د. حازم حسني
تابعت باهتمام جلسة مجلس الأمن الليلة الماضية رغم عدم تفاؤلى بأى قرارات يمكن أن تصدر عن المجلس، بل وعدم تفاؤلى بأى حلول ديبلوماسية أو عسكرية لأزمة نهر النيل؛ فشروط نجاح هذه الحلول الديبلوماسية والعسكرية غائبة، ولم نعمل خلال السنوات والعقود الماضية على تغييرها لصالحنا، ولا ألوم فى ذلك وزارة الخارجية المصرية
يعنينى من بين الكلمات التى ألقيت أمس كلمتا وزير الخارجية المصرى ووزير المياه والطاقة الإثيوبى .. كانت كلمة الوزير الإثيوبى مليئة بالمراوغات والأكاذيب والمغالطات التاريخية والموضوعية، فى حين جاءت كلمة وزير الخارجية المصرى قوية، ومعبرة عن أزمة جيوسياسية وجيوستراتيجية لا عن مجرد أزمة فنية كما أرادها الجانب الإثيوبى أن تكون
للأسف، فإن قوة الكلمة التى ألقاها وزير الخارجية المصرى أمس بدت لى قوة متأخرة بنحو سبع سنوات على الأقل، فقد كان موعدها قبل توقيع اتفاق المبادئ سنة 2015، إذ لم نخاطب أديس أبابا وقتها بلغة سياسية واستراتيجية، بل بلغة فنية، استدرجتنا إليها أديس أبابا، وناور بها الوزير الإثيوبى فى كلمته
نوايا أديس أبابا لم تكن تخفى على أحد منذ ما قبل ثورة يناير 2011 التى يحلو للنظام أن ينسب إليها كل إخفاق فى إدارة ملفاتنا الوجودية ... أديس أبابا بدأت تحركاتها بخصوص امتلاك أوراق القوة التفاوضية، والقدرة على المناورة، قبل هذا التاريخ بسنوات
تحركات أديس أبابا السابقة لثورة يناير 2011 كانت تتطلب منا - قبل التوقيع على اتفاق المبادئ سنة 2015 - تفعيل عقل مصر السياسى والاستراتيجى بالتأكيد على أن النيل نهر دولى، لمجراه أبعاد جيوسياسية وجيوستراتيجية، لا مجرد نهر محلى يخضع لسيادة أديس أبابا التى نجحت فى تحويله لقضية فنية بموافقتنا وتوقيعنا
ما زلت أومن بأن مصر تمتلك - رغم كل الإخفاقات السياسية والاستراتيجية - أوراقاً مهمة لتغيير موازين القوة لصالحها فى مواجهة كل أزماتنا الوجودية؛ بيد أن هذا يتطلب بداهة تغييرات على مستوى الرؤى والاهتمامات وترتيب الأولويات، وعلى مستوى العقل السياسى والاستراتيجى الذى يدير ملفات مصر الوجودية
رب ضارة نافعة، وعلها تكون اللحظة التاريخية المناسبة لامتلاك مؤسسات الدولة زمام الدفة قبل أن تجرفنا رياح التاريخ إلى حيث يكون هلاكنا إذا ما بقيت الأمور تسير على ما هى عليه ... وكلى ثقة فى أن مؤسسات الدولة المصرية تمتلك - رغم كل ما أصابها - القدرة على الإمساك بالدفة على وجهها الصحيح