أحمد الأشقر
افريقيا، القارة الام ولكن نعود الي القرن الخامس عشر، منذ اكتشاف راءس الرجاء الصالح عام ١٤٨٨ من خلال البرتغاليون واكتشاف امريكا عام ١٤٩٢ من خلال الاسبان تحولت القارتين الي مستعمرات برتغالية واسبانية ( حتي اليوم يتحدث سكان امريكا الجنوبية اللغة الاسبانية ماعدا البرازيل فهي تتحدث البرتغالية). بعد الغزو بداءت الحملات الدينية من خلال البعثات التبشيرية بهدف تربية السكان علي الطاعة وتحويل حياتهم هناك الي حياة دينية بحتة وتنمية الفكر الديني الي اقصي حد حتي يتسني للمستعمر الاستيلاء علي الثروات بدون مشاركة او اعتراض اهل البلاد الاصليين. كانت قبائل المايا والانكا، السكان الاصليين، تستغل الثروات بنظام وحسب الحاجة ولكن بعد وصول الاسبان والبرتغاليين تم استغلال الثروات بشكل لم يعرف له مثيل من قبل وتم نقل الاف الاطنان من الذهب والفضة من الامريكتين الي البلدين وبعد وقت قصيراكتشفت بقية بلاد اوروبا من اين تاتي هذه الثروات الضخمة ومعها بداء الصراع والحروب بين اسبانيا والبرتغال وانجلترا وفرنسا وهولندا وبلجيكا والمانيا، الكل يريد نصيبه من هذه الثروات. تناقشت مع مدير الفندق الاسباني في احدي القري السياحية في فراديرو في كوبا عن هذه الفترة وعن سلسلة الفنادق الاسبانية في امريكا الجنوبية. اما امريكا الشمالية وكندا فاصبحوا من نصيب انجلترا وفرنسا بعد حروب هائلة في البلدين. مما هو جدير بالذكر ان سويسرا لم تشارك في اي من هذه الغزوات ولكن الجنود السويسرين كانوا من افضل الجنود واكثرهم ولاءا في ذلك الوقت ولذا فقد كانت الدول الاخري تطلبهم اما بالتاءجير او الشراء وحتي اليوم ومنذ 500 عام تحرس مجموعة سويسرية بابا الفاتيكان وايضا جزء من حماية ملكة انجلترا ولكن هذه حكاية اخري ولنعود الي افريقيا
قبل اكتشاف راءس الرجاء الصالح عام ١٤٨٨ كانت السفن تنقل البضائع من اوروبا الي شرق البحر المتوسط ثم تنقل هذه البضائع علي الجمال خلال الصحراء الي البحر الاحمر وحيث تنتظر السفن القادمة من جنوب وشرق اسيا وتستقبل هذه البضائع وتفرغ حمولتها من البضائع التي تنقل للبحر المتوسط وحيث تنقلها السفن الي اوروبا. الي ان اكتشف البرتغاليون راءس الرجاء الصالح (كان اسمه في القديم راءس العواصف والرياح طبقاً للمناخ في هذه المنطقة) ومع هذا الاكتشاف الجديد اصبحت السفن تتوجه مباشرة الي راءس الرجاء الصالح ومنها الي جنوب وشرق اسيا ولذا اطلق ملك البرتغال عليه راءس الرجاء الصالح. علي ان اكتشاف راءس الرجاء الصالح حول افريقيا بكل دولها الي مستعمرات لدول مختلفة واهلها اصبحوا عبيداً يباعوا في الاسواق وبداءت افكار ان الجنس الابيض اكثر قدرة وذكاءاً من الجنس الاسمر تظهر وتنمو ومعها بداءت العنصرية والتفريق بين البيض والسمر. اصبحت افريقيا مستعمرات برتغالية واسبانية والمانية وبلجيكية وفرنسية وانجليزية وايطالية وبداء في استغلال ثروات القارة الوفيرة. (منطقة راءس الرحاء الصالح هي اقدم جزء في افريقيا ويصل عمرها الي 3 مليار سنة وبها مناجم الماس) كالعادة بداءت الحملات الدينية من خلال البعثات التبشيرية بهدف خلق الطاعة والولاء للغزو الجديد وانشغل السكان في امور الدين والاخرة وتركوا المستعمر يستولي علي الثروات والمواد الخام ويبيع لهم المنتجات بعد تصنيعها في بلاده بسعر عال. ( يقال حتي اليوم تصرف مئات المليارات من الدولارات من اجل تحويل حياة البشر في افريقيا الي حياة دينية بحتة وان يصبح التفكير ديني بحت يهتم بالدين والاخرة ويترك للاخرين التفكير العلمي والعقلاني وارساء خطوات التطور والتكنولوجيا التي تباع فيما بعد باغلي الاسعار، راجع احداث عام 2011)
علي اني اود ان اذكر ان الحكومة الالمانية الحالية اعترفت منذ يومين بالمذابح والابادة الجماعية التي اقامها القيصر الالماني في ناميبيا في القرن التاسع عشر وراح ضحيتها اكثر من مائة الف شخص من القبائل والعشائر المختلفة هناك كما ابدت الحكومة استعدادها لتقديم اكثر من مليار يورو كتعويضات عما اصاب سكان هذا البلد في عهد القيصر الالماني وايضا ان رئيس المانيا سوف يذهب في الاسابيع القليلة القادمة الي ناميبيا ويقدم اعتذار الحكومة الالمانية امام برلمان ناميبيا عما ارتكبه القيصر في حق الشعب الناميبي ولكن احفاد القبائل والعشائر التي عاشت ذلك الوقت وطالها نار الاستعمار الالماني غير راضيين عن هذه الخطوة وذلك لان الاعتذار سيقدم الي البرلمان وليس الي رؤساء القبائل والعشائر مباشرة كما ان التعويضات المزمع تقديمها ستدفع للحكومة وليس لاسر الضحايا. بالمناسبة ناميبيا بلد جميل في غرب افريقيا ويتمتع بطبيعة خلابة من سهول ووديان وصحاري وثروات معدنية عديدة ونادرة وتبلغ مساحته حوالي ٩٠٠ الف كم٢ وعدد سكانها اقل من ٥ مليون نسمة وكانت تتبع النظام العنصري في جنوب افريقيا ونالت استقلالها عام ١٩٩٠. ( والحق يقال انه بفضل ثورة يوليو ١٩٥٢ نالت العديد من الدول الافريقية استقلالها بعد ان ساندت الثورة الحركات التحريرية في هذه الدول) .
ولنعود الي القارة، التي هي الاصل والمركز والتي تمتلك كماً هائلاً من الثروات وموقع جغرافي هام بين الشرق والغرب والذي كان سبباً في الاستعمار وتجارة العبيد منذ الاف السنين. قبل الاسلام وقبل اكتشاف القارة الامريكية كانت تجارة العبيد تتم في اتجاه الشرق والشمال الي شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام مارة بمصر الي ان جاء الاسلام وحرم تجارة العبيد وتم عتق الالاف منهم واصبحوا احراراً. بعد اكتشاف القارة الامريكية وموت اكثر من ٩٠٪ من السكان الاصليين علي ايدي الغزاة بسبب الحروب او بسبب الامراض التي جلبوها معهم ولم تكن معروفة لاهل البلاد الاصليين ولم تكن لديهم مناعة ضدها او عرفوا سبل علاجها. احتاج الغزاة الي الملايين من الايدي العاملة والتي جلبوها من افريقيا ومعظمهم من بلاد الساحل الغربي وقلة من بلاد الساحل الشرقي. علي ان هوءلاء البشر، العبيد ذوي البشرة السمراء، مات منهم الكثير اثناء عملية النقل من افريقيا الي امريكا بسبب غرق الكثير من السفن في المحيط وسوء التغذية اثناء الرحلة وايضاً سوء المعاملة علي البواخر التي نقلتهم ومن المؤسف انه كان هناك افريقيين عملاء هم من قاموا بجمع العبيد وبيعهم وتقاضي اموالاً كثيرة وكثير منهم اصبح مليونيراً من تجارة العبيد مثلما يتم اليوم في تجارة النساء من بلاد مختلفة وخاصة من شرق اوروبا ليعملوا في الملاهي الليلية وتوابعها. (يقال انه عندما قال كارل ماركس، الدين افيون الشعوب، لم يكن يقصد مهاجمة الدين كم يتصور الكثيرون حتي اليوم بل كان يهاجم الراءسمالية وتجارة العبيد التي تستخدم الدين للسيطرة علي الشعوب وتربيتها علي الطاعة وتنفيذ اغراضها)
ولننتقل الي منطقة الشرق الاوسط، قبل وبعد ظهور الاديان السماوية وحتي اليوم كانت ومازالت منطقة الشرق الاوسط دائماً في حالة حرب بين اطراف متعددة وبالرغم من ان الاديان السماوية الثلاثة تدعو الي السلم وحل المشاكل والقضايا بالحوار السلمي الا ان هذا لم يحدث منذ الاف السنين بل الحرب كان دائماً هو الحل المطروح. في الماضي كانت الصراعات بين الامارات والممالك والامبراطوريات والتي لم تتوقف يوماً ما فاذا احس احد الملوك او الامارات ان الامارة المجاورة ضعيفة اعد جيشه وغزاها واحتلها ونهب ثرواتها الي ان ياءتي من هو اقوي منه ويغزو امارته ويحتلها ويستفيد من ثرواتها وامكانياتها. التاريخ مليء بهذه الحروب سواء اكانت صغيرة او كبيرة والتي راح ضحيتها الملايين مثلما يحدث اليوم. (مازالت هناك امارات في اوروبا حتي اليوم مثل موناكو وليختنشتاين).
ولعلنا نذكرغزوات نابليون في العصر الحديث كمثال علي هذه القاعدة. علي ان الاستعمار الذي بداء بعد اكتشاف راءس الرجاء الصالح والوصول الي جنوب شرق اسيا وبدء في الاستفادة من ثرواتها الزراعية والمعدنية، فكلنا نعرف تاريخ الصين والهند مع انجلترا وحرب الافيون الشهيرة وكيف تم القضاء علي المقاومة واصابة الشعوب بالامراض المزمنة الي ان جاء ماوتسي تونج وحرر الصين ونذكر ايضاً تاريخ اندونيسيا مع هولندا وعدة جزر في الباسيفيك وفيتنام مع فرنسا وكان هناك ايضا الاستعمار البلجيكي والبرتغالي والاسباني والايطالي في اسيا والمحيطين الباسيفيكي والاطلنطي. وتقاسمت هذه الدول ثروات البلاد الافريقية والاسيوية والجزر المختلفة الوفيرة فيما بينها. وحتي اليوم تقوم الشركات الدولية العملاقة بالبحث عن الثروات وفتح المناجم واستغلالها بادوات وتكنولوجيا حديثة. دراسة التاريخ بحلوه ومره مهم للتخطيط للمستقبل.
وللحديث بقية