خالد منتصر
صار السؤال عن أصل فيروس كوفيد ١٩ الآن أهم من سؤال أصل الحياة، ظهرت على السطح مرة أخرى إمكانية أن يكون مخلَّقاً فى المعمل، أصبح هذا الاحتمال مساوياً فى قوته ووزنه لقصة انتقاله من الخفاش إلى الإنسان، قالها «ترامب» قبل ذلك واتهم الصين، لدرجة أنه فى كل خطبه كان يذكر ويكرر اسم الفيروس الصينى بدلاً من كوفيد، ولأن «ترامب» كان هو القائل، فقد تم رفض نظرية المؤامرة المعملية أو التسرب من المختبر، تقف منظمة الصحة العالمية ضد هذا الاستنتاج وتدعم نظرية الانتقال من الحيوان للإنسان عبر طفرة أو عدة طفرات، هاجمت عالمة الفيروسات فى منظمة الصحة العالمية ماريون كوبمانز قائلة: «إذا كان هناك دليل حقيقى، فأنا أعتقد أن مسئولية الولايات المتحدة هى مشاركتها»، بدأت حرب التصريحات ما بين أمريكا والصين، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن إنه يتوقع نشر نتائج تقرير استخباراتى حول أصول الفيروس، واتهمت وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة بـ«التلاعب السياسى وتحويل اللوم»، ورفضت أى صلة بين Covid-19 ومختبر لأبحاث الفيروسات فى مدينة ووهان الصينية.
للأسف كل طرف عنده أدلته وسنظل فى تلك المتاهة ولن نعرف أصل الفيروس، فهناك دائماً الكثير من الأدلة لدعم النظريتين المتنافستين، نظرية الأصل الحيوانى، حيث ينتقل الفيروس بشكل طبيعى من الخفافيش إلى البشر، تدعمه حقيقة أن فيروسات كورونا قد عبرت حاجز الأنواع بهذه الطريقة بالضبط من قبل، نظرية التحليق المعملى والتسرب، هناك أيضاً الكثير من السوابق للتسريبات المختبرية حيث يصاب الباحثون عن طريق الخطأ بالفيروس الذى يعملون عليه، وهل مصادفة أن تفشى ووهان كان على أعتاب المختبر الرائد فى العالم لجمع ودراسة وتجريب فيروسات الخفافيش، هل مصادفة أن ثلاثة أعضاء من معهد ووهان لعلم الفيروسات قد تم إدخالهم إلى المستشفى فى نوفمبر 2019، قبل عدة أسابيع من اعتراف الصين بأول حالة إصابة بالمرض الجديد فى الولايات المتحدة!، ما تغير ليس الدليل ولكن السياسة هى التى تغيرت، إن نظرية التسرب فى المختبر، التى وُلدت فى بيئة تسممها المعلومات المضللة، لم تقوض كثيراً بسبب إنكار الصين، ولكن بسبب حقيقة أن الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب كان هو الذى يضخها، والإعلام كان كارهاً لترامب، تم الكشف فى زمن ترامب عن برقيات وزارة الخارجية الأمريكية فى أبريل 2020 التى أظهرت أن مسئولى السفارة قلقون بشأن الأمن البيولوجى هناك، لكن الإعلام رفضها وشوّش عليها بسبب «ترامب» وليس بسبب الشك فى المعلومات.
جاء أمر «بايدن» بإجراء مزيد من التحقيقات فى اليوم التالى لحث وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكى منظمة الصحة العالمية على ضمان إجراء تحقيق «شفاف» فى أصل الفيروس.
وقال: «يجب إطلاق المرحلة الثانية من دراسة أصول كوفيد بشروط مرجعية شفافة وقائمة على العلم وتعطى الخبراء الدوليين الاستقلال لتقييم مصدر الفيروس بالكامل والأيام الأولى لتفشى المرض»، وعلى الرغم من عدم وجود دليل يشير إلى أنه من صُنع الإنسان، قال موقع فيس بوك يوم الخميس الماضى إنه فى ضوء التحقيقات الجارية وبالتشاور مع خبراء الصحة العامة، فإنه «لن يزول الادعاء بأن Covid-19 من صنع الإنسان».
أين الحقيقة؟، وهل ستغتال مراوغات السياسة حقائق العلم؟، وهل سيتغير شعار: «أحب أفلاطون ولكنى أحب الحقيقة أكثر»، ويتحول إلى شعار: «أكره ترامب وأكره الحقيقة إذا قالها أكثر»!.
نقلا عن الوطن