جمال رشدي يكتب
قررت مصر مؤخرا تعميم تطبيق اشتراطات البناء الجديدة ومنظومة التراخيص في جميع المحافظات، لتنظيم عملية البناء، والحد من المخالفات، ووضع اشتراطات لارتفاع المباني وفقا لمساحات الشوارع.
 
وقبل التطرق إلي شروط قانون البناء الجديد الذي بدأ تطبيقه في بداية شهر يوليو الجاري، أود أن اطرح ما لابد من الجنوح إليه وهو ما يخص المدن والأحياء من اشتراطات لهذا القانون، مع استثناء قري ونجوع مصر .
 
توجد فجوة كبيرة بين الثقافة البيئية للمسئول وبين متطلبات المواطن والشارع وثقافة التعاطي مع الأزمة،، والسبب يكمن في أن المسئول في الغالب لا يكون ابن الثقافة البيئية للشارع المصري، بل هو من نتاج العمل النظري الذي تلقاه عبر رحلته الدراسية منذ التحاقه بمرحلة الروضة أو الابتدائي إلي المرحلة الجامعية وما بعدها أن وجد، بجانب نشأته الاجتماعية التي في الغالب تكون خارج إطار الانصهار الاجتماعي للطبقة الوسطي المصرية  وما دونها، وهي ما تشكل أغلبية الشارع المصري.
 
وهذا ما ظهر خلال التعاطي مع المشاكل التي تخص المواطن في الآونة الأخيرة، ولذلك نطالب القيادة السياسية عند اختيارها للمسئول أي أن كان مهام وظيفته، أن تضع في الاعتبار السمات والصفات الخاصة بالثقافة البيئية ومدي تلاحمه مع الإحساس بمتطلبات الشارع المصري،،، ومثال علي ذلك وزير النقل الفريق كامل الوزير والدور الكبير الذي قام به في مسيرة التنمية الشاملة التي يقودها السيد الرئيس والسبب انه ابن الثقافة المصرية ومواطن من وسط الشارع المصري.
 
ورجوعًا إلي قانون البناء الجديد، فهل يعلم المسئولين أن معظم مدن وأحياء مصر هي امتداد للريف المصري؟ ولا يستثني من ذلك إلا المدن الجديدة ،، ومن هنا سأتجول بالسادة المسئولين مع المواطن البسيط منذ أن يفكر بناء منزل له إلي مرحلة التشطيب والسكن. 
 
ما اذكره هو في الغالب ما يتم في معظم أنحاء مصر،، يقوم المواطن برحلة نضال وكفاح مرير من اجل تحقيق حلم بسيط وهو مكان يأوي أسرته،، البداية عند الشراء وهو كيفية تجميع المبلغ في الغالب يقوم ببيع أي شئ من ممتلكاته أن وجد، ربما تكون قطعة ارض زراعية مع دهب زوجته  مع جمعيات  مالية مع أصدقائه أن كان موظف أو سلفه من العمل أو من الأقارب والأصدقاء، كل ذلك يمثل مقدم من مبلغ قطعة الأرض وربما يستمر سنوات في التقسيط ،، طريق قياس مساحة الأرض تقريبًا وفي الغالب تقون بالقيراط ومتوسط الشراء أيضا في الغالب لا يتعدي نصف قيراط ما يقارب 85 م2 شامل الشوارع تلك المساحة تمثل غالبية المباني في مصر سواء داخل الإحياء والمدن أو الفري والنجوع.
 
وسؤالي الان لأي مسئول يتصدر المشهد،،، هل تعلم أن عمر المواطن البسيط يمثل زمن شراء الأرض إلي إكمال عملية البناء والتي تستغرق الكثير من السنوات،، فأي شروط تطرحها أيها المسئول لتطبيقها علي المواطن،، لابد أن تراعي فيها ما ذكرته من جوانب بيئية واجتماعية وثقافية ومالية.
 
ومن بعض الشكاوي التي وصلتني من المواطنين البسطاء أن اشتراطات قانون البناء يتطلب أن تكون واجهة المبني 8.5 م2 وأنا اجزم أن 50% من مباني مصر اقل من تلك الواجهة، وهنا المعضلة الرئيسية التي ستواجه القائمين علي تطبيق القانون. 
 
أما المعضلة الاخري هي البيروقراطية الثقافية التي تسيطر علي فكر وثقافة المسئولين،، في رحلة العذاب الخاصة بالحصول علي عقد مشهر ورخصة البناء بين عديد من الجهات، التي اجزم وبكل تأكيد ستتعامل بنفس ثقافة الفساد القائمة في وزارة التنمية المحلية.
 
وفي هذا المقال أطالب المسئولين عدم تعميم القانون بسبب اختلاف وتفاوت المستويات الاجتماعية والبيئية بين مناطق الجمهورية،،،، فلابد من إعادة النظر في مساحة الواجهة التي حددها القانون ب 8.5% لأن معظم المساحات ستكون اقل من ذلك مع إيجاد طريقة أخري مبسطة تساعد المواطن علي رخصة البناء.