في مثل هذا اليوم 27 يوليو 1954م..
سامح جميل
إتفاقية جلاء المملكة المتحدة عن مصر 1953، هي اتفاقية وقعت في 19 أكتوبر 1954 بين جمال عبد الناصر كرئيس وزراء مصر وأنتوني ناتنج، وزير الدولة للشئون الخارجية البريطاني وتقضي بجلاء البريطانيين بالكامل عن مصر في غضون عشرين شهر من توقيع الإتفاقية، وإنقضاء معاهدة التحالف التي كانت قد وقعت في لندن في عام 1936، وأن تقر الحكومتان المتعاقدتان بأنقناة السويس البحرية المصرية، طريق مائى له أهميته الدولية من النواحى الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، وتعربان عن تصميمهما على احترام الاتفاقية التى تكفل حرية الملاحة في القناة الموقع عليها في القسطنطينية في 29 أكتوبر سنة 1888. وفي 18 يونيو 1956 تم إجلاء آخر جندي بريطاني عن مصر وألغيت الملكية وأعلن قيام النظام الجمهوري.
في مثل هذا اليوم من عام 1954 تم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الجلاء البريطاني عن مصر، فعندما اندلعت الثورة في 23 يوليو 1952، كانت السيطرة البريطانية محكمة على البلاد.
وكانت بريطانيا طرفا في صراع مع مصر امتد منذ الاحتلال البريطاني في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، واشتد مع تصاعد الحركة الوطنية المصرية بعد الحرب العالمية الأولى، التي قادت إلى ثورة 1919 وما نتج عنها من استقلال اسمي لمصر في عام 1922، ولكن ذلك لم يمنع من استمرار هذا الصراع حول تمكين الحكم الدستوري وتحقيق الجلاء.
وبعد قيام ثورة يوليو 1952 أصبح هذا الصراع اشد ضراوة ووصل إلى مؤامرة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ودخلت الثورة بعد قيامها بعدة اشهر في مفاوضات مع الحكومة البريطانية تتعلق بالوضع في السودان والجلاء عن مصر، هاتان القضيتان اللتان ظلتا محورًا للحركة الوطنية المصرية منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى، وجرت حولهما مفاوضات متعددة وصلت إلى طريق مسدود.
وحدثت مفاوضات الجلاء عام 1953 بعد توقيع اتفاقية السودان مباشرة، وكشفت عن التناقض في أهداف كل من الطرفين المتفاوضين، فقد كان هدف مصر النهائي من هذه المفاوضات هو توقيع اتفاقية تضمن جلاء القوات البريطانية عن منطقة قناة السويس، بينما كانت بريطانيا تهدف إلى ضم مصر إلى التحالف الغربي المناهض للاتحاد السوفييتي تحت ذريعة الدفاع عن الشرق الأوسط، في محاولة منها للحصول على غطاء شرعي يضمن بقاء القوات البريطانية في منطقة القناة.
وتكشف الوثائق البريطانية عن وجود اتصالات إسرائيلية بريطانية من أجل تنسيق المواقف فيما بينهما فيما يتعلق بالمفاوضات مع مصر.
وأبدت إسرائيل في هذه الاتصالات قلقها العميق من جلاء القوات البريطانية عن قاعدة قناة السويس، وطالبت بضرورة أن يتم التشاور معها قبل توقيع أي اتفاقية مع مصر، حيث ظهر أن إسرائيل كانت تعتبر الوجود العسكري البريطاني في منطقة القناة بمثابة المنطقة العازلة بينها وبين الجيش المصري.!!