بينما كنت أتابع القنوات الخاصة بالأفلام الأجنبية، حيث أننى شغوف جدًا بالأفلام الأجنبية لما بها من ثراء فى الفكر و الدراما، وحيث أننى قد وصلت إلى قمة الزهق والملل والكآبة من السياسة والسياسيين وبرامج التوك شو، فوجدت أنه من الأفضل أن أشاهد فيلمًا أجنبيًا.. وإذ بي أجد نفسي أمام فيلم تنزل تتراته معلنة بدايته... كان اسم الفيلم (The Book of Elie).
 
أما البطولة فكانت للنجم الأسمر المعروف "دينزل واشنطن".. و تدور أحداث الفيلم في قالب خيالي بعض الشئ، عندما حدثت عاصفة نووية كبيرة أودت بحياة أناس كثيرين على وجه الأرض، فأصبحت الأرض خربة وخاوية، وبها القليل من البشر الهمجيين في تعاملاتهم وأسلوبهم، حتى في أسلوب تعاملاتهم الشرائي، فقد أصبح بالتقايض (أي تعطيني شئء مقابل الأشياء التي تريدها لأن النقود أصبحت غير موجودة).. وفي وسط ذلك يحاول شخص ما أن يجمع ما يستطيع تجميعه من الكتب المختلفة في شتى المجالات والأديان في محاولة للنهوض وعمل حضارة مرة أخرى، وعندما يعلم بذلك بطلنا الأسمر يقرر أن يسافر (على رجليه طبعًا) للقاء ذلك الشخص وإعطاءه نسخة من الكتاب المقدس كان يحملها، وتعتبر هي الوحيدة على وجه الأرض.
 
رحلة شاقة جدًا أخذني فيها الكاتب والمخرج والممثل، بداية من رمي الرصاص على الأشخاص لسرقتهم في الطرق، ونهاية بشخص يبحث عن الكتاب المقدس فقط ويجمع كل الأشخاص السيئين للبحث عن ذلك الكتاب، والذي يعتبره ثمينًا جدًا، وذلك للهيمنة على البشر، واستغلال الكتاب وآياته لفرض هيمنته على البشر. وعندما يعلم بأن الكتاب بحوزة بطلنا لا يتردد في الإيقاع به بشتى الطرق والأساليب، وفي كل مرة ينجو بطلنا بأعجوبة..
 
وفي هذه الأحداث الملتهبة بين شخص يريد مصلحته فقط وبين بطل يريد أن يقدم للبشرية أعظم كتاب، ينجلي الضوء عن فتاة يأخذها البطل في رحلته المحفوفة بالمخاطر، فتاة تقتنع برسالة البطل وتقرر أن ترافقه مهما كانت المخاطر والتحديات، إلى أن يصل بطلنا والفتاة أخيرًا إلى الغرب، حيث الشخص الذي يريد أن يجمع الكتب ويعيد نسخها لبناء حضارة جديدة..
 
أدهشني جدًا أن البطل قد ضاع منه الكتاب أثناء أحداث الفيلم، والأغرب أن الكتاب كان بلغة برايل (أي أنها على شكل حروف بارزة)، وأن البطل قد برع في قراءة تلك اللغة لأنه كان يعُلّمها في الماضي، وأنه قد حفظ ما به عن ظهر قلب، فبدأ البطل في تسمعيه وذلك الشخص يقوم بالكتابة إلى أن تم كتابته بالكامل وأُدرج في المكتبة العامة.. ويموت البطل متأثرًا بجراحه التي تغلب عليها إلى أن وصل لمبتغاه.
 
تأثرت جدًا بفكرة الفيلم، وبالأشخاص الذين مروا بداخله، فها هو شخص يبحث عن الكتاب لأجل هدف نبيل وسامٍ، وآخر يبحث عنه من أجل أطماعه الخاصة في ضل البسطاء عن طريق الآيات التي به.. واكتشفت ما هو أعمق من ذلك..
 
إن الكتاب المقدس قوي في معانيه وآياته، ولكن لمن يريد أن يكون قويًا وصاحب هدف ورؤية.. ويعتبر ضعيفًا لمن يريد أن  يستسلم لمجريات الأمور، ويستخدم آياته لتدعيم منطقه الضعيف..
 
عزيزى القارئ، تـُــرى فـي أي جانــب أنـت؟؟؟؟.