شئنا أم أبينا، يفترض الخبراء أنه ليس من الممكن القضاء على فيروس كورونا في الوقت الحالي.
ولكن هل يعني ذلك أنه سوف يتعين علينا الاستمرار في العيش تحت ظلال "كوفيد -19" مثلما حدث خلال الأشهر الـ18 الماضية؟
وقد تعامل فريق من العلماء مؤخرا مع هذا السؤال في مقال نُشر بدورية "نيتشر"، بدأوا فيه بقدر كبير من التفاؤل، حيث قالوا إن أي تصور واقعي للوضع في المستقبل يتمثل في أنه سوف يتم السيطرة على الوباء بفضل الجهود العالمية فيما يتعلق بالتطعيمات.
ومع ذلك، فإنه وفقا لما ذكره فريق العلماء في مقالهم، ستظل هناك تطورات وشكوك لا يمكن التنبؤ بها في الوقت الحالي.
ومن بين السيناريوهات الثلاثة التي يمكن تصورها والتي طرحها فريق العلماء، هناك سيناريو مثير للقلق بشكل خاص، وهو أن البشرية لن تكون قادرة على السيطرة على الوباء بقدر كاف من السرعة، وسوف تستمر في المستقبل في التعامل مع مسارات عنيفة للمرض ومعدلات إصابة مرتفعة، وهو ما يمكن بدوره أن يساعد على حدوث المزيد من التطور للفيروس.
أما السيناريو الثاني، وهو الأكثر احتمالا، فهو أن الفيروس سوف يصبح مرضا موسميا شأنه شأن الإنفلونزا.
وفي هذه الحالة، من الممكن أن تساعد العلاجات الفعالة، مثل الأجسام المضادة التي يتم تصنيعها في المختبرات، في الحد بصورة كبيرة من قوة المرض ومعدلات دخول الحالات للمستشفيات وأعداد الوفيات، بحسب ما كتبه فريق العلماء.
وأضافوا أن الإنفلونزا العادية، التي قد تبدو غير ضارة بالنسبة للبعض، مازالت مرتبطة بمئات الآلاف من حالات الوفاة التي يتم تسجيلها سنويا في جميع أنحاء العالم، و أن "هذا عبء صحي كبير للغاية، يعادل رؤية متفائلة نسبيا لمستقبل وباء كورونا".
أما الخيار الثالث، وهو الأكثر تفاؤلا، هو تحول فيروس كورونا إلى مرض له أعراض أقل حدة، شبيه بالفيروسات الأخرى الموجودة ضمن عائلة فيروس كورونا، والتي من الممكن أن تتسبب في حدوث أمراض مثل نزلات البرد. ومع ذلك، يؤكد فريق العلماء عدة مرات على أنه من غير الممكن التنبؤ بشكل قاطع بما إذا كان فيروس كورونا سيتخذ مسارا أكثر أو أقل خطورة بينما يتكيف بصورة أكبر مع الأشخاص.
ويقول فريق العلماء إنه على أي حال ليس هناك فرصة بأن يبدأ فيروس كورونا في التحول في نهاية الأمر ليصبح مجرد أحد مسببات الأمراض، تصحبه أعراضا أقل حدة حتى تكون هناك مناعة على نطاق أوسع بين السكان.
ويشير فريق العلماء إلى جائحة الإنفلونزا التي شهدها العالم في عام 1918: حيث كان من الممكن أن تستمر السلالات المسببة لمرض "إتش 1 إن 1" في إحداث أوبئة تستمر حتى خمسينيات القرن الماضي.
ويضيف العلماء أن ظهور تحورات جديدة لكورونا ما زال يزال يمكنها التأثير على الحاصلين على اللقاح والمتعافين، مازال يمثل خطرا. وحتى في ظل استمرار حملات التطعيمات في جميع أنحاء العالم، مازال هناك الكثير من الأماكن التي مازال الوباء فيها بعيدا عن السيطرة، مما يزيد من خطر ظهور المزيد من التنوع الفيروسي. وسوف يكون امتلاك القدرة على التنبؤ بمثل هذه التطورات باستخدام آليات جديدة، أمرا مفيدا.
وكما أشار فريق العلماء ، فإنه حتى الآن، ظهر فقط عدد محدود نسبيا من تحورات الفيروس، بصورة مستقلة عن بعضها البعض في سلالات متعددة، مما يشير إلى حدوث تطور متقارب، وربما مقيد، لفيروس كورونا.
ويؤيد هذه النقطة عالم الفيروسات الألماني، كريستيان دروستن.
حيث قال لمجلة "ريبوبليك"الالكترونية السويسرية مؤخرا: "من وجهة نظر فيروسية، هناك أسباب وجيهة لافتراض أنه ليس لدى فيروس كورونا ما هو أكثر مما استطاع إظهاره لنا حتى الآن"، مضيفا أنه يتوقع أن يصبح فيروس كورونا مثل فيروس عادي مسبب لنزلات البرد في المستقبل.
ويقول دروستن إنه يجب توقع مرحلة انتقالية خلال العامين إلى الأربعة أعوام المقبلة، وإن الفيروس سوف يستغل الفجوات التي تطرأ على معدلات التطعيمات.