حمدي رزق
من الحكمة ألا نستبق تحقيقات النيابة فى مأساة حريق المؤسسة العقابية التابعة لوزارة التضامن فى المرج، المشرحة مش ناقصة اجتهادات قبل تمام التحقيقات.
إنسانيًا وعلى الهامش، يشب فى قلبى حريق، ستة أرواح بريئة تأكلها النيران فى ليلة حالكة السواد، وتطول ألسنة اللهب عشرين آخرين بدرجات من الحروق.
حريق رهيب فى غيبة المشرفين والموظفين والمديرين، هذا فوق الاحتمال صمتا على البلوى، أقلّه تعزية فى الضحايا ورحمة وصبر وسلوان وعود ريحان.
العقاب فى المؤسسة العقابية، ما حدث يستوجب وقفة فى مؤسسات وزارة التضامن التى تعنى بالأرواح، مستوجب مواجهة حاسمة وحساب الموظفين المؤتمنين على الأرواح، إذا ثبت إهمال وتقاعس أو تسيب، يستاهلوا الشنق علنًا.
ستة أرواح يأكلها الحريق دون غوث.. أين كان المشرفون جميعا؟، طبعا قفلوا على الضحايا الأبواب وغادروا، كلٌّ إلى حال سبيله، تركوهم كومة لحمة طرية تشويها النار، حفلة شواء، «باربكيو» بلحم بشرى، الرائحة لا تطاق.
ناهيك على الواجبات الوظيفية، خلينا فى الواجبات الإنسانية، لو كل مشرف أو موظف منهم عنده ذرة ضمير، ويعتقد أن هؤلاء بشر يستحقون الرعاية، وزى عياله، وخاف عليهم، ما كان تركهم عُزّل يواجهون النار تشوى الوجوه دون سبيل للفرار.. وغُلِّقَت الْأَبْوَابَ.
هتروحوا من ربنا فين يا بُعدا، فصول مأساوية من الإهمال تكلفنا أروحا بريئة، لو الإهمال رجلا لقتلته، كل مصيبة وراءها موظف مهمل، غير مسؤول، عديم الضمير.. وحتى لا نظلم جموع الموظفين الشرفاء، ما نقصدهم عناصر جاحدة، لا ترعوى لقانون، وليس عندها ذرة من إحساس.
يقينًا، نفس المشرف الذى أغلق الباب على الصغار وغادر، هو مَن غادر كابينة القطار الحزين قبيل التصادم، هو نفسه من يهرب عادة من المسؤوليات ويتخفى فى المصايب، ويتفلت من أداء الواجبات، ومقضيها فهلوة وتنطيط زى دبور الغيط.
هذا عبث بالأرواح، فيه روح شريرة متلبسة نفرا من الموظفين، معقود على جبينهم الفقر والفشل والفساد والإفساد، بعض من ينتسبون ظلما إلى السلك الوظيفى المحترم جُبل على التسيب والإهمال وانعدام المسؤولية، بياكلوا «سحت» فى بطونهم نارا، خلوا من الضمير، ولا يعرقون كدًّا، ولا يتعرقون خجلًا. ما نخشاه على أرواحنا هذه الأقلية عديمة الإحساس بالمسؤولية.
أقلية منفلتة لا تعبأ، ولا تحفل، ولا تجفل، ولا ولا ولا.. ولو ابنه دخلت فى رجله شوكة يولول ويتشحتف وينوح كالولايا، ولكن ولاد الناس يتحرقوا بجاز.
هذه مؤسسة عقابية ليست مستوقد فول، رسالتها تهذيب وإصلاح، ليس تشييع الأرواح.. يا ربى كيف واجه الصغار النار؟.. الحريق فاغر فاه يتخطف الأفراخ الطرية.
الله يرحم من قضى نحبه حرقا، كيف حال من ينتظر محروقا بدرجات، وهم من عاشوا لحظات الحريق الرهيب وشاهدوا بأعينهم الباكية النيران تلتهم إخوتهم أحياء، من أغلق عليهم الباب يستاهل الشنق على الباب المحروق.
نقلا عن المصري اليوم