارة الأولى:
"تشكيل الحكومة من 16 مارس 1921 - 24 ديسمبر 1921"

وفاته"
توفي عدلي يكن في باريس في 22 أكتوبر 1933.

ثورة 1919 كانت سلسلة من الاحتجاجات الشعبية على السياسة البريطانية في مصر عقب الحرب العالمية الأولى، بقيادة الوفد المصري الذي كان يرأسه سعد زغلول ومجموعة كبيرة من السياسين المصريين، كنتيجة لتذمّر الشعب المصري من الاحتلال الإنجليزي وتغلغله في شؤون الدولة بالإضافة إلى إلغاء الدستور وفرض الحماية وإعلان الأحكام العرفية وطغيان المصالح الأجنبية على الاقتصاد. بدأت أحداث الثورة في صباح يوم الأحد 9 مارس 1919، بقيام الطلبة بمظاهرات واحتجاجات في أرجاء القاهرة والأسكندرية والمدن الإقليمية. تصدت القوات البريطانية للمتظاهرين بإطلاق الرصاص عليهم، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. استمرت أحداث الثورة إلى شهر أغسطس وتجددت في أكتوبر ونوفمبر، لكن وقائعها السياسية لم تنقطع واستمرت إلى عام 1922، وبدأت نتائجها الحقيقية تتبلور عام 1923 بإعلان الدستور والبرلمان.

كان لتأليف الوفد المصري المنوط به السفر إلى مؤتمر باريس للسلام، لمناقشة القضية المصرية بعد انتصار الحلفاء، أثره الكبير كمقدمة أدت إلى اشتعال الثورة. فقد اعتقلت بريطانيا سعد زغلول وثلاثة من زملائه لتشكيلهم الوفد ونفيهم إلى جزيرة مالطا، الأمر الذي أدى إلى بداية الاحتجاجات في مارس 1919. انطلقت تظاهرات في العديد من المدن والأقاليم المصرية وكانت القاهرة والأسكندرية وطنطا من أكثر تلك المدن اضطرابًا، الأمر الذي أدى السلطات البريطانية إلى الإفراج عن سعد زغلول وزملائه، والسماح لهم بالسفر لباريس. وصل الوفد المصري إلى باريس في 18 إبريل، وأُعلنت شروط الصلح التي قررها الحُلفاء، مؤيدة للحماية التي فرضتها إنجلترا على مصر.

أُوفِدت لجنة ملنر، للوقوف على أسباب هذه التظاهرات. وصلت اللجنة، في 7 ديسمبر وغادرت في 6 مارس 1920. دعا اللورد ملنر الوفد المصري في باريس للمجيء إلى لندن للتفاوض مع اللجنة، وأسفرت المفاوضات عن مشروع للمعاهدة بين مصر وإنجلترا ورفض الوفد المشروع وتوقفت المفاوضات. استؤنفت المفاوضات مرة أخرى، وقدّمت لجنة ملنر مشروعاً آخر، فانتهى الأمر بالوفد إلى عرض المشروع على الرأي العام المصري. قابل الوفد اللورد ملنر وقدموا له تحفظات المصريين على المُعاهدة، فرفض ملنر المناقشة حول هذه التحفظات، فغادر الوفد لندن في نوفمبر 1920 ووصل إلى باريس، دون أي نتيجة.

دعت بريطانيا المصريين إلى الدخول في مفاوضات لإيجاد علاقة مرضية مع مصر غير الحماية، فمضت وزارة عدلي بمهمة المفاوضات، ولم تنجح المفاوضات بعض رفضها لمشروع المُعاهدة، فنشر سعد زغلول نداءً إلى المصريين دعاهم إلى مواصلة التحرك ضد الاحتلال البريطاني فاعتقلته السلطة العسكرية هو وزملائه، ونفي بعد ذلك إلى سيشيل.

حققت الثورة مطالبها، ففي 28 فبراير ألغت بريطانيا الحماية المفروضة على مصر منذ 1914. وفي 1923، صدر الدستور المصري وقانون الانتخابات وألغيت الأحكام العرفية. لم تستطع الثورة تحقيق الاستقلال التام، فقد ظلت القوات البريطانية متواجدة في مصر.

درست الحكومة البريطانية برئاسة لويد جورج تقرير اللورد ملنر، ففي 26 فبراير 1921، قررت اعتبار الحماية البريطانية على مصر علاقة غير مرضية، ودعت مصر إلى الدخول في مفاوضات رسمية للوصول إلى علاقة بديلة تضمن مصالح بريطانية. قدمت وزارة محمد نسيم استقالتها في 16 مارس 1921، وعهد إلى عدلى يكن بتشكيل وزارة جديدة. عاد سعد زغلول إلى مصر في 4 أبريل، قابله الجماهير بمظاهرات وحفلات. بدأت المحادثات بين سعد وعدلى وقدم سعد شروطه، إلا أن خلافاً قام بينهما على رئاسة الوفد، فكان عدلي يرى بأن تكون له رئاسة هيئة المفاوضات، ما دام هو رئيس الحكومة. أدرك سعد أن وزارة عدلي لا توافقه على شروطه كلها، فبدأ في حملة مناوئه لها، وكانت بدايتها في خطبة شبرا 25 أبريل والتي أصرّ فيها على أن تكون صفة الرئاسة له. عرض على هيئة الوفد في 28 أبريل الاشتراك في المفاوضات، فرأت الأغلبية المشاركة في المفاوضات برئاسة عدلي فانشق الوفد على نفسه، فاعتبرهم سعد منشقين وأعلن عدم الثقة في الحكومة.

اجتذب سعد الغالبية العظمى من المصريين إلى جانبه مما كان له آثاره في قيام العديد من المظاهرات العدائية ضدّ عدلي والوزاء المنشقّين. قامت مظاهرة في طنطا في 29 أبريل، فتعرضت لها قوات الشرطة فعجزت عن ذلك لكثرة العدد، واصلوا سيرهم حتى قسم شرطة طنطا، فأرادت الشرطة تفريقهم بمضخات المياه، فأخذ المتظاهرين يلقون بالحجارة، فردت الشرطة بإطلات النار مما أدى إلى مقتل 4 وجرح 40 شخصًا. زاد الحادث من موقف عدلى إحراجًا؛ فأعلن أن الوزارة لم تامر قط بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وأمر بإجراء تحقيق. سعى عدلي في تخفيف السخط الشعبي الذي تواجهه وزارته، فتواصل مع السلطة العسكرية البريطانية بشأن رفع الرقابة على الصحف، فكان له هذا في 15 مايو، وصدر إعلانًا من اللورد اللنبي بذلك.

مضت وزارة عدلي بمهمة المفاوضات غير مكترثة لمعارضة سعد زغلول، واستخدمت الإداراة الحكومية في جمع توقيعات من الأعيان وغيرهم. استصدر السلطان في 19 مايو 1921 مرسومًا بتشكيل الوفد الرسمي للمفاوضات برئاسة عدلي يكن  زادت حدة المظاهرات في القاهرة والأسكندرية، واتخذت طابع العداء لكل من خالف رأي سعد زغلول، والنداء بسقوطهم، والاعتداء على منازلهم. في 22 مايو 1921، اشتدت المظاهرات عنفًا في الأسكندرية واشتبك المتظاهرين مع الأجانب، واشتعلت النار في عدة منازل، وحدث تبادل إطلاق النار. تحولت المظاهرات إلى اضطرابات ما أدى إلى تدخل الشرطة ثم الجيش المصري لقمعها، واستمرت الاضطرابات حتى 23 مايو. على اثر وقوع الأحداث صرح ونستون تشرشل وزير المستعمرات بأنه لا يرى الوقت مناسب لجلاء الجيش البريطاني عن مصر. وصل عدلي يكن لندن في 11 يوليو 1921، وبدأت المفاوضات بينه وبين جورج كورزون وزير الخارجية البريطاني. سلّم كورزون عدلي في 10 نوفمبر مشروع معاهدة أصرت فيه بريطاني على التواجد العسكري في مصر، وتدخلها في مجريات الحكم.!!