خالد منتصر
فى زيارة خاطفة لمدينة رأس البر الساحرة التى لم أزرها منذ أكثر من ربع قرن وكنت مشتاقاً إليها، ووجدتها بالفعل ما زالت تحتفظ بعبقها وجمالها القديم، وازدادت تألقاً على يد المحافظة النشيطة د. منال ميخائيل، فى تلك الزيارة سعدت وتشرفت بزيارة أحدث مولود لمنظومة مكتبات مصر العامة، المولود رقم ٢٠ «عشرين»، مكتبة عزبة البرج، إلى جانب الفرحة بأن بلد أبى وأمى وجدودى دمياط صار بها ثلاث مكتبات تابعة لمكتبة مصر، كان الانبهار بهذا الصرح العظيم، الذى شيد على أعلى مستوى هندسى وجمالى وخدمى، نافذة تنوير جديدة، ورئة عقل وعلم وحضارة تتنفس بها مصر المستقبل، مصر المحروسة بأبنائها العشاق الحقيقيين، يقف على رأس تلك المنظومة شخصية وطنية دبلوماسية عاشقة لتراب هذا الوطن، خدم فى السلك الدبلوماسى فى أحلك الظروف وأصعبها، وجه مضىء من وجوه مدرسة الخارجية المصرية الوطنية، هو السفير عبدالرؤوف الريدى، ابن دمياط وابن عزبة البرج، يملك أحلاماً بلا سقف، وتحليقاً بدون أسوار أو حدود، تسأله عن حلمه فيقول ألف مكتبة فى ربوع مصر، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، أما الصديق العزيز السفير رضا الطايفى الذى يشارك الرائد الريدى حلمه الكبير، فهو الدينامو الذى لا يهدأ ولا يمل أو يكل، كأن لديه عصا الساحر التى تذلل كل الصعاب فى ظروف روتينية معقدة ومتشابكة من الممكن أن تصيب أى إنسان باليأس، لكنه مقاتل حقيقى، السفير رضا الطايفى قبل التحاقه بالخارجية كان ضابط احتياط، وتجربته الثرية خاصة فى آسيا كسفير فى كوريا وفيتنام، ساعدته على الدقة والنظام والحزم الهادئ والتأمل الواقعى ومد جسور الصداقة مع الجميع وعبر كل الطبقات، هو إنسان جميل يتسلل إلى قلبك وعقلك بنعومة ووقار ليظل ساكناً كالوشم فى القلب والعقل، دعوة لزيارة تلك المكتبة والاستمتاع بموقعها الساحر الجميل، ودعوة لكل دور النشر أن تساهم فى نجاح تلك المنظومة، المكتبة منتهى النظافة والجمال، حديقة مطلة على النيل هى جنة وفردوس ثقافى وروحى، ثلاثة أدوار هى مثال حى للرقى والتثقيف والشياكة، مكتبات للأطفال والكبار، قاعات كمبيوتر وإنترنت، قاعات رسم، تعليم فنون، مسرح رومانى صغير وأنيق، إدارة على أعلى مستوى بروح الأسرة وأبجديات الحب، جهازها العصبى المركزى شخص فى منتهى دماثة الخلق والنشاط واتقاد الذهن هو د. أحمد أمان، قابلت شباباً وشابات يديرون المكتبات تفخر بهم، وكان أجمل المشاهد هو كم الأطفال الذين يزورون المكتبة، فرح حقيقى أن تشاهد أطفالاً كانوا محرومين من رؤية كتاب واحد خارج منهجهم الدراسى، هذا هو التنوير على الأرض وفى الواقع، هذا هو التجديد الحقيقى، هذه هى الثقافة المجتمعية وإنقاذ الطفل قبل أن تختطفه خفافيش الظلام.
شكراً للسفير عبدالرؤوف الريدى والسفير رضا الطايفى المصريين الدمياطيين الجميلين، ولكل أسرة مكتبة مصر العامة.
نقلا عن الوطن