محمد ابو قمر
أظن إن السادات مكنش مدرك أوي لآثار تحالفه مع الاسلام السياسي سواء عليه هو شخصيا أو علي الشعب المصري ، لما اتحالف معاهم وفتح الباب للصحوة ومنحها حرية التحرك والعمل وتوسيع القواعد إللي حصل إن الخلقة المصرية اتشوهت ، مش بس اتشوهت المعارف ، ومش بس اتعجن الوعي المصري بنفسه وبالعالم وحتي بدينه وبخالقه ، ومش بس اتشوهت الأخلاق واختل ميزان القيم ، مش بس كده ، الحلقة المصرية نفسها اتشوهت ، سحنة الناس إللي الصحوة عصفت بهم اتغيرت ، وش الشخص اتبلط مبقاش فيه معالم ، كنت تبص في خلقة الناس إللي قاعدة قدام إمام الدكة يتهيألك إنه بيسمع ببؤه مش بودانه وتلاقي علي سحنته ابتسامة ملهاش أي معني لا هي صفرا ولا خضرا ولا حتي بني ، يتهيألك إنه بيبتسم لحاجه هو مش شايفها.

الصحوة ملعبتش بس في الوجدان ولا فرغت عقل البني آدم بس من محتواه ، الصحوة لعبت في الخلقة ، سفلتت السحنة ، وحطت في بؤ الناس تعبيرات عجيبة يفاجأك بها الشخص الذي دمرته الصحوة ردا علي أي كلام إنت بتقولهوله وردا علي أي سؤال إنت بتطرحه عليه ، الناس من تأثير الصحوة فقدت حتي معرفتها بنفسها ، فقدت الثقة في إمكانتها... كله علي الله....محدش واخد منها حاجه....كله مكتوب...هو حد يقدر يعمل لنفسه حاجه...كله بتدبير ربك ، الكلام ده مظهره ديني لا غبار عليه ، عادي ، لكن هجمة الصحوة كان هدفها وهي بتحط التعبيرات دي في ضمائر الناس إن الناس ترمي حمولها علي المشايخ وتؤمن بوساطتهم ووصايتهم ، ودلالة التعبيرات دي هي إن الناس خلاص فقدوا مسؤلياتهم عن أنفسهم ، وفقدوا قدرتهم علي فعل ما يجعل حياتهم أفضل ، وفقدوا حتي صلتهم بخالقهم ، ولم يعودوا يعرفون أن السعي في الحياة والإبداع والابتكار وبذل كل الجهد إلي حد المشقة هو الهدف النهائي للوجود وهو السبيل الأوحد لاكتساب وصف الانسان المؤمن.

السادات كان فاكر بس إنه بتحالفه مع هذه القوي الظلامية هايحل معضلة السلطة ويهزم مناوئيه ، لكنه مكنش فاهم حجم الكارثة إللي هاتحل عليه وعلي المصريين من هذه الخطوة الغبية التي كانت بمثابة جريمة أبشع من جريمة الارهاب ، فالارهاب يقتل ويفجر ويذبح ويخرب لكنه لا يستطيع أن يمحو الأمل ، لكن جريمة السادات هذه شوهت الناس وأثرت علي أرواحهم وغيرت حتي التواريخ.

نحن هنا الآن وقد صرنا مدركين لحجم ما حل بنا من كوارث ، وصرنا نعرف من هؤلاء الذين عبثوا في أرواحنا وأفسدوا علينا حياتنا وفصلونا حتي عن مسيرة الزمن ، وها نحن نحاول استعادة سحناتنا التي فارقتنا ، ثم إننا نحاول الآن استعادة الآمال التي صادروها ، سندعهم يتكلمون وسنبدأ نحن رحلة استعادة إنسانيتنا.