هاني صبري - المحامي
الاستخدام السئ لوسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاته يجد الشخص نفسه مرتكبا لوقائع تشكل جرائم تضعه تحت طائلة القانون، من بينها نشر الأخبار الكاذبة والشائعات، والسب والقذف والتحريض على العنف، والإساءة للآخرين، ويقع المستخدم في قبضة العدالة بمجرد رسالة تحتوى على كلمة واحدة في كثير من الأحيان.

حيث إن شبكة الإنترنت وتنوعات مجالاتها أصبحت جزءًا من الحياة اليومية فى العالم لاعتبارها من أكثر الوسائل المستعملة للتعارف بين الناس، وهو ما جعل الناس يعتقدون أنها فضاءً مباحا ومنطقة فوق القانون وهذا الاعتقاد غير صحيح.

إن القانون مسئولاً عن وسائل الاتصال الخاص بك وعن صفحتك الشخصية علي مواقع التواصل الأجتماعي وتطبيقاته لذا أنت تتحمل كامل المسئولية القانونية عن محتوياتها. والاستخدام السئ لها قد يقودك للحبس أو الغرامة.

فالواقع الإلكتروني والعالم الافتراضي أفرز العديد من التجاوزات عن طريق الاستخدام غير المشروع لمواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاته، فتحول بعضها إلي الدعوة للأعتداء علي الحريات الشخصية وشرف الأشخاص واعتبارهم أو النظام العام أو الآداب العامة.

وتخضع جرائم النشر لمواد قانون العقوبات المادة 102 والمواد من 171 حتى المادة 191 وتكون عقوبتها الحبس والغرامة.

وتعتبر الاتهامات التى يمكن أن توجه لمرتادى مواقع التواصل الاجتماعى وتطبيقاته، هى السب والقذف والتشهير وانتهاك حرمة الحياة الخاصة وخصوصية الغير ونشر الأخبار الكاذبة، مما يدخل فى نطاق جرائم النشر أو غيرها وتضع مرتكبها تحت طائلة القانون.

وتزدحم المحاكم الاقتصادية في مصر باعتبارها الجهة المختصة بمحاكمة مرتكبي الجرائم عبر وسائل الاتصال، بآلاف القضايا والوقائع المتهم فيها مواطنين، لم يفعلوا سوى الاستخدام السئ لتطبيقات التواصل الاجتماعي في التعامل مع الأخرين، وفي مقدمتهم رسائل السب والقذف عبر "واتس آب". في الإساءة للآخرين، أو أرسل إلى حساباتهم محتوى كتابي يخدش الحياء والشرف ويتسبب عمدا في إزعاج المواطنين بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات. وهذه الوقائع تشكل جرائم تضع مرتكبها تحت طائلة القانون.

فإذا ما قام صاحب الشأن أو المصلحة بالإبلاغ عما يراه يعد جريمة السب والقذف والنيل شرفه واعتباره ، فيحق للنيابة العامة حينما تتيقن من صحة ارتكاب الواقعة وترى بها ما يخالف القانون أن تحيل الواقعة للقضاء ليحكم بما قرره القانون عقابا لهذه الجريمة.

وأثبت محضر جمع الاستدلالات الذي أعده ضباط الإدارة العامة للتوثيق والمعلومات بوزارة الداخلية، أن المتهم قام باستخدام تطبيق "واتس آب"  أو غيره من التطبيقات في إرسال عبارات سب وتهديد أصاب المجني عليه بأضرار أدبية ونفسية جسيمة، حيث تبين أنه استخدم خط مسجل باسمه وبيانات رقمه القومي في إنشاء حساب باسمه على التطبيق ومن ثم أرسل للمجني عليه عبارات سب وقذف .

ويكون هذا الشخص قد ارتكب الأفعال المؤثمة قانوناً وفقاً للمواد (1 ،  4/5 ، 6 ، 7/13، 1/70 ، 76 /2 ) من القانون 10 لسنة 2003، والمواد ( 166 مكرر، 171، 306 ) من قانون العقوبات.

وتنص المادة 2/76 من القانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، على أنه مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد عن 20 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات.

أن المشرع اشترط لقيام جريمة تعمد إزعاج أو مضايقة الغير توافر ركنين:-
 أولا: الركن "المادي" المتمثل في السلوك الصادر عن المتهم الذي من شأنه الإزعاج أو المضايقة، واشترط المشرع في ذلك السلوك أن يكون وسيلة إثباته من خلال أجهزة الاتصالات الخاصة بالمستخدم المتهم، وأن يترتب على ذلك السلوك إحداث إزعاج أو مضايقة للغير.

ثانياً: الركن "المعنوي" في القصد الجنائي العام من علم وإرادة المتهم في ارتكاب الجريمة بحق المجني عليه، وهو الثابت بعلمه بماهية فعله وأن استخدامه لأجهزة الاتصالات على ذلك النحو من شأنه إزعاج أو مضايقة غيره، فضلا عن اتجاه إرادته إلى إحداث النتيجة الإجرامية المتمثلة في إحداث ذلك الإزعاج أو تلك المضايقة.

جدير بالذكر أن المشرع جرم المعاكسات في حالة ما إذ وقعت عن طريق أي جهاز اتصالات، سواء كان التليفون أو الحاسب الآلي أو البريد الإلكتروني والرسائل أو الإنترنت، ومن المستقر عليه أن أي إزعاج أو مضايقة تتم عبر جميع هذه الأجهزة يشكل جريمة طبقا للمادة 76 في فقرتها الثانية من قانون الاتصالات، فمن يقوم بإرسال رسائل على شبكة الإنترنت أو على التليفون المحمول تتضمن إزعاجا أو مضايقة لمستقبلها يكون مرتكبا لهذه الجريمة.

كما تنص المادتين ( 25 ، 26 ) من القانون رقم 175 لسنة 2018، والخاص بـ«مكافحة جرائم تقنية المعلومات» واللتان يعاقبا بالحبس أو الغرامة أو كلى التهمتين على كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته.. وعلى كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.

وينص ذات القانون أيضاً على السماح للسلطات القضائية بالولوج إلى الهواتف المحمولة والأجهزة الإلتكرونية والمراسلات الخاصة بالمتهمين.

أن فلسفة القانون المصرى بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات تقوم على عقاب المجرم المعلوماتي وليس رقابيا على رقاب الناس. فيمنح  المواطنين الحرية في الفضاء الإلكتروني أيا كانت وسائله طالما كانت تلك الحرية تمارس في إطار القانون دون المساس بالأمن القومي للبلاد أو بسمعة المواطنين أو خرق حياتهم الخاصة بما يسيء إليهم فى ارتكاب أفعال السب والقذف والتشهير والابتزاز والإساءة.

ويعتبر أول تطبيق لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وهو حماية حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وكل اعتداء على المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري.

لذلك يجب الجميع حماية أنفسهم أثناء استخدام وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعى وتطبيقاته فلابد من الالتزام بالقانون وبالموضوعية والمصداقية لأن هذا يعني عدم التجريح أو التحريض أو السب والقذف أو نشر الأخبار الكاذبة.

ونهيب بالجميع المحافظة علي قيم المجمتع المصري الأصيل والحرص علي احترام الحياة الخاصة ، وعدم انتهاك خصوصية الغير، والالتزام بالأخلاق والآداب العامة.