مقال قديم مجدد
قلم: نبيل صموئيل
في إطار ما تقوم به الدوله من مجهودات كبيره وببرامج عده والاهتمام والتركيز علي المناطق المهمشة والفقيره، وخاصه بتنميه صعيد مصر وبرامج مثل تكافل وكرامه وغيرها من التدخلات العديده وهي بالفعل جهود محموده ومقدره،
لذا من الهام جدا وضع أسس علميه لمفاهيم التنميه والتطوير حتي تأتي كل هذه الجهود المحمودة بثمارها المرجوه.
فالتنمية عمليه متكامله الأبعاد وترتبط بحزمه مندمجه من المبادئ والقيم، وتجزئه هذه الحزمه من المبادئ والقيم لن يعاون علي إنجاز الاهداف المطلوبه من هذه المبادرات والبرامج.
التنميه ليست مجرد فقط ارتفاع في دخل الفرد بما يغطي إحتياجاته،
ولا فقط ما تقدمه له الدوله أو الجمعيات الأهليه كل ما يحتاج اليه من ماكل وملبس وسكن وصحه وخلافه،
وليست فقط تحسين البيئه المحيط بالإنسان والإرتقاء بجودتها من طرق ومبانٍ وغيرها من مجالات التحسين، وبمشروعات كبري،
وليست مجرد تعليمات ونصائح تقدم للإنسان والمجتمعات،
وليست مجرد توعيه مستمره للمجتمعات والناس،
ولكن: التنميه عمليه تحرير وتمكين للإنسان والمجتمعات،
وهي عمليه مستمره تتم بالإنسان المستهدف ومن أجله،
وهي ليست عمليه فرديه بل عمليه جماعيه يشترك فيها أعضاء المجتمع الواحد في التحليل والتخطيط وتحديد المشكلات والموارد والأولويات والقيام معا بالعمل في ضوء ذلك فتصبح الإنجازات ملكهم لأنهم هم من صنعوها بايديهم،
وميسر عمليه التنميه او الممارس التنموي الذي يعمل معهم هو من يعاونهم وييسر لهم العمليه التنموية ويعاونهم علي كيفه العمل معا، وكيفيه استخدام الموارد المحليه والبحث عن موارد أخري اذا احتاجوا، فهو ما يسمي بميسر عمليه التنميه او الممارس التنموي.لذا فإننا نستطيع وصف التنميه بأنها: "عمليه تحرير وتمكين":
عمليه التحرير :
- تحرير الإنسان والمجتمعات من قيود الفقر والظلم والإهمال والإستبعاد، والإحساس بالضعف والإستكانه وعدم القدره.
- تحرير الانسان من قيود الجهل والخرافات والمعتقدات الخاطئه،
- تحرير العقل من الفكر السلفي الماضوي ومن الجمود والطقوس والتيبس والتقليدية والعادات والممارسات الخاطئه المتوارثه والمكتسبه عبر سنوات طوال..
عمليه التمكين:
- تمكين الإنسان والمجتمعات من المعرفه بنشر الفكر والعلوم وفتح الآفاق لفهم الواقع واسبابه ولماذا وصلنا الي هذا الواقع وبناء منظور جديد لواقع افضل.
- تمكين الإنسان والمجتمعات من بناء إتجاهات إيجابيه نحو نفس الإنسان وقدراته الكامنه، ومن قدرته علي نقد وتحليل الواقع، وتخيل واقع افضل وبقدراته والمحيطين به يمكن أن يحققوا الواقع المنشود،
- تمكين الانسان من الفهم الصحيح للعلاقات بين البشر والتخلص من التمييز بينهم بسبب اللون او الجنس او الديانه او المذهب الي غير ذلك من المفاهيم الإنسانيه، وتمكين المجموعات البشريه والمجتمعات من إكتساب اتجاهات تعاونهم علي بناء مجتمعات متماسكه وعلي المشاركه والتفاعل معا.
- تمكين الانسان والمجتمعات من المهارات ومن بناء قدراتهم وبما بعاونهم علي تغيير الواقع لمجتمعاتهم بالعمل المشترك والتعاون وبناء رؤي واحلام جماعيه مشتركه، مهارات تتناول تفاصيل كيفيه التعاون علي تحقيق احلامهم وامانيهم لمستقبل افضل.
فجهود الناس التطوعيه الواعيه والمخططه والمبنية علي تحريرهم من قيود كبلتهم وعوْقتهم سنوات طوال، والمبنية علي اتجاهات فكريه صحيه وصحيحه، ومهارات مكتسبه وجماعيه، والمبنيه ايضا بإعتبارهم الشركاء الأساسيين في عمليه التنميه،
فهذه الجهود معا هي العامل الاكبر في تحقيق إستدامه التنميه.
فاذا غيرنا البيئه المحيطه بهم ووفرنا لهم كل إحتياجاتهم ( وهي أعمال مشكوره ومحموده جدا بالطبع) فعلينا ان نبذل قصاري جهدنا لمعاونتهم علي اكتمال تحريرهم وتغيير اتجاهاتهم الفكريه المعوقه للتنميه وإكتسابهم لمهارات التغيير والتجديد وصناعه الاستمرارية.
والعامل الأهم في كل ذلك هو ميسر التنميه أو الممارس التنموي الذي يقوم بالعمل مع الناس مباشره، وهو يمثل خط الدفاع الاول، فهو الذي يمكن عندما يكون مدربا ممكنا واسع الفكر والإطلاع ولديه مهارات فكريه وعمليه يستخدمها بفاعليه مع الناس ويعاونهم علي التفكير والتحليل وعلي فحص اسباب الواقع ثم يعاونهم علي وضع افكارا لتغيير الواقع والعمل معا لتغييره.
لذا فإنه لكي تنجح خططنا في التنميه لابد من إعطاء اهميه كبيره لإعداد وتدريب وتمكين ميسري التنميه او الممارسين التنمويين. وبدون ذلك تفشل كل خططنا وتفقد مواردنا دون نتيجه.
وقد بدأت شخصيا حياتي العمليه في منتصف السبعينيات في التنميه كممارس تنموي وتعلمت كثيرا من عملي ومن الناس، وتم إعطائي الفرصه للسفر للخارج لدراسه التنميه وما أشارك به هو خلاصه لخبرتي العلميه والعمليه.