عبد المنعم بدوي
فى حياة كل جماعه بشريه ، تنشأ وتترسخ مجموعه من المحرمات والمقدسات ، يمتنع الناس من الإقتراب منها إلا بكل إحترام وتبجيل ، ويعتبرون العبث ، والإخلال بها مجلبه للعنه تحيط بالمجترئين ، وتوجب فى هذه الحاله معاقبتهم والخلاص منهم .
وعلى مدار التاريخ كان من أهم هذه المحرمات والمقدسات فى حياة المصريين " نهر النيل " حتى أن قدماء المصريين عبدوه وأطلقوا علية إسم الإله " حابى " وكانت تقام له الصلوات وتقدم له القرابين ، وكان أول سؤال للمصرى المتوفى يوم الحساب : هل لوثت مياه النيل ؟
ولكن فى العقود الأخيره وفى ظل التراجع والتخلف الذى أصاب المصريين ، سقطت موانع التحريم وزالت دواعى القداسه عن هذا النهر ، وأصبح عرضه للتلوث والإهمال وفقد الكثير من إحترام الدوله والمصريين له .
وحدث ذات يوم أن قام الرئيس الفرنسى " فرانسوا ميتران " أثناء زياره له للقاهره ، بالتمشيه على كورنيش النيل أمام السفاره الفرنسيه بالجيزه ، فصعق عندما شاهد الإهمال والقذاره والحال التى يرثى لها ، وصرخ من الجريمه التى نرتكبها فى حق هذا النهر .
إن نهر السين ونهر الدانوب لايقارنان بنهر النيل فى الجمال أو الإتساع أو الطول ، لكن دولهما وشعوبهما تحافظان عليهما وتحرصان على أن يكونا دائما فى أبهى صوره وجمال .
لقد أستغلت إثيوبيا حالة عدم الإستقرار السياسى التى مرت بها مصر ، وشرعت فى بناء سد على النيل الأزرق ، وضحكت علينا بدعوى تقسيم المنافع ... يقول " آبى أحمد " إن أحفاد الفراعنه الذين إضطهدونا قرونا طويله ، يطلبون مننا الأن أن نساعدهم بعد أن سيطرنا على النيل الأزرق ، وسوف نبنى مائة سد أخرى عليه ؟؟؟
هل هى لعنة العدوان على المقدسات والمحرمات ، وهل ستزول من أيدينا تلك النعمه التى لم نحافظ عليها ، وهل سيأتى اليوم الذى نبكى فيه كالنساء على نهر أضعناه ولم نحافظ عليه كالرجال ؟؟؟