دليل لقاحات كورونا: كل ما تريد معرفته عن الأنواع والآثار الجانبية وفوائد التطعيم

 

شكل فيروس كورونا (كوفيد-19) الذي اجتاح كوكب الأرض العام الماضي تهديدا كبيرا للجنس البشري، مع تسجيل بضعة ملايين من الوفيات، فيما ينظر إلى لقاحات كورونا المضادة للفيروس على أنها طوق النجاة من هذه الجائحة التي لا يعرف حتى الآن مصدرها الفعلي.

 

حتى يومنا هذا حصد "كورونا" حياة أكثر من 3 ملايين و800 ألف شخص حول العالم من بين أكثر من 176 مليونا و765 ألف مصاب حول العالم، بحسب موقع "وورلد ميتر".

 

وسابق العلماء الزمن من أجل تطوير لقاحات فعالة وآمنة ضد "كوفيد-19" خلال وقت قياسي، فكان الإعلان عن عدد من اللقاحات التي استخدمتها دول مختلفة بالعالم بنسب فاعلية مختلفة، مع بعض الآثار الجانبية.

 

وشهد العالم حملة تطعيم هي الأكبر في التاريخ، وحتى الآن تم إعطاء أكثر من 2.33 مليار جرعة لقاح في 176 دولة حول العالم، أي ما يوزاي 30 جرعة لكل 100 شخص، ما يعني وجود فجوة هائلة بين برامج التطعيم في الدول المختلفة.

 

أنواع لقاحات فيروس كورونا والفرق بينهم

وتعددت أنواع لقاحات فيروس كورونا التي ظهرت حتى الآن وجرى استخدامها بشكل موسع وتشمل لقاح "فايزر-بيونتيك"، و"سبوتنيك v" و"موديرنا" و"أسترازينيكا" و"سينوفارم".

 

ويختلف كل لقاح عن الآخر لاسيما فيما يتعلق بتركيبته وآلية عمله:

 

يعتمد اللقاح الذي تنتجه شركة "فايزر" الأمركية بالتعاون مع "بيونتيك" الألمانية على تقنية الحمض النووي الريبوزي (آر إن إيه)، تلك المادة الوراثية التي تحفز جسم الإنسان على إنتاج بروتينات مشابهة للموجودة على سطح الفيروس والهدف هو إنتاج الأجسام المضادة لمواجهة الفيروس الحقيقي حال مهاجمته للجسم.

 

وتتطلب سلامة اللقاح البقاء عند درجة حرارة تتراوح بين 60-80 درجة مئوية تحت الصفر، لحماية فاعلية المادة الفعالة، وهو ما حدى بـ "فايزر" إلى إنتاج حاويات خاصة لعملية حفظ ونقل اللقاح.

 

واللقاح وتم إعطاؤه للأشخاص من عمر 16 سنة وأكبر، وهو فعال بنسبة 91.3 % ويتم أخذ جرعتين من اللقاح بفارق زمني من أسبوعين إلى 3 أسابيع، وهو أول لقاح يحصل على موافقة منظمة الصحة العالمية للاستخدام الطارئ في يناير/كانون الثاني الماضي.

 

تنتجه شركة "موديرنا" الأمريكية بنفس التقنية التي يعتمد عليها لقاح فايزر (آر إن إيه)، إلا أنه يتميز عن الأخير بقدرته على تحمل درجة حرارة أعلى خلال التخزين والنقل تتراوح بين 15 - 25 درجة مئوية تحت الصفر، وحصل في مايو/آيار الماضي على موافقة منظمة الصحة العالمية، وهو فعال بنسبة 91.4%.

 

كان لروسيا السبق في الإعلان عن إنتاج أول لقاح مضاد لكورونا في العالم وذلك في شهر أغسطس/آب 2020، ليصبح لقاح "سبوتنيك V" الذي طوره "مركز غاماليا لأبحاث علوم الأوبئة"، منذ ذلك الوقت أحد أهم وأفضل 3 لقاحات في العالم.

 

اللقاح قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن العالم يمكنه الاعتماد عليه مثل الكلاشينكوف، في إشارة للبندقية الروسية الأكثر شهرة وانتشارا.

 

ويعتمد اللقاح الروسي على استخدام فيروس من النوع البارد المعدل وراثيا تم تصميمه بحيث يكون غير ضار كناقل يعمل على إيصال جزء صغير من فيروس كورونا إلى الجسم لتحفيز الاستجابة المناعية، والتعرف على فيروس "كوفيد-19" ومقاومته حال الإصابة به.

 

و"سبوتنيك V" عبارة عن جرعتين بفارق زمني 21 يوما، ويمكن تخزينه في ظروف أفضل من سابقيه عند درجة حرارة تتراوح بين 2 إلى 8 درجات مئوية، ونظرا لفعاليته العالية التي تتجاوز97% وسهولة نقله وتخزينه بات اللقاح متوفرا في أكثر من 67 دولة، وتراكمت الحجوزات عليه، لتعلن 20 شركة في 13 دولة البدء في إنتاجه داخلها.

 

ورغم استخدام العشرات من دول العالم للعقار وإجازته من قبل حكوماتها، لم يصدر بعد موافقة منظمة الصحة العالمية على الاستخدام الطارئ لـ "سبوتنيك V"، وسط ترجيحات بأن تكون تلك الخطوة وشيكة.

 

في مايو/آيار الماضي، سجلت روسيا لقاحا جديدا تحت اسم "سبوتنيك لايت"، أجازته عدد من الدول حول العالم، بينها البحرين ومنغوليا والأرجنتين ومنغوليا وفلسطين.

 

وأكدت وزارة الصحة الروسية آنذاك، أن جرعة واحدة فقط من اللقاح الجديد كافية لتحقيق استجابة مناعية قوية.

 

و"سبوتنيك لايت" لا يتطلب تخزينه أو نقله في ظروف خاصة، وتصل فعاليته بحسب صندوق الاستثمار الروسي إلى 79.4% منذ اليوم 28 بعد تلقي التطعيم، وذلك مقابل 97% لـ"سبوتنيكV".

 

ينتج بالتعاون بين شركة أسترازينيكا البريطانية السويدية وجامعة أكسفورد ويعتمد على حقن نسخة معدلة من فيروس البرد الشائعة لدى الشمبانزي، بعد إضافة جزء من شفرة كورونا الجينية إليها.

 

ويتم إعطاء اللقاح على شكل جرعتين مع فارق زمني 28 يوما، ويمكن تخزينه ونقله عند درجة حرارة تتراوح بين 2 إلى 8 درجات مئوية.

 

لقاحان أنتجتهما الصين ووافقت منظمة الصحة العالمية على استعمالهما في حالات الطوارئ، ويعتمدان في التصدي للوباء، على الطريقة التقليدية، أي الفيروس المعطل الذي تتم معالجته.

 

ويمكن تخزين اللقاحين الصينيين داخل الثلاجة العادية مع درجة حرارة تتراوح بين 2 و8 درجات مئوية مثل لقاحي "أسترازينيكا"، وتتراوح فاعلية اللقاحين بين 72.8 إلى 78.1%.

 

وبالنسبة للقاح سينوفارم فيتم التطعيم به على جرعتين بفاصل زمني 21 يوما، أما "سينوفاك" فيعطى هو الاخر على جرعتين مع فاصل من أسبوعين إلى أربعة أسابيع.

 

لقاح جونسون آند جونسون

هو لقاح أحادي الجرعة، يستخدم تقنية النواقل الفيروسية، عبر فيروس غدي يسمى "26"، وهو المسؤول عادة عن نزلات البرد لدى البشر، وليس لدى الشمبانزي كما في لقاح "أسترازينيكا"، مع استبدال جزء صغير من التعليمات الجينية لذلك الفيروس بجينات فيروس كورونا لتحفيز جهاز المناعة على تشكيل أَجسام مضادة تحمي الشخص حال التعرض الفعلي للكوفيد-19.

 

ويتم إعطاء جرعة واحدة فقط من اللقاح الذي تصل نسبة فاعليته إلى 76.7%. ووافقت منظمة الصحة في مارس/آذار الماضية على الاستخدام الطارئ للقاح  الذي يمكن تخزينه داخل المبردات العادية.

 

لقاحات كورونا لا تحمي الجميع من الإصابة بالوباء، إلا أن الثابت أنها تقي غالبية متلقيها من الإصابة بالأعراض الخطيرة للفيروس والتي قد تقود إلى الوفاة في نهاية الأمر.

 

يحول اللقاح دون نقل متلقيه العدوى- حال إصابته - إلى أشخاص آخرين، ويزيد عدد المحصنين من الوباء ويقيد انتشاره ما يساهم في الوصول إلى المناعة الجماعية أو كما تسمى "مناعة القطيع".

 

يقود تزايد عدد من تلقوا اللقاح حول العالم إلى تقييد عملية انتشار الفيروس وظهور المزيد من الطفرات والسلالات الجديدة منه.

تدوم المناعة ضد كورونا بعد تلقي اللقاح المضاد له لمدة 6 أشهر في المتوسط، وفق منظمة الصحة العالمية، التي قالت إن تلك المدة قد تمتد إلى عام.

تعزز لقاحات كورونا المناعة وتقوي الدفاعات الطبيعية للجسم.

 

ظهرت في الشهور الأخيرة العديد من الطفرات الجديدة الناجمة عن تحور فيروس كورونا، كالسلالة الهندية والجنوب إفريقية والبريطانية والبرازيلية، وغيرها.

 

وبحسب التقارير فإن بعض هذه السلالات أكثر انتشارا وذات أعراض إصابة أخطر وأشد من النسخة الأصلية، وأكثر قدرة على مقاومة اللقاحات، كما أنها لا تستثني الشباب والأصحاء من معادلة الفتك، كالسلالتين البرازيلية والهندية.

 

إلا أن منظمة الصحة العالمية، كشفت في بيان بتاريخ 20 مايو/آيار الماضي أن اللقاحات المتاحة حاليا فعالة ضد جميع النسخ المتحورة لفيروس كورونا المستجد.

 

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أعلنت الحكومة الروسية على لسان تاتيانا غوليكوفا نائبة رئيس الوزراء، أن اللقاحات الروسية تعمل بشكل فاعل ضد السلالة الهندية لفيروس كورونا المستجد.

 

تتشابه الأعراض الجانبية المصاحبة لهذه اللقاحات إلى حد بعيد رغم اختلاف التقطنيات المستخدمة في إنتاجها.

 

وبشكل عام يدور الحديث عن أعراض بسيطة سرعان ما تزول في غضون يومين كحد أقصى وتشمل الشعور بالألم في العضلات وتورم وإحمراء مكان الحقنة، مع ارتفاع بسيط في درجة الحرارة والشعور بصداع، وفي حالات نادرة يسبب اللقاح رد فعل تحسسي (anaphylaxis) بعد التطعيم مباشرة.

وردت تقارير عن تسبب بعض اللقاحات في جلطات خطيرة والتهاب في القلب بعد تلقيها، بحسب وسائل إعلام دولية.

 

ونهاية الأسبوع الماضي، بدأ مسؤولو الصحة في أمريكا التحقيق في تقارير تفيد بتسجيل إصابات أعلى من المتوقع بالتهاب القلب لدى شبان ومراهقين تلقوا الجرعة الثانية من لقاح "فايزر" و"موديرنا".

 

وخلال أبريل/نيسان بدأت العديد من الدول في إعلان تعليقها استخدام لقاح "جونسون آند جونسون"، ومن بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، وذلك بعد الإبلاغ عن إصابات بحلطات دموية نادرة.

 

كذلك دار الحديث مؤخرا عن جلطات دماغية غير معتادة حدثت لدى مجموعة من الأشخاص تلقوا جرعة واحدة من لقاح "أسترازينيكا". إلا أن وكالة الأدوية الأوروبية (EMA) قالت إنه "لم يُثبت ذلك بعد لكنه وارد".

 

فيما أكدت منظمة الصحة العالمية على عدم وجود دليل قاطع على حدوث إصابات بجلطات دموية بسبب لقاح أسترازينيكا. وجاء ذلك في ظل إعلان العديد من الدول في مارس/آذار الماضي تعليق استخدام اللقاح بشكل مؤقت بينها ألمانيا والنرويج وأيسلندا وبلغاريا والدنمارك وأيرلندا وهولندا.

 

يمكن أن يحدث ذلك بين جرعات اللقاح أو بعدها مباشرة، أو بعد انقصاء فترة المناعة التي يمنحها اللقاح والتي تصل إلى عام، لكن خلال هذه الفترة تقلل اللقاحات بشكل كبير فرص الإصابة بكورونا.

 

إذا كان الشخص يعاني من رد فعل تحسسي شديد لأي من مكونات اللقاح أو كان مريضا وقت التطعيم أو يعاني من أعراض كورونا أو ثبت إصابته بالوباء.

 

يمكن أن تظهر بعد المؤشرات الدالة على وجود تفاعل تحسسي تجاه اللفاح خلال الـ 24 ساعة الأولى من تلقي الجرعة الأولى وتشمل ضيق التنفس وتور العينيين أو الشفتين أو اللسان، وحدوث حكة وظهور إحمرار في مناطق مختلفة من الجسم، وفي هذه الحالة عليك طلب المساعدة الطبية في الحال.

 

كل ما يقال في هذا الصدد ليس سوى شائعات راجعت على مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يكون لها أي سند أو دليل علمي.

 

ليس هناك من ضمن لقاحات كورونا التي استعرضها التقرير ما يؤثر على الحمض النووي أو ما يسمى أيضا الحمض الخلوي الصبغي (DNA)،  حتى تقنية "الحمض النووي الريبوزي المرسال" (RNA) الذي تعتمد عليه بعض اللقاحات لا يمكنها على الإطلاق اختراق نواة الخلية حيث يتواجد الحمض الخلوي الصبغي.

 

يجمع الخبراء على أن المتافين من "كورونا" طوروا مناعة قوية ضد الوباء، وتقول دراسة نمساوية إن خطر الإصابة مجددا بكورونا تنخفض لديهم حتى الشهر الخامس بعد الإصابة، رغم أن بعض الدراسات تذهب إلى أنه بإمكان المتعافي من كورونا الحصوص على اللقاح بعد 90 يوما.