سحر الجعارة
الشهر الماضى دخلت رئيسة الحزب الدستورى الحر فى تونس، عبير موسى، إلى البرلمان بسترة واقية من الرصاص، تنديداً بحرمانها من المرافقة الأمنية داخل مجلس نواب الشعب التونسى، ونشرت عبير موسى، فى حسابها على موقع «فيس بوك»، مقطع فيديو يوثق لحظة دخولها إلى البرلمان، وكتبت: «المشيشى لم يغير تعليماته.. يريد إنهاء نيابتى غصباً.. سأرتدى واقياً من الرصاص وأحمى نفسى وأدخل لممارسة عملى».
ما فعلته «موسى» هو مجرد «رمز» إلى أن حكم الإخوان فى تونس هو حكم «إرهابى»، كما تصفه دائماً، وقد تجددت الاحتجاجات والتظاهرات المناوئة لحركة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان فى تونس، فيما أعلنت رئيسة الحزب الدستورى الحر الدخول فى اعتصام مفتوح داخل البرلمان إلى حين تحرير البرلمان من سيطرة جماعة الإخوان، على حد وصفها.
كما وقعت مناوشات بين الأمن التونسى ومتظاهرين، وذلك بعد انطلاق مسيرة مطالبة بتحرير البرلمان من سيطرة الإخوان، فى حين أطلق المتظاهرون شعار «يسقط يسقط حكم المرشد»، فى إشارة إلى مرشد جماعة الإخوان.
الواضح أن أغلبية الشعب تؤيد مطالب عبير موسى، التى تتلخص فى رحيل حكومة المشيشى، وتراجع حكومة تونس عن رفع الأسعار، وإسقاط راشد الغنوشى من رئاسة البرلمان.. واختيار حكومة وطنية. وبينما كان «الغنوشى» يتهيأ لطرح حقبة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية فى البلاد خلال الفترة المقبلة، على أمل التهدئة، كانت المعادلة تتغير، فقد شهدت تونس تطوراً آخر، أبطاله عدد من قيادات الجيش المتقاعدين، الذين بعثوا برسالة إلى الرئيس قيس سعيد، أثارت مخاوف عدد من المراقبين خشية دخول الجيش على خط الأزمة بين الرئاسة وحركة النهضة.
تحت عنوان «مبادرة حل.. الأمل الأخير لإنقاذ تونس»، نشر العميد مختار بن نصير، الرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، مبادرة وقَّع عليها عدد من الضباط المتقاعدين، طالبوا خلالها بإعادة البلاد إلى المسار الصحيح، وتجنب أى مخاطر قد تطرأ نتيجة أى صراع سياسى، مشددين على أن دافعهم الأول لتلك الرسالة هو «المخاطر الجسيمة التى تهدد البلاد».
إن «رصة الدومينو» التى بدأها الإخوان فى حكم الدول العربية بتونس، وتهدَّمت فى مصر، لن تترك حركة النهضة تحكم، ليس بغضاً أو كراهية فى «الحكم الدينى»، فرئيس البرلمان -بحسب عبير موسى- يؤوى البؤر العائدة من مناطق النزاع، بل وله علاقات بأنظمة إرهابية.
وقد أكدت «موسى»، سابقاً، أن جماعة الإخوان فى تونس تريد أخونة المحكمة الدستورية التونسية من خلال ترشيح أعضائها لرئاستها وعضويتها، كما شككت «موسى» فى ثروة رئيس البرلمان التونسى، فى تلميح إلى أنها نتيجة تعاونه مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ورفضت أن تكون تونس حديقة خلفية لإدارة واحتضان أى عملية عسكرية ضد ليبيا.. إذاً نحن أمام تجاوزات سياسية واتهامات بالفساد واحتضان للإرهاب، وبطالة وارتفاع أسعار.. وكلها عوامل تنبئ بانفجار شعبى وثورة شاملة على هذه الأوضاع.
الإعلامية التونسية ضحى طليق تختصر المشهد التونسى قائلة: إن حركة «النهضة» عملت على ضرب الوحدة الوطنية واللحمة التى تميَّز بها التونسيون أثناء الانتفاضة، من خلال ترسيخ ثنائية «الكفر والإيمان»، وعملت، عبر مختلف منابرها سواء فى المساجد أو المنابر الإعلامية والخدمات الدعوية والاجتماعات الجماهيرية التى تعقدها، على ترسيخ فكرة أن كل من ينتخب «النهضة» أو لا يعارضها فهو مؤمن، وكل من خالفها الرأى أو انتقدها أو عاداها فهو «كافر».. وهذه هى كارثة الحكم باسم الله وتسييس الدين.. كلهم إرهابيون مهما تبدَّلت الأقنعة!.
نقلا عن الوطن