عقيل: العمليات الإرهابية تساهم في تقويض وتأخير فرص التنمية المستدامة، ولابد من إيجاد طرق جديدة وفعالة للتعامل مع الظاهرة
شريف عبد الحميد: لابد من وضع قاعدة بيانات عن الإرهاب بالمنطقة العربية للحد من الظاهرة وتتبعها بشكل علمي صحيح
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقرير ربع سنوي عن ظاهرة الإرهاب في المنطقة العربية، يرصد كافة العمليات الإرهابية والأنشطة المرتبطة بها والتفاعلات داخل الجماعات الإرهابية خلال الفترة من إبريل وإلى يونيو 2021، واعتمد التقرير في تتبعه للعمليات الإرهابية على أكثر من منهج بحثي واستقصائي في عمليتي الرصد والتحليل بهدف تحقيق أكبر استفادة ممكنة والخروج بأدق النتائج.
تناول التقرير الذي يحمل عنوان "مؤشر الإرهاب في المنطقة العربية"، تطور النشاط الإرهابي في المنطقة العربية خلال الربع الثاني من عام 2021 (إبريل – يونيو 2021)، حيث أوضح التقرير ارتفاع معدلات العمليات الإرهابية في المنطقة العربية خلال الربع الثاني من هذا العام، مقارنة بالربع الأول من نفس العام حيث رصد التقرير ما يربو علي 212 عملية إرهابية، مقارنة بنحو 169 عملية إرهابية في الثلاثة شهور الأولي من العام الجاري.
وأشار التقرير إلى أن عدد كبير من العمليات الإرهابية وقعت في دول مٌمزقة، أما نتيجة النزاعات المسلحة المستمرة كما هو الحال في الصومال وسوريا واليمن، أو دولاً تٌعد طرفاً في نزاع مسلح كما هو الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي استهدفتها جماعة الحوثيين الموالية لإيران بنحو 44 عملية إرهابية أو دول تعاني من استقطاب سياسي حاد، وثغرات أمنية واضحة كحالة العراق.
واستعرض التقرير أكثر الدول تأثرا بالعمليات الإرهابية خلال الثلاث الأشهر الماضية وهم 9 دول، حيث جاءت العراق في طليعة الدول التي تأثرت بالعمليات الإرهابية بنحو 72 عملية إرهابية، ومن ثم المملكة العربية السعودية بما يربو على 44 عملية إرهابية، يليها الصومال بواقع 41 هجومًا إرهابيًا، ومن ثم سوريا بواقع 26 هجومًا إرهابيًا، ثم اليمن بواقع 19 عملية إرهابية، ويتبعها ليبيا بواقع 5 هجمات إرهابية، وبعد ذلك تونس بنحو 3 عمليات إرهابية، ثم تأتي كلا من السودان ومصر بواقع عملية إرهابية واحدة لكل منهما. في المقابل لم تتأثر 13 دول عربية أخرى بوجود عمليات إرهابية وهم؛ الإمارات، وٌعمان والكويت، وقطر والمغرب، والجزائر والأردن، وجيبوتي وموريتانيا وجزر القمر وفلسطين، ولبنان وأخيرا مملكة البحرين.
أما في سياق أعداد القتلى، كشف التقرير عن مجيء الصومال في طليعة الدول من حيث عدد القتلى بواقع 185 قتيلًا، يليها، سوريا بنحو 81 قتيلا، ويليها اليمن بواقع 75 قتيلًا، ثم العراق بواقع 68 قتيلًا، والسودان بواقع 7 لقي مصرعهم نتيجة العمليات الإرهابية، وليبيا التي كان ضحايا الاعتداءات الإرهابية فيها خمسة أشخاص، وفي الأخير كل من تونس ومصر الذي راح ضحية الإرهاب فرداً واحد في كل دول منهما.
وقد جاءت جماعة الحوثيين في مقدمة التنظيمات التي تبنت عمليات إرهابية خلال فترة التقرير، بواقع (57) عملية إرهابية، نفذتها الجماعة في اليمن وفي اتجاه الأهداف المدنية والعسكرية في المملكة العربية السعودية، وجاء تنظيم داعش كثاني جماعة تتبنى عمليات إرهابية بنحو 47 عملية إرهابية تركزت غالبيتها في العراق وسوريا، وتلاه حركة الشباب في الصومال بنحو (32) عملية إرهابية فيما تبنى تنظيم القاعدة الذي على ما يبدو أنه يستعد لنشاط أكبر خلال المستقبل القريب 5 عمليات إرهابية وتبنت مليشيا عصائب أهل الحق في العراق وتنظيم أجناد الخلافة في تونس وميليشيا فرسان جنزو في ليبيا وهيئة تحرير الشام وتنظيم ولاية سيناء عملية إرهابية واحدة.
فيما نٌسبت نحو 61 عملية إرهابية لمجهولون وفصائل موالية للميليشيات الإيرانية في العراق.
من جانبه قال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أن ظاهرة الإرهاب تمثل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وفي المنطقة العربية يُعد بمثابة تهديد رئيسي ضد المدنيين، نظراً لما تمارسه الجماعات المسلحة في هذه المنطقة من ترهيب وعنف عشوائي لتحقيق أهداف سياسية، مدفوعة في بعض الأحيان بتوجهات خارجية، خاصة وأن هذه الجماعات لا تأبي بالخسائر البشرية والمادية التي يتضرر منها المدنيين في المقام الأول وتساهم في تقويض وتأخير فرص التنمية في الدول المستهدفة بالعمليات الإرهابية. وأضاف عقيل إن الإرهاب يشغل حيزاً لا يمكن صرف النظر عنه من اهتمام وخطط الحكومات العربية على اختلافها، لما يسببه من إزهاق أرواح العسكريين والمدنيين على حد سواء، وتدمير المنشآت العامة والخاصة، وتهديد المجتمع بكل فئاته من خلال بث الخوف والرعب في نفوس أفراده، ويجد المواطن العربي نفسه بين مقصلة الإرهاب والتطرف العنيف من ناحية، وبين تبعات الإجراءات الحكومية التي تُتخذ لمكافحة الإرهاب والتي في الغالب ما تنطوي على تقييد حتي لو غير مقصود للحقوق والحريات العامة من ناحية أخرى.
وكشف عقيل بأنه على الرغم من الكٌلفة الكبيرة لمكافحة الإرهاب ومعالجته على نحو يقطع من أوصاله، لكن تكلفة زيادة معدلات العمليات الإرهابية وعدم معالجة الظاهرة أكبر بكثير، سواء اقتصاديا أو اجتماعياً أو أمنيا لذلك فمن الضرورة القصوى، العمل على إيجاد طرائق جديدة وفعالة في التعامل مع ظاهرة الإرهاب.
بينما قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت بأنه على الرغم من جهود مكافحة الإرهاب والعمليات الاستباقية التي يٌعلن عنها لتحجيم الإرهاب وقياداته في طيف واسع من الدول العربية، لا تزال الجماعات المتطرفة لاسيما داعش وحركة الشباب الصومالية وجماعة الحوثيين وتنظيم القاعدة الذي عاود الظهور من جديد في اليمن بعد أن خٌفت دوره في الشهور السابقة، لا تزال قادرة على المناورة من خلال مباغتة قوات الأمن، وقدرتها على تجنيد الشباب والأطفال لاسيما على شبكة الأنترنت، والبحث عن مصادر تمويل جديدة تمنحها قدرة على إعادة تكييف أوضاعها والصمود لفترة أطول.
وأشار عبد الحميد بأنه وعلى الرغم من إن تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة الناشطة في المنطقة العربية لم تعد تٌسيطر على الأراضي في الدول التي تٌنفذ فيها العمليات الإرهابية مثلما كان الآمر قبل فقدان داعش آخر معاقله في العراق وسوريا، إلا أن تهديد هذه الجماعات لا يزال قائما، حيث مازالت هذه التنظيمات قادرة على تخطيط وتنفيذ عمليات جديدة، وحشد المزيد من الدعم والتمويل وتجنيد المقاتلين، رغم جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها الدول العربية في هذا السياق.
وطالب عبد الحميد بضرورة إنشاء قواعد بيانات مٌكتملة عن الإرهاب في المنطقة العربية للحد من آثار الظاهرة وتتبعها بشكل علمي صحيح، لأن نقصان المعلومات والبيانات الخاصة بظاهرة الإرهاب، وتسييس هذه البيانات في أحيان أخري من الممكن أن يترتب عليه إساءة معالجة الظاهرة وبالتالي زيادة معدلات الإرهاب والجرائم المرتبطة به، وعدم وضع الخطط والبرامج الإصلاحية المناسبة لمعالجته. ويُعد وجود قاعدة بيانات عن الإرهاب مطلباً اساسياً لقياس مستوى الأمن العربي، والخوف من الإرهاب، وقياس مستوياته وأنواعه، وأسبابه.
للاطلاع علي كامل التقرير يرجي زيارة الرابط التالي : https://www.maatpeace.org/ar/?p=33351