الأب رفيق جريش
الثورات دائمًا ما تحتوى على كثير من الأسرار ومن التفاصيل التى لا يعرفها كل الشعب، فالشعب ينظر فى الوهلة الأولى – التى قد تقصر وتطول – إلى النتائج وغالبًا تكون خلع حكم مستبد وإقامة حكم يكون الشعب راضيا عنه. إما النظرة الثانية والثالثة والمدققة تكون من نصيب المؤرخين والأكاديميين والباحثين الذين يهتمون بالتفاصيل الصغيرة وكيف صُنعت الثورة.
ثورة 30 يونيو 2013 ليست استثناء من هذه القاعدة فالشعب خلع نظام الإخوان بعد سنة من الفشل الذريع فى كل مناحى الحياة وإدارة الدولة والانقلاب على الدستور والقانون لصالح «الجماعة» فى الداخل وتنظيمهم الدولى فى الخارج، فهدفهم كان تذويب مصر الدولة لفتح الطريق لتحقيق دولة الخلافة ولكن مصر وشعبها التى هى من أقدم دول العالم ذات حضارة 7000 سنة كانت عصية وصعبة المنال، فشعبها بفطرته شعر لبأن دولته فى خطر فهب لحمايتها فخرج الملايين من شعبها للدفاع عنها وعن حضارتها وعن قيمها، والجيش المصرى مع الشرطة حموا هذه الثورة الشعبية غير مبالين بالصعاب فشعب مصر أولًا وأخيرًا.
لذلك فى العصر الحالى، عصر الصورة والخبر السريع. من المهم أن نوثق أحداث هذه الثورة الشعبية توثيقًا دقيقًا ليس فقط توثيقًا أكاديميًا بحثيًا ولكن توثيقها فى ذاكرة الشعب خاصة جيل الشباب، الذى ربما شاهد الثورة وعاشها وحمل الإعلام مع عائلته لكن ربما لا يعرف بحق ماذا جرى. وذلك حتى نقى جيل المستقبل أن يقع فى نفس الأخطاء التى وقع فيها الجيل الأكبر ربما بحسن نية أو ربما بسوء نية، وبالأحرى حسب لعبة المصالح للبعض.
ثورة 30 يونيو 2013 لماذا تمت؟ هذا هو درس العمر الذى لا يجب أن ينسى أو يتم إغفاله، خاصة أن الخصم كالثعبان لا يستسلم بل يلتوى ويتلون ويغير جلده ولا يبالى بالضحايا الذين يعتبرهم الأضاحى من أجل الهدف الأسمى من وجهة نظره ومصالحه.
لنا درس فى ثورة 23 يوليو 1952 رغم اختلاف الظروف واختلاف الزمن ولكن إلى اليوم الأكاديميون والباحثون يحللون هذه الثورة ومن قاموا بها، وكل يوم تظهر كتب ومذكرات رغم مرور ما يقرب من الـ70 عامًا.
ولأن 30 يونيو'> ثورة 30 يونيو 2013 هى ثورة شعبية بكل المقاييس وأسبابها كبيرة وظروفها السياسية معقدة والقوى الأجنبية حاولت القضاء عليها. بنفى أنها ثورة شعبية وليست انقلابًا لكل هذه الأسباب وربما غيرها التوثيق لذاكرة الشعب فى هذه الحالة مهم جنبًا إلى جنب مع التوثيق الأكاديمى والبحثى الذى سيبحث فيما وراء الكواليس ما دامت النتائج أصبحت معروفة ومشرفة لأى شعب حر.
كما يأتى دور وسائل الإعلام التى عندها آلاف التسجيلات ليس فقط لاستعمالها فى مناسبة مرة فى العام ولكن بتواتر حتى لا ينسى الشعب ماذا صنع بعمل يديه.
نقلا عن المصرى اليوم